لم أعثر على تعبير يفي ما يمارسه ما يُسمى بـ”المجتمع الدولي” إلا هذا التعبير، فلذلك المعذرة من القراء الكرام لم أعثر على تعبير يفي ما يمارسه ما يُسمى بـ”المجتمع الدولي” إلا هذا التعبير، فلذلك المعذرة من القراء الكرام، فأنّى تلفتّ منذ اندلاع ثورة الشام المباركة وحتى الآن تجد رقصة الستربتيز تتواصل حتى لم يبق شيء على جسد هذا المجتمع الدولي المتعرّي تمامًا أمام الشعوب، حينها بدأ بممارسة الإباحية السياسية وعلى المكشوف ودون خجل أو مواربة. لا أدري من أين أبدأ بممارساتهم الإباحية، فهي متعددة على امتداد دول الربيع العربي، لكن الخيط والحبل السُري الذي يجمعها كلها هو الوقوف كالجدار الفولاذي بوجه الربيع العربي وأشواق الشعوب إلى الحرية والتخلص من الران الاستبدادي الذي حكمها لعقود.
لنبدأ من آخر تقليعات منظمة الصحة العالمية التي عجزت عبقريتها الصحية المتراكمة لعقود أن تجد من يُقيّم التأثيرات النفسية على اللاجئين السوريين إلاّ زوجة الشبيح نائب وزير خارجية العصابة الطائفية الحاكمة في دمشق فيصل مقداد، وكأن منظمة الصحة العالمية تعيش على كوكب آخر لا علاقة له بإبادة الشام التي تضم أعرق مدن التاريخ، وكأن المنظمة لا تعرف أن زوج موظفتها المصون ليس شريكًا في هذه الإبادة الجماعية، فقد كنّا نسمع عن الخصم والحكم، فبتنا نسمع عن القاتل ومُقيّمك فيما إذا تضررت نفسيًا من جرائمه أم لا؟
ومن قبل مارست، ما تُسمى زورًا وبهتانًا بـ”الأمم المتحدة”، الإباحية السياسية في سنوات الثورة الشامية فأشرفت على اقتلاع شعب بأكمله من مدن عريقة كحمص والزبداني، وعجزت عن إدخال حبة دواء أو علبة حليب بدون استئذان من طاغية الشام، وصمتت صمت القبور عن مشاركة كل الميليشيات الطائفية من باكستان وأفغانستان إلى لبنان والعراق وإيران، وأشغلت نفسها بداعش، بينما تلك العصابات تقتل المدنيين وتفتك بالبلد على مدى سنوات دون أن يرفّ جفن للمنظمة العتيدة.
وعلى امتداد سنوات الجمر السوري كانت المنظمة تُغيّر مبعوثيها إلى طاغية الشام كما نقوم نحن بتغيير ثيابنا، لرفضه التعامل مع هذا المبعوث أو ذاك حتى وقع الاختيار على دي ميستورا، فكان خير مستشار وناصح لطاغية الشام ولا يزال، ولم تحرك المنظمة ساكنًا وهي ترى عشرات الآلاف من صور التعذيب النازي الطائفي، تمامًا كما لم تحرك ساكنًا وهي ترى استخدام كل ما صنفته بأسلحة محرمة دوليًا في أجساد السوريين، والأنكى من ذلك كله تزويرها تقارير عن واقع المأساة السورية بطلب من عملاء العصابة الطائفية، وإرسالها مواد غذائية للمناطق المحاصرة حين سمحت العصابة الطائفية، ولكن كانت مواد فاسدة حيث فضحهم الناشطون في تلك المدن المحاصرة.
نذهب إلى مصر فنرى التآمر الكوني على ثورة شعب عريق ليفرضوا قزما عسكريا على شعب حضاري، ومع كل ساعة وليس يوما نسمع عن أعاجيب السيسي وعصابته، ونسمع عن سخرياته التي فاقت البلهاء والأغبياء و..و.. فساعة يطالب بتبرع بجنيه مصري، وساعة يتمنى أن يُباع ويفتتح بذلك سوق نخاسة، وأخرى يريد التعاون مع دول الرز، وحين ثبت متلبسا بكذبه ومراوغته، رأيته يتجه إلى طهران وحزب الله، فلا دين يحكمهم ولا عقل ولا منطق، وهذا ينطبق على حزب الله كما ينطبق على السيسي، فبالأمس كانت مصر رمز الخيانة وكامب ديفيد، واليوم أصبحت وجهة من أجل مكافحة الإرهاب السني المتمرد على كذبهم وأساطيرهم.
بالطريق نُعرج على اليمن فنجد الكذب العالمي بتعاونه ودعمه عصابة حوثية عفاشية انقلبت على خيار الشعب، ولا يخجل المبعوث الأممي من أن يواصل مهمته بعد أن أوصل الحوثيين إلى صنعاء، والأنكى من ذلك، يخرقون قرارات أممية ويضربون بها عرض الحائط ولا مساءلة، ولو فعلها غيرهم لقامت حرب عالمية ثالثة ورابعة وخامسة.
في ليبيا وما أدراك ما ليبيا، صورة الإباحية السياسية مقززة، فبعد أن دفعت دول مجرمة الانقلابي حفتر لينقلب على ثورة الشعب الليبي وينقلب معها على خياره الانتخابي على الرغم من أنه لم يفز فيها الإسلاميون، وصمتوا وصبروا وقبلوا بنتائج الانتخابات، ولما فشل في فرض إرادته وإرادة أسياده على الشعب الليبي المظلوم، انبرت فرنسا وأوربا من أجل إنقاذه، والذريعة جاهزة: مكافحة داعش، التي أتتهم من السماء على طبق من ذهب.
في العراق المجتمع الدولي متآمر حتى النخاع الشوكي ضد شعب العراق، وبعد أن أسقط صدام حسين سلّم البلد بكل أريحية وفرح وسرور للعصابات الطائفية والصفويين، ولم يكتف بذلك، بل وواصل تثبيتهم في العراق، فأمريكا تقصف من الجو، وسليماني يتقدم من البر، ومن يرفع عقيرته يُتهم بأنه داعشي أو زرقاوي أو صدامي أو تكفيري، والسليم من انضم لحلفهم الطائفي وشاركهم إباحيتهم السياسية.
لكن مع كل هذا الليل المظلم ثمة أضواء باهرة، فإصرار الشعوب على انتزاع حقوقها مهما كلف الثمن وتآمر الشرق والغرب يعكس حجم المؤامرة، تمامًا كما يعكس عظم الشعوب المنتفضة، وتأتي أضواء التحرك السعودي والخليجي والتركي في مواجهة هذا الصلف والإباحية الدولية، ليزيد من جرعة الأمل.
نقلا عن الوطن القطرية