فنان يمني يقاوم بريشته أوجاع الحرب ويهتف للسلام
يمن مونيتور/قسم الأخبار
منذ قرابة عشر سنوات، يواصل الفنان التشكيلي اليمني ذي يزن العلوي ممارسة هواياته الفنية، ومقاومة أوجاع ظروف الحرب بريشته التي جسدت لوحات جمالية تحث على السلام في بلد يعاني صراعا مريرا خلف واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
الفنان الشاب ذي يزن بدأ الفن التشكيلي في عام 2012، حينما شق طريقه في حملات رسم لوحات معبرة بالشوارع.
ويقول ذي يزن: “الشارع هو المكان الأول الذي رسمت فيه و تعلمت فيه الفن لعدم تمكني من تعلم الفن التشكيلي أكاديميا”.
وقد كان للعلوي دوافع جعلته يلتحق بهذا الجانب الفني، حيث يقول إن “الدافع في البداية كان هو الخروج للتعبير عن رأيي في الشارع، و فتح باب للنقاش حول القضايا التي كانت مثارة في تلك المرحلة”.
وأضاف” عندما بدأت الحرب خرجت للرسم لمقاومة الحرب بعد أن وقفت الحياة، والتهمت أحلام الشباب”.
ويتابع “الدافع الذاتي لدخول الفن التشكيلي هو إيماني بقوة الفن في التعبير عن أحلامنا و طموحنا و نظرتنا الخاصة للحياة و العالم “.
” لدي إيماني بأن الفن هو لغة عالمية للبشر تختزل الخلافات و تجمع رموزهم وأفكارهم المشتركة.. هي لغة تواصل مثالية بين كل الشعوب”.
أسهم العلوي في تنفيذ عدة حملات فنية باليمن، خلال السنوات الماضية، بينها حملة أسميت(كاريكاتير الشارع) التي هدفها هو التعبير عن عدة قضايا اجتماعية و سياسية بفن الكاريكاتير”.
ويقول ” كان هدفي في تلك الحملة هو إخراج الفن للشارع ليصبح على مرأى كل الفئات الاجتماعية”.
وبالإضافة إلى ذلك، نفذ العلوي (حملة شظايا) ركزت على الآثار الكارثية للحرب على المواطنين، حيث قام برسم لوحة جدارية كبيرة في أحد المنازل المدمرة في صنعاء، تتحدث عن سقوط ضحايا أبرياء بسبب الحرب، و تحولهم لأرقام في التقارير الدولية، و ذلك لحصر الأضرار و إدانة المتسببين بها.
و أيضا قام الفنان العلوي برسم لوحتين جداريتين عن زراعة الألغام و موت الأبرياء بسببها، إضافة إلى رسم جداريات عن الأوبئة و الأمراض القاتلة التي فتكت بالكثير من اليمنيين جراء تداعيات الحرب.
حملة السلام
نفذ العلوي كذلك حملة ” السلام يصنع في اليمن ” و فيها تم رسم جداريات مشتركة مع عدة فنانات، و قد نفذ الرسم عن الجوانب الإيجابية التي تكمن فيها قوة مشاركة الشباب في الحياة العامة و بناء السلام.
وحول دوافع الرسم من أجل السلام يقول العلوي “كل الاطراف في اليمن تعمل على بث نشر خطاب التجنيد ضد الطرف الآخر، و نشر ثقافة العنف و الكراهية، مما يعزز نزعة الانتقام و التحارب بين اليمنيين”.
وأضاف “لذلك أبذل كل جهودي لمواجهة هذه الثقافة بالفن، للحفاظ على ما تبقى من ثقافة اليمنيين بشكل عام التي تحافظ على تماسكهم، و تؤكد على اشتراكنا بتراث و ذاكرة واحدة”.
وتابع قائلا” أؤمن بقوة الفن في هذا، لأنه بالفن يمكننا الحفاظ على ثقافتنا اليمنية التي أسميها بالبنية التحتية لبناء السلام، لأن السلام لا يوجد على ساحة مدمرة، فبالفن نهيء لأرضية مشتركية نستطيع بناء السلام عليها”.
صعوبات الفن
في بلد يعاني ظروفا أمنية ومعيشية بالغة الصعوبة، يواجه الفنانون عوائق كبيرة أثناء ممارسة مهامهم.
يفيد ذي يزن بخصوص ذلك، بأن ” أبرز صعوبات واجهتني تتعلق بعدم الاهتمام الكلي بالفن من قبل المنظمات و المؤسسات، وعدم توفير الدعم و التمويل للفن والفنانين، لذلك نضطر للقيام بأنشطة فنية و ثقافية بجهود ذاتية”.
وشدد على أن “الدعم المادي و اللوجيستي سوف يقوم برفع مستوى الفن، و إيصال صوت اليمن للعالم بشكل قوي و مختلف”.
مشاريع مستقبلية
وللعلوي خطط ينوي القيام بها في المستقبل، تتمثل في “العمل على مجال التبادل الثقافي مع فنانين أجانب “.
ويقول” لدي مشروعان فنيان، واحد في سويسرا، والآخر في بريطانيا أعمل عليهما منذ عامين”.
وأضاف أنه” من خلال هذا المشروع الفني الخارجي نقوم بإبلاغ وتوعية المجتمعات الأوروبية التي لها صوت وقرار دولي بشأن الحرب في اليمن، و التأثير على سياستها، لأجل أن تعمل على وضع حد للحرب في بلادنا”.
والوجة الثاني للمشروع، حسب ذي يزن، هو استقطاب الفنانين الدوليين للثقافة اليمنية، و أيضا كسب حلفاء يمكننا من خلالهم تبادل الخبرات والأساليب و تطوير ورفع مستوى الفن اليمني بشكل عالمي.
الفن ولقمة العيش
أثرت الحرب على واقع الفنانين التشكيليين في اليمن، حيث تعرض الكثير منهم لأضرار مازالت باقية حتى اليوم.
وحول هذا السياق يقول العلوي أن هناك” من الفنانين من يستخدمون الفن لكسب لقمة عيشهم، فيما لا توجد ساحة تعليمية للفنانين أو ساحة يمكنهم فيها ممارسة أنشطتهم فيها”.
ولذلك، وفق العلوي، يلجأ الفنانون إلى المنصات الإلكترونية لإبراز مواهبهم.
وقال إن “الحرب جعلت الكثير من الشباب يلجأون إلى الفن كمتنفس عن الوضع العام، و الكثير منهم تعلمه ذاتيا أو عبر الإنترنت و ينتجون أعمالا محترفة و قوية”.
ومضى قائلا” الحرب كبحت الفن التشكيلي من جهة، و من جهة الفنانين التشكيلين برزوا فيها بشكل قوي”.
وحول متطلبات الفن اليمني يفيد العلوي بأنه”يحتاج إلى بنية تحتية من مدارس و معاهد و جامعات، وأيضا صالات عرض و بيع، إضافة إلى جذب رؤوس الأموال و التجار اليمنيين لشراء الأعمال الفنية و تشجيع الساحة الفنية “.
وأضاف” نحتاج أيضا إلى برامج مشتركة مع الخارج لتبادل الخبرات الفنية… الفن مثله مثل أي مجال إنساني آخر، يتطور و يتوسع، لذلك نحن بحاجة إلى مواكبتة مع العالم”.
ووجه العلوي رسالته لليمنيين قائلا”الحرب ليست طريقا للسلام، و لم تكن يوما وسيلة لتحقيق الغايات.. هي أسوأ طريقة لتدمير بلدنا و مجتمعاتنا”.
المصدر : د. ب. أ