عن مواليد الحرب في اليمن!
افتخار عبده
دخل العام الثامن للحرب في اليمن وهذا الوقت ليس بالقليل على من عاش هذه الحرب، مضت سبع سنوات من الوجع الكبير والفقد والحرمان، سنوات من أصوات المدافع المفزعة وروائح البارود التي تعج بالبلاد من أقصاه إلى أقصاه، سنوات من النزوح والتشريد والجوع والفقر والمرض، فالذين عاشوا زمن الحرب وقد عاشوا السلام قبل ذلك، لا شك أنهم يتوقون وبكل شغف للسلام الذي غاب عن اليمن لسنوات، السلام الذي غاب وغاب معه كل جميل.
وأما عن الذين ولدوا أثناء الحرب كيف هي حالهم يا ترى؟!، الذين لم ينعموا بالسلام ولو للحظة من الزمن، حال هؤلاء لاشك موجعٌ أكثر من غيرهم، هم الذين ولدوا على أصوات المدافع والرصاص، وظل هذا الصوت مرافقًا لهم منذ الولادة وحتى اللحظة، بالإضافة إلى الحرمان الكبير الذي يعيشونه مع أسرهم.
هؤلاء الأطفال الذين ولدوا في زمن الحرب لا شك أنهم يوقنون في قرارة أنفسهم أن هذه الحياة هي هكذا بطبيعتها حربٌ وقتلٌ ودمار، بكاءٌ وعويل، فقدٌ وحرمان ولا شيء غير ذلك؛ لأنهم لم يروا إلا هذا فأنى لهم أن يتوقعوا أمورًا أخرى غير ذلك، أنى لهم أن يروا الجمال.
لم ينعم مواليد الحرب بحياة فيها نوع من الهدوء واللعب الذي ينبغي للأطفال أن يعيشوه؛ فكل جميل محظور بالنسبة لهم، فلا لعب يفرحون به ويسعدهم، ولا حنان ينعمون به ويريحهم، لا يستطيعون تفريغ الطاقة التي تتوسطهم كبقية الأطفال الذين يقضون أوقاتهم باللهو واللعب؛ بل إن حاولوا فعل ذلك يتم إسكاتهم بعجالة من قبل الآباء؛ لأن الآباء في زمن الحرب قد تجرعوا الكثير من الأوجاع فلم يعودوا قادرين على منح أطفالهم الحنان الذي يستحقونه؛ تراهم في توتر كبير، يقومون بإسكات أطفالهم كلما أراد الأطفال الترويح عن أنفسهم بالجري والضحك، فيعودون إلى الصمت من جديد وكأنه محكومٌ عليهم بهذا، وهنا ترواد الأطفال أسئلة كثيرة منها، هل هذه الحياة التي نعيشها هي هكذا أم أن في الأمر شيئا من المبالغة؟! ثم متى سينتهي هذا؟ وما الجديد يا ترى؟.
ومن مواليد الحرب من ولد في زمن الحرب ومات ولم يرَ السلام بعد، وهؤلاء قد تم إسكاتهم إلى الأبد وليس لفترة مؤقتة من الزمن، ومنهم من بقي جريحًا بحاجة ماسة لمن يعينه على المشي، وكم من الأطفال الذين تم بتر بعض أعضائهم، وبدلًا من أن يحمل هؤلاء لعبة جميلة بأيديهم فقد أصبحوا يحملون العكاز فقط لسيتطيعوا أن يخطوا بعض خطوات ويروا أصدقاءهم الذين ألفوا اللعب معهم.
حينما تحرم الطفولة من الابتسامة، ومن اللهو والمرح، عندما يحمل الطفل الصغير أعباءً كبيرةً لا قدرة له عليها، عندما يتم قنص طفل ذنبه أنه خرج ليلعب في الشارع، هنا فقط يضيع الكلام ويبقى الموقف مسيطرًا على العقل يصيب الناظر بالإحباط الكبير ويجعل من السعيد حزينًا ويزيد على الوجع وجعًا.