أكثر ما يمتاز به تاريخ الفلاح اليمني خلال القرون الماضية، هو مناجزة الطغاة، ومجالدة الغزاة، حتى أوشكت المواجهات المتواصلة تشكل عامل توازن نفسي داخل المجتمع. أكثر ما يمتاز به تاريخ الفلاح اليمني خلال القرون الماضية، هو مناجزة الطغاة، ومجالدة الغزاة، حتى أوشكت المواجهات المتواصلة تشكل عامل توازن نفسي داخل المجتمع.
وللأسف فإن كل أنظمة الحكم ومعها قوى المجتمع المختلفة التي عرفتها البلاد خلال قرون متواصلة إلا من فلتات لم يكتب لها البقاء، لم تعمل على وضع حد للصراعات، وعدم تكرارها مستقبلا، لكنها استغلت حيوية المجتمع وافرغتها في الحروب على السلطة، وفي أوقات عديدة الاستحواذ على بقعة جغرافية محدودة.
لقد تمكن مكاربة وملوك وتبابعة اليمن القديم من استثمار طاقة الانسان اليمني واشباع نزعته في مغالبة الصعاب، وتوجيهها في البناء والعمران، ولو وجدت البلد في هذا الظرف التاريخي قيادة سياسية رشيدة فإن الفلاح والعامل والتاجر اليمني سوف يعمر أرض السعيدة، كما عمرها اباؤه الأولون بناة سبأ وحضرموت وحمير.
فاليمن وإن كانت فقدت انجاز العمل المبدع، بسبب ديمومة واستمرار عوامل الاضطراب، لكنها لم تفقده القدرة على اتيانه.
الصراعات المستمرة والتسامح المجتمعي
تعد التقلبات السياسية، والصراعات المستمرة حول السلطة، بين القوى السياسية والاجتماعية والدينية ظاهرة ملازمة لتاريخنا اليمني عبر القرون، وقد أصابت اليمن بالنكبات، وجرعت الشعب الويلات، واوردته المهالك، ورغم تتابعها وتواليها غير أن اليمنيين لم يضعوا لها حداً يجنبهم معاناتها وتكرار فصولها المأساوية، الشئ الوحيد الذي تعلموه من كل ذلك هو التسامح الذي نجده حاضراً في الوجدان اليمني، وكسر حدة التطرف بين أطياف المجتمع ذات الميولات والولاءات السياسية المختلفة، والانتماءات المناطقية والمذهبية المتعددة، مع كل مصالحة يتم تحقيقها.