أدركت القيادة اليمنية العليا وقيادة التحالف، ولو متأخراً، أهمية إشراك اللواء/ الفريق علي محسن الأحمر، أو تكليفه، في إدارة سير المعارك العسكرية في اليمن، وكرمته بترقيته إلى رتبة فريق، وهو يستحقها عن جدارة، وتعيينه نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية.
أدركت القيادة اليمنية العليا وقيادة التحالف، ولو متأخراً، أهمية إشراك اللواء/ الفريق علي محسن الأحمر، أو تكليفه، في إدارة سير المعارك العسكرية في اليمن، وكرمته بترقيته إلى رتبة فريق، وهو يستحقها عن جدارة، وتعيينه نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية.
(2)
لا يحتاج القارئ العربي من الكاتب إلى أن يقدم سيرة ذاتية للجنرال، علي محسن الأحمر، ففي تقديري أن كل المعاهد العسكرية في الدول الكبرى، وذات التقاليد العسكرية العريقة، تعرف عنه الكثير. وقد تصفحت أحد مواقع الدراسات العسكرية الأجنبية، أبحث عن اسم الأحمر، فوجدت سيرته الذاتية الناصعة والمشرفة، ليس له فحسب، وإنما للعسكرية اليمنية أيضاً.
يعتبر الفريق الأحمر أحد أهم الأسماء في تاريخ اليمن المعاصر إثارة للجدل، ويدور الجدل بين حاقد وحاسد وغيور وكاره للنجاح، ولكل منهم رأي فيه، لكنهم يجمعون على أنه عسكري رفيع المستوى. كان من أبرز رجال تثبيت الوحدة اليمنية عام 1994، وقاد خمس حروب ضد الحركة الحوثية، ولم يهزم في كل معاركه العسكرية، الا في واحدة وكانت بمؤامرة من الرئيس السابق، علي عبد الله صالح. ناصر ثورة الشباب اليمني المطالبين بالإصلاح، وعندما تعذّر ذلك، لطغيان صالح وغروره، انضم إلى حركة الشباب.
في تلك الظروف، اشتدّت هجمة الحرس الجمهوري على الشباب المتجمعين في ميدان التغيير، مرددين هتافاتهم “الشعب يريد إسقاط النظام”. وهنا، اندفع الفريق بقوات الفرقة الأولى مدرع، للدفاع عن الشباب المطالبين بالتغيير، واشتبكت قواته في مواجهةٍ عسكريةٍ مع الحرس الجمهوري، بقيادة أحمد علي، نجل الرئيس صالح. وترأس ما عرف بأنصار الثورة الشبابية، ونشر قواته الفرقة الأولى لحماية المتظاهرين. والحق أنه لو لم يقف الفريق علي محسن إلى جانب المتظاهرين المطالبين بالتغيير عام 2011 وحمايتهم، لبطش بهم الحرس الجمهوري محدثاً مجزرةً، لم يعرف أهل اليمن لها مثيلاً، لكن الجنرال علي كان القوة الرادعة، إلى أن أسقط صالح، بموجب المبادرة الخليجية المعروفة.
(3)
لا جدال في أن حرب الوحدة عام 1994، والتي قاد عملياتها الفريق علي محسن، أحدثت عند كثيرين من أهلنا في جنوب اليمن الرافضين للوحدة، بقيادة علي عبد الله صالح، جرحاً عميقاً، ليس كرهاً في الوحدة، ولكن في الأسلوب الذي تمت به، والممارسات التي مارسها نظام صالح الذي اعتبر جنوب اليمن منطقةً محتلةً، راح يوزع أراضيها، وما تحت الأرض، مغانم لأنصاره في الشمال، وحل الإدارة المدنية، ذات التقالبد البيروقراطية البريطانية في الجنوب، وسرح ضباط (وجنود) الجيش الذي كان مدرباً خير تدريب، بواسطة مدربين سوفييت، لأن النظام الذي كان قائماً في جنوب اليمن قبل الوحدة كان يدور في فلك النظم الشيوعية بقيادة الاتحاد السوفييتي، وبقيت الجراح لم تندمل، حتى يومنا الحالي.
