آراء ومواقف

سوريا.. التقسيم أم الجحيم ؟

مهنا الحبيل

نكتب في الساعات الأولى من الهدنة، والروس يرتكبون خلالها المذابح ضد المدنيين، وهو أمرٌ متوقع كون موسكو لا تريد الهدنة إلا لخلق مساحة مناورة سياسية، تخدمها إعلاميا، وتسخّرها لإقناع أطراف أخرى بتجاوبها السياسي، لوقف أي عمل قد يُشكّل إزعاجا لها، في حين تلعب واشنطن على نفس هذا الإيقاع دون أي تغيير فعلي على الأرض.

نكتب في الساعات الأولى من الهدنة، والروس يرتكبون خلالها المذابح ضد المدنيين، وهو أمرٌ متوقع كون موسكو لا تريد الهدنة إلا لخلق مساحة مناورة سياسية، تخدمها إعلاميا، وتسخّرها لإقناع أطراف أخرى بتجاوبها السياسي، لوقف أي عمل قد يُشكّل إزعاجا لها، في حين تلعب واشنطن على نفس هذا الإيقاع دون أي تغيير فعلي على الأرض.
وتقدم التحالف الروسي الإيراني العسكري على الأرض الذي يحتضن النظام كليا، يحظى برضوخ أو تفهم أو تأييد غربي وأميركي، وتقاطع مهم للغاية مع الأمن الإسرائيلي، المشارك عبر قدرته اللوجستية الضخمة، وجهاز مخابراته مع العمليات العسكرية الروسية ضد المعارضة المعتدلة، وبالتالي الحسم الكلي فلماذا التقسيم؟
ماذا لو سقطت حلب وتمت مطاردة جيوب الثوار، ودعَمَ الروس عمليات إبادة جماعية يستعد لها النظام اليوم، عند توقف إطلاق النار.
وبالتالي يضمن التحالف الإقليمي كامل الأرض، وسيحتاج في حينه الأمر من جانب موسكو، وضع سوريا تحت الانتداب الإيراني، أُسوة بما جرى في العراق، مقابل قواعد وعقود ضخمة وقعّها النظام، لكن لا يرغب الروس مطلقاً، البقاء كقوات منتشرة ويفضّلون أن تقوم إيران بهذه المهمة، كما نفذتها لواشنطن في العراق 2003.
وهنا كتلة السؤال الصلبة، هل هذا يعني أن المشرق العربي، سيخضع كليا لإرادة الواقع الجديد، ثم ينفجر تمرد لا حدود له، وسواءً كان ذلك التمرد عبر إعلان حرب الجحيم الكبرى الصفرية، وبالتالي تُجنّد غالب القوة الميدانية والفوران الشبابي العاطفي خلف داعش بما فيهم معارضوها السياسيون والعقائديون السُنة، كون داعش باتت القوة الوحيدة لمواجهة مشروع حرب الجحيم، في المشرق العربي، وإسقاط الأمن السُني الاجتماعي كلياً، وعليه يتجنّد الناس في حرب الجحيم الصفرية، التي دفعت لها واشنطن وموسكو، كمآل للسنة لا كخيار.
إن أكبر تحد يواجه الغرب، الذي اعتمد مساراً يخلق له بديلاً عن سايكس بيكو، تَعامل مع أنظمته الرسمية لعقود، وطريقة توظيفها أو تحجيمها، أو مواجهة المتمرد منها هو كيف يتعامل مع خريطته الجديدة، حين يسقط بنيان سايكس بيكو ذاتيا، خاصةً بعد تأثير صفقات الغرب الأخيرة، فكيف سيواجه هذا المصير؟
إن موسكو وإن ثبتّت خطتها في تصفية الثورة لصالح الأسد، وسعت لتعزيز محاصرة انقرة المضطربة، والتي نجح الروس في نقل بعض معركتهم معها إلى الداخل التركي، وتجنيد بعض المعارضة ضد العدالة ورفع وتيرة الهجوم السياسي، مستثمرة سقوط مشروع السلام الكردي وغياب البديل، هي أيضاً، تعرف أن هذه المشاهد ليست كل أطراف المعركة، وأن الشعوب المسلمة التي تُشكّل جغرافيتها التاريخية وديمغرافيتها جزءا واسعا، من أرخبيل الدب الروسي، سوف تكون جسما مهيئا لمواجهة موسكو، وهي تتصدر وبإعلام رسمي الحرب الصفرية على العالم السني.
نقلا عن الوطن القطرية 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى