رام الله التي هناك ذاكرة إنسان وسيرة مكان
يسـرد الكاتـب الفلسطينـي محمود شقير في كتابه “رام الله التي هناك” شيئا من سيرة المكان، وإذا كانت القدس مدينته الأولى، فإنّ رام الله هي مدينته الثّانية، وهذا يعني أنّ معرفته برام الله تأتي بعد معرفته للقدس، ولا غرابة في ذلك، فقد ولد الكاتب وعاش في جبل المكبّر إحدى ضواحي القدس، الكتاب صادر عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطّفل.
يمن مونيتور/العرب اللندنية
يسـرد الكاتـب الفلسطينـي محمود شقير في كتابه “رام الله التي هناك” شيئا من سيرة المكان، وإذا كانت القدس مدينته الأولى، فإنّ رام الله هي مدينته الثّانية، وهذا يعني أنّ معرفته برام الله تأتي بعد معرفته للقدس، ولا غرابة في ذلك، فقد ولد الكاتب وعاش في جبل المكبّر إحدى ضواحي القدس، الكتاب صادر عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطّفل.
لا يفوت الكاتب في سيرة المدينة هذه أن يتحدث عن مساجد رام الله وكنائسها بما يضفي انسجاما على حياة الناس، مسلمين ومسيحيين. ثم يتطرّق إلى مظاهر النزعة المدنية التي سادت المدينة في خمسينات وستينات القرن العشرين، رغم صغرها إذا ما قورنت بمدن أخرى، ومن ثمّ يتحدث عن نزعة الترييف التي أخذت تطغى على المدينة منذ ثمانينات القرن العشرين وحتى الآن، شأنها في ذلك شأن مدن فلسطينية وعربية عديدة.
يقول محمود شقير “رام الله والقدس هما بالنسبة لي صنوان، فيهما عشت سنوات غير قليلة، في القدس تعلّمت القراءة والكتابة، وفي رام الله وأختها البيرة علّمت القراءة والكتابة، في القدس ابتدأت كتابة الأدب، وفي رام الله واصلت مشوار الكتابة، في رام الله ابتدأت مسيرتي في العمل السياسي، وفي القدس واصلت المسيرة، واحتملت ما ترتب عليها من تبعات”.
وبما أنّ شقير وجّه كتابه بالدّرجة الأولى إلى جيل الفتيات والفتيان، فإنّه يرسم أمامهم شيئا من ماضي المدينة والبعض من قراها، التي لم يعايشوها، بحكم العمر، فما كتبه بعض منه يعود إلى أكثر من خمسين عاما، تماما مثلما عاد بنا كاتبنا إلى مرحلة عمريّة عاشها وعايشها، وابتدأت به عندما كان فتى، يعمل مع الراحل والده الذي كان مراقبا في الأشغال العامّة، ونام على الأرض في خيمة الورشة، حيث كانت تخرج إليهم بعض العقارب، ثم كيف اشتغل مدرّسا في قرية خربثا بعد إنهائه المرحلة الثّانويّة “المترك” عام 1959. ثمّ انتقل بعد ذلك إلى العمل في مدارس مدينة البيرة الثّانوية.
تعرّف المؤلف في تلك المرحلة على العمل السياسي السري، وشارك فيه، وعاش ما ترتب عليه مواصلته للعمل السياسي بعد حرب يونيو 1967، حيث اعتقله المحتلون مرّتين، وأبعدوه في أبريل 1975 إلى لبنان، حيث عمل محرّرا في مجلّة “قضايا السّلم والاشتراكيّة” التي كانت تصدر في براغ، كما عمل مدرّسا في الأردن.
ويعود بنا الكاتب إلى أولى محاضراته في دار المعلمات برام الله عام 1965، حيث ألّف قصته الأولى، ونشر قصصه في مجلة “الأفق الجديد” التي أسّسها ورأس تحريرها الراحل أمين شنّار، والتي كانت تصدر في مدينة القدس خلال النّصف الأوّل من ستّينات القرن الماضي. ثم يعرّج على توقيع روايته الثّانية “مديح لنساء العائلة” عام 2015، وما أداره من لقاءات ومحاضرات في مراكز مختلفة، كما يستذكر بعض لقاءاته مع صديقه الشاعر الكبير الراحل محمود درويش، الذي كان حينذاك يرأس تحرير مجلّة “الكرمل”، وكان هو أحد محرّريها، وقد حظي بنيل جائزة رفيعة تحمل اسم صديقه درويش.
ولم يغب عن بال كاتبنا أن يذكر بعض المؤسّسات الثّقافيّة التي كان يرتادها ويشارك في فعاليّاتها، كمركز خليل السّكاكيني، ومكتبة بلديّة رام الله، ومؤسّسة تامر، ومركز محمود درويش. تماما مثلما مرّ على مشاركته في جنازات بعض القادة مثل محمود درويش وبشير البرغوثي وسليمان النّجاب. ويعرّج الكاتب على معاناة الشعب الفلسطيني على حواجز الاحتلال التي تفصل رام الله عن القدس.