“أتمنى على القيادة العليا في “عاصفة الحزم” الاستجابة لكل مطالب الفريق علي، من دون إبطاء أو تردد، من أجل تحقيق النصر في أقصر فترة، والله ولي التوفيق”
(4)
حتماً، لم يكن تعيين الفريق علي محسن في منصبه الجديد أمراً مرحبا به في أوساط جنوبية معروفة، لأنهم ما برحوا يجترون تجربة النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي. ومن هنا، يجب التذكير بأن الفريق علي محسن، في ذلك الزمان، كان قائداً عسكرياً، يؤدي واجبه العسكري، لإخماد نيران الانفصال، بموجب أوامر قيادية عليا، جوبه بقوةٍ عسكريةٍ، فلا بد من التعامل معها بالأسلوب نفسه. بعد اثنين وعشرين عاماً من حرب الوحدة، تغيرت الأحوال، وأسقط صالح الذي أعلن الحرب لفرض الوحدة بين شطري اليمن، ووقف الجنرال علي محسن إلى جانب الشباب اليمني، من الشمال إلى الجنوب، المطالبين بالتغيير، وناصر الشباب في كل ميادين التغيير، وحماهم من بطش النظام والحرس الجمهوري، فهل نبقى نحمل الكراهية والثأر، أم نعمل جميعنا على رص الصفوف، وتوحيد الجبهة الداخلية والخارجية، وإنهاء سلطة الحوثي وعلي عبد الله صالح، وإنهاء الحرب المدمرة لليمن كله، والقضاء على جيوب الفتنة، أياً كان نوعها؟
(5)
علينا أن نتعلم من تاريخ السلف الصالح، ونأخذ العبر من معركة أحد عام 625 م، وقعت بين جيش المسلمين في يثرب، بقيادة الرسول محمد عليه السلام، وأهل مكة من قريش وغيرهم. وفي هذه المعركة، كان النصر فيها لجيش قريش وحلفائهم من القبائل العربية، وكان ذلك النصر على يد القائد القرشي خالد بن الوليد الذي شارك في معركة الأحزاب/ الخندق إلى جانب قريش، لمقاتلة جيش المسلمين، بقيادة الرسول عليه السلام.
بعد تلك الانتصارات لقريش وحلفائهم على جيش المسلمين، يعتنق خالد بن الوليد الإسلام، ويقود المعارك ضد المرتدين، وفي معركة اليرموك وفي مواجهة الروم، ولم يُهزم في أية معركة من معاركه، سواء قبل الإسلام أو بعد إسلامه، وسمي “سيف الله المسلول”. لم يحقد عليه المسلمون، ولم يثأر منه رسول الله الذي هُزم جيشه في معركة أُحد بقيادة ابن الوليد، فهل نعتبر؟
(6)
أصبح الفريق علي محسن في منصبه الجديد الرجل الأول لقيادة معركة تحرير اليمن من قبضة البغاة (صالح والحوثي)، ونال ثقة الجميع في قيادة “عاصفة الحزم”. والمطلوب اليوم من قيادة العاصفة تزويد الفريق، علي محسن، بالسلاح النوعي، والذخيرة المطورة، وكامل المعدات العسكرية اللازمة لتحقيق الانتصار، من دون تقسيط أو بالتجزئة، وتزويده بالمال ليتمكن من استقطاب رجال القبائل والعسكريين غير الموالين للانقلابيين، ومنحه الثقة والحرية في إدارة المعركة، فتلك العوامل هي أداة النصر في أية معركةٍ كانت.
آخر القول: أتمنى على القيادة العليا في “عاصفة الحزم” الاستجابة لكل مطالب الفريق علي، من دون إبطاء أو تردد، من أجل تحقيق النصر في أقصر فترة، والله ولي التوفيق.
نقلا عن العربي الجديد