قصة نجاح في زمن الحرب اليمنية.. “عبير” من أميّة تعمل في النظافة إلى “مخرجة إذاعية”
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من أصيل زكريا
على الرغم من تداعيات الحرب القائمة في اليمن، والتي أنتجت قدرا كبيرا من المعاناة، إلا أن ثمة قصص للنجاح، تشعر العالم أن الكفاح والأمنيات لا تموت.
للشابة اليمنية، “عبير مرزوق” المنحدرة من ريف مديرية باجل الواقعة شمال شرق محافظة الحديدة غربي اليمن، قصة كفاح نادرة، تؤكد أن العمر مهما مر من حياة الإنسان إلا أن بإمكانه اللحاق بالتعليم والركب نحو تحقيق الأحلام والطموحات حتى وإن كان على ركام الحرب.
لقد نشأت عبير في قرية لا تتواجد فيها أدنى مقومات الحياة، لتجد نفسها وحيدة لمواجهة معركة الكفاح من أجل البقاء، كما هو حال العديد من نساء قريتها فقد تكفلت بمهمة رعي “الأغنام” و”جلب الماء” دون التفكير بالالتحاق في المدرسة.
كانت الحياة قاسية على “عبير” وغيرها من فتيات القرية على حد سواء، فقد اقتصر دورهن على حمل أضعاف أوزانهن أوعية مملوءة بالماء من أماكن بعيدة إلى بيوتهن، ليتجرعن مرارة العناء ومكابدة شظف العيش.
“أحلام بسيطة”
حينما تبحث في قريتها قد لا تجد أي فتاة تجيد القراءة والكتابة، معظمهن أميات، أسر بأكملها عاشت في أمية وجهل تورثه لمن بعدها، ولا مبرر لوأد أحلامهن البسيطة.
لم تتوفر مدرسة في قرية “عبير” للالتحاق فيها سوى مدرسة واحدة للأولاد فقط، فكان أكبر أحلامها رعي الأغنام وجلب الماء.
بعد زواجها وهي في (عمر 18 عاما)، انتقلت عبير برفقة زوجها إلى صنعاء، وهناك بدأت تشعر بالحزن حينما تشاهد الفتيات يذهبن إلى المدرسة وتتحسر على سنوات قضتها في “رعي الأغنام” ولم تتاح لها فرصة التعلم، حينها قررت الذهاب إلى مركز محو الأمية، تحسنت قليلا في تعلم القراءة والكتابة لكنها لم تستمر كثيرا نظرا لظروفها الصعبة واحتياجها للعمل ومساعدة زوجها في توفير مصاريف البيت.
لدى عبير طفل في الخامسة من عمره، فكانت حريصة على العمل ورعايته لتشتغل كعاملة نظافة في المدارس والمستشفيات، وهي المهنة ذاتها التي تعمل فيها شقيقتها ولكن في إحدى الإذاعات الخاصة في مدينة صنعاء.
في إحدى الأيام كانت شقيقة عبير تعاني من مرض فطلبت منها العمل مكانها في إذاعة صوت اليمن، وافقت عبير وبدأت العمل في تنظيف مبنى الإذاعة وكانت معروفة بشخصيتها القوية وإتقانها للعمل مما أكسبها محبة جميع العاملين في الإذاعة.
يوما بعد آخر، و”عبير” التي فاتها قطار التعليم لم تيأس بل كانت شغوفة ويثيرها فضول التعرف على أجهزة الإذاعة وكيفية عملها، فشخصيتها القوية وإرادتها الصلبة كانت كفيلة بأن تدفعها لسؤال العاملين عن التحكم في الأجهزة داخل الإذاعة.
“كسر حاجز الخوف”
في العام 2020 قررت “عبير” أن تكسر حاجز الخوف ولكن هذه المرة ليس لتعلم القراءة والكتابة فقط، بل بدأت في تعلم الإخراج الإذاعي بعد ثلاث سنوات من شغلها كعاملة نظافة في أكثر من مكان، ولم يعيقها صعوبة التعامل مع الكمبيوتر أو أجهزة التحكم الأخرى.
اتجهت عبير إلى تعلم الإخراج الإذاعي بعد أن عرفت تشغيل المحطة أو البث وتنفيذ الإعلانات والأغاني بمساعدة مدير الإذاعة “مجلي الصمدي” الذي رافقها طيلة تدريبها في الإذاعة.
عبير التي كانت عاملة نظافة، وتقول إن هذا “الوصف ليس احتقارا للمهنة ولكن لعدم الحاجة إلى مؤهلات للعمل فيه”، أصبحت مخرجة إذاعية لتكسر بذلك كل القيود والحواجز التي وقفت أمامها في، ومن البرامج التي كانت تنفذها برنامج “أي خدمات” خلال الفترة الصباحية.
قصة ونموذج ناجح في زمن الحرب، التي تحمل كل الود لزملائها في قسم الإذاعة والتلفزيون ممن ساعدوها وشجعوها على هذا العمل، “لكنها تتحسر لأن فرحتها لم تكتمل فالإذاعة متوقفة حاليا بعد أن كانت تحلم بمواصلة مشوارها لتعلم مونتاج البرامج”.
في نهاية قصتها، تنصح عبير: “أي امرأة لا تعرف القراءة والكتابة ولكن لديها أحلامها وطموحاتها أن لا تستسلم مهما كان الأمر، وخصوصا إذا كان هناك شخص سند لها سواء ابنها أو أبوها أو أخوها أو زوجها أو أي شخص”.