سبعة أعوام مرت على مدينة تعز وهي تعيش في حصار كبير من قبل الحوثيين، أُغلق خط الحوبان ولم يتبقَ لهذه المدينة من خط إمداد يربطها بمحافظات أخرى سوى طريق هيجة العبد، هذا الطريق المتهالك، الذي تنحدر منه الصخور باستمرار، هذا الطريق المليء بالطين والحفر العميعة التي عادة ما تصطاد الكثير من وسائل النقل وتودي بها وبأصحابها للهلاك الحتمي، لقد أصبح الموت في طريق هيجة العبد بالجملة نظرًا لكثرة حوادث السير التي تحدث فيه، وكلما مرت الأيام لا يزداد هذا الطريق إلا سوءًا وخرابًا؛ وذلك بسبب عوامل الزمن والتضاريس التي تمر عليه، فالأمطار كلما نزلت عليه تزيده خربًا ويتوقف السير فيه لأيام وفي أحيايين لأسابيع.
المسافرون من مدينة تعز أو إليها يعيشون حالةً من القلق والخوف الكبير قبل سفرهم، فتجدهم يدعون الله طمعًا بأن يتجاوزوا هذا الطريق بسلام، وفي أثناء السفر فيه يسيطر على المسافرين التوتر والقلق فمنهم من يغمض عينيه خشية أن يرى وعورة الطريق هناك، ومنهم من يحاول جاهدًا تثبيت نفسه داخل وسيلة النقل التي تتدحرج يمنة ويسارًا موشكة على السقوط وعادة ما تسقط الكثير من هذه الوسائل، ولا يصل المسافر إلى المكان المقصود إلا ميتًا أو مصاب بجروح غائرة أو مرهقًا إلى حد لا يمكن وصفه.
كثيرة هي الحوادث التي تقع في طريق هيجة العبد، لقد أصبحت أخبار الموت أو الإصابات الخطيرة في هذا الطريق تأتينا باستمرار، حتى أصبحنا نراه مصدر موت لا شريان حياة كما سماه الكثير.
كم من العناء يمكن أن تتحمل هذه المدينة الموجوعة؟!، كم من الجراح يمكن أن يتحمل أهلها، لقد أصبح الموت يأتيهم من كل مكان، موت من قصف الحوثيين المستمر بالقذائف للأحياء السكنية، وموت من الأمراض القاتلة، وموت جديد يأتي بسبب الجوع والحرمان وهذا الغلاء الفاحش الذي لا يقوى عليه الميسرون من الناس فكيف بالبسطاء.
هل كتب على هذه المدينة أن توضع في أدراج التجاهل والنسيان من قبل المسؤولين؟! أم أن في الأمر شيئًا من التآمر الكبير على بني الإنسان داخل هذه المدينة الموجوعة؟! التي تحلم أم تعيش ولو ليوم من الأيام بسلام لا تشكو فيه من أي وجع أو فقد أو نحو ذلك من المآسي المتتالية عليها.
وعودٌ كثيرة سمعناها بأن سيتم إصلاح طريق هيجة العبد لكن تلك الوعود لم تأتنا بالمفيد ولم نرَ سوى تجاهل مستمر من قبل السلطة المحلية والمسؤولين تجاه هذا العناء الذي يعانيه أبناء مدينة تعز أثناء مرورهم بهذا الطريق، تتجاهل السلطة المحلية النظر بعين الاعتبار والعمل الجاد لإصلاحه، على الرغم من معرفتهم بأهمية هذا الطريق بالنسبة لمدينة تعز ومن فيها، وعلى الرغم من علمهم الكبير بما يحصل للمواطنين على قارعته، والمعاناة التي يعانيها السائقون والمسافرون هناك.
