“الأسماك المجففة”.. مهنة كبار السن في لحج جنوبي اليمن للبقاء على قيّد الحياة(تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من محيي الدين فضيل
لايزال عبده مهيوب مقبل وهو في الخمسينيات من عمره محافظا على مهنة أجداده في بيع الأسماك المجففة التي لاتزال مرغوبة لكثير من سكان الأرياف في محافظة لحج جنوبي اليمن.
يعتمد كثير من الباعة على الأسماك المجففة للحصول على مصادر دخل مستمرة، وحماية مهنة توارثوها من أجدادهم من الاندثار حيث يعزف كثير من الشباب عن العمل فيها بسبب دخلها البسيط.
مهنة متعبة
ويقول “مقبل” الذي يقطن في منطقة “خور عميره” بساحل لحج -بلهجته المحلية- إن المهنة “متعبة للغاية إذ تأخذ عدة مراحل قبل أن تصل إلى مرحلة بيعها، حيث تبدأ بشراء الأسماك من الصيادين في المنطقة في الساحل ثم تقطيعه، ووضع الملح عليه وتركه يوما للشمس ثم تغسيله وتجفيفه ليتم بعدها عرضه في الاسواق الشعبية أو لبيعه لزبائن يصلون المنطقة”.
تتفاوت أسعار الأسماك المجففة بين ستمائة ريال إلى خمسة آلاف للسمكة الواحدة حسب جودة كل نوع، ويعود ذلك إلى ارتفاع المشتقات النفطية التي تسببت بارتفاع قيمة الأسماك. (الدولار=1165).
ويقول “مقبل” لـ”يمن موينتور” إن “السمك المجفف لا يزال يحظى برغبة الكثير من السكان الذين يحرصون على شراءه”.
وأضاف: أن أبرز المصاعب تتمثل في عملية نقل السمك للبيع بين أسواق طور الباحة والمقاطرة وارتفاع تكاليف النقل الأمر الذي لا يغطي أحيانا متاعب العاملين في هذه المهنة من حيث الغلاء الذي شمل مختلف جوانب الحياة.
استمرار الاصطياد
وتعتبر منطقة “خور عميرة” منطقة ساحلية في لحج حيث يقدر الشريط الساحلي لمحافظة لحج 90كم حيث بلغ الإيراد السمكي للعام الماضي 12 مليار ريال يمني وفق مدير مكتب الثروة السمكية في لحج.
من جهته يقول أحمد البوصي وهو بائع آخر، لـ”يمن مونيتور” إنه “اتجه للعمل بهذه المهنة للفراغ والبطالة لعدم وجود الأشغال”، مضيفاً أنه “يمتهن المهنة لقلة العاملين فيها ورغبة سكان القرى الجبلية التي تنعدم فيها الخدمات العامة لهذا النوع من السمك الذي يمكن ان يستمر معهم أياما دون تلفه”.
ولفت البوصي إلى أن أسعار الأسماك المجففة ارتفع عن السابق، ويعزوه إلى: يتم شراء الأسماك من الصيادين الذين يرفعون السعر بسبب ارتفاع المعيشة وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، كما أن قيمة الملح ارتفع من ألف إلى ثلاثة آلاف ريال والذي يستخدم في عملية تجهيز الأسماك المجففة.
وحسب مكتب الثروة السمكية في لحج فإن عدد الصيادين في مصائد: سقيا والعارة والخور والمنفاح بساحل لحج قرابة ألفي صياد لكن عدم تفعيل مراكز الإنزال السمكي التي شيدتها السلطات قبل الحرب فاقمت من معاناة الصياد وزادت من استغلال مراكز الإنزال الخاصة لإنتاج الصيادين.
طلب من الأرياف
وكما أشار البوصي فإن السكان في المناطق الساحلية لا يحتاجون للأسماك المجففة، لكن الطلب في معظمه يأتي من سكان المناطق الجبلية حيث تنعدم الخدمات كالكهرباء لعدم استخدام الثلاجات والذي يؤدي إلى تعفن الأسماك غير المجففة.
وقال البوصي ومقبل إن انحسار عمل المهنة يعود إلى ظهور المواد الحافظة، التي تبقي الأسماك في حالتها الطبيعية دون تجفيف.
أما “علي سلام” متقاعد عمل في قطاع التربية اليمنية بمدرسة قريبة، وقال إنه “يتعامل مع باعة السمك المجفف في الخور حيث يشتري منهم بالجملة ثم يبعه في قرى الجبل”.
ويقول سلام إن الناس تشتري في السوق أو تقديم طلب له لجلبه من الباعة “واصفا بأنها مهنة تغطي مصروف العاملين فيها اليومي حيث يستفيد وراء كل سمكة مائتين ريال لكن تأخر المرتبات والغلاء تسبب في تراجع البيع فما كنا نبيعه في يوم صارنا نبيعه في ثلاثة أيام”.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة توضح عدد العاملين في مهنة تجفيف الأسماك، لكن نسبتهم على كل حال بسيطة جداً ومعظمهم من كبار السن حيث يعرضون هذا النوع في الأسواق الأسبوعية الشعبية في أرياف لحج.