سُقَطّرى الجزيرة اليمنية المنسية… اقتصاد بدائي يبحث عن استثمارات
يمن مونيتور/د ب ا
لا يزال أرخبيل سُقَطّرى المكون من 6 جزر، أهمها وأكبرها سُقَطّرى، الواقع على بعد نحو 350 كيلومتراً من الشواطئ اليمنية بين خليج عدن والمحيط الهادي، أرضاً بكراً ما زالت بعيدة عن الاستثمارات الحقيقية، ما يجعل اقتصاده مصنفاً ضمن الاقتصادات الأكثر بدائية في العالم، لكونه يعتمد في معظم مقوماته على منتجات الطبيعة، وفي مقدمتها الرعي والصيد البحري الذي يشكل أكثر من 50% من دخل السكان.
رغم تنوعها البيئي الفريد الذي يؤهلها لأن تكون مقصداً سياحياً هاماً
وحتى الصيد البحري الذي يعمل به نحو خُمس سكان الجزيرة، أي أكثر من 16 ألف شخص من أصل المجموع العام للسكان البالغ نحو80 ألف نسمة لايزال قطاعاً بدائياً.
يذكر أن عدد سكان الجزيرة تراجع بشدة بسبب هجرة سكانها نتيجة نقص الاهتمام بها من السلطات اليمنية. وكان إحصاء عام 2004 قد أظهر أن عدد سكانها آنذاك بلغ 175 ألفاً.
وتسيطر الإمارات حالياً على الجزيرة عبر ميليشيا تابعة لها، وتُتَّهم بأن سفناً تابعة لها تقوم بصيد جائر لثروتها السمكية.
ويقول يحيى أحمد عيسى، رئيس جمعية الصيادين في العاصمة حديبو، أن «نصف اقتصاد الجزيرة يعتمد على صيد الأسماك، إذ تبلغ كمية إنتاجه نحو 100 ألف طن سنوياً، ورغم هذا الحجم الهائل للإنتاج لا يوجد أي معمل فعلي لتعبئة وتصنيع الأسماك، وإنما يقتصر تصنيع الأسماك على وجود معمل وحيد في الجزيرة مهمته تغليف الأسماك، أي وضعها في صناديق مجمدة، وتصديرها إلى الخارج «.
وأكد أحمد سعيد أحمد المسؤول في معمل «بريمر» لتغليف وتجميد الأسماك أن «إنتاجية المعمل تبلغ نحو 20 ألف طن سنوياً، ويتم بيع باقي إنتاج الجزيرة في عرض البحر لتجار في سفن مخصصة لهذا الغرض، ما يكبد الصيادين من أبناء سُقَطّرى فواقد مالية كبيرة كان يُمكن أن يُقوي اقتصاد الجزيرة في حال وجود تصنيع حقيقي للأسماك».
ويأمل أحمد أن «يتم توسيع المعمل الحالي وبناء معامل أخرى ما يساهم في رفد اقتصاد الجزيرة لجهة الصيد وتشغيل العمالة».
ويملك الصياد سعيد سالم وأخاه قارباً بسيطاً على ساحل مدينة حديبو ويقول «طالبنا كثيراً السلطات المحلية بتقديم الدعم المطلوب للصيادين، لكن لم نتلقَ إلا الوعود ، وحصل العشرات من الصيادين الذين دمرت قواربهم إثر الإعصار الذي ضرب الجزيرة منذ سنوات على قوارب صيد مقدمة من مؤسسة الشيخ خليفة آل نهيان للأعمال الإنسانية التي بنت معملاً لتغليف الأسماك.
وتأتي السياحة في المرتبة الثانية لاقتصاد أرخبيل سُقَطّرى بعد الصيد البحري. لكن مساهمتها تظل ضئيلة رغم الموقع الجغرافي الفريد والاستثنائي للأرخبيل وشواطئه الرملية الطويلة وحالة الأمن والأمان والاستقرار فيه وبعده عن الصراع الدائر على الأراضي اليمنية.
وتتمتع الجزيرة بتنوع نباتي فريد (200 نوع من النباتات النادرة) ، أضافة إلى شعاب مرجانية جذابة لعشاق الغوص، و730 نوعاً من الأسماك الساحلية بما فيها الدلافين، و300 نوع من السراطين والكركند والروبيان، وكل ذلك يؤهلها لأن تكون مقصداً سياحياً للمهتمين بالبيئة الطبيعية البكر.
وتم تصنيف الجزيرة كأحد مواقع التراث العالمي عام 2008. وصنفتها صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2010 كأجمل جزيرة في العالم نظراً لتنوعها الحيوي الفريد.
ورغم ذلك فإن عدد السياح قليل جداً بسبب غياب منشآت سياحية حقيقية تستقطب السياح، حيث توجد فقط استراحات أو فنادق من فئة نجمة أو نجمتين فقط.
ويقول مدير أحد المكاتب السياحية، الذي رفض الكشف عن هويته، أنه لا توجد أي جهة مسؤولة عن الترويج للجزيرة كمقصد سياحي، وأنه يتم الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للجزيرة، واستقطاب السياح.
ويضيف «هناك شركات في أوروبا تم توقيع عقود معها لإرسال السياح مقابل عمولة هزيلة، ويحصلون على تأشيرات الدخول إلى الجزيرة من سفارات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً».
ويطالب بـ»تفعيل دور قطاع السياحة في الاقتصاد، وذلك عبر منح تسهيلات لاستقطاب رأس مال واستثماره في السياحة، الأمر الذي من شأنه تفعيل العديد من القطاعات الخدمية الأخرى». ويضيف أنه»حتى الفندق الوحيد الموضوع قيد الإنشاء منذ أعوام كثيرة توقف العمل فيه نهائياً لأن مالكه لم يستطع الاستمرار بسبب عدم وجود رأس مال كاف».
ويُحمِّل السلطات اليمنية المتعاقبة مسؤولية الإهمال الذي تعانيه جزيرة سُقَطّرى في كل النواحي الاقتصادية والخدمية والثقافية وغيرها . ويضيف «هذه الجزيرة أهملت على مدى عشرات السنين ولم تحظ بأي اهتمام حكومي، بل تركت أهلها يعيشون على ما يجود به البحر والرعي وبعض الزراعة البسيطة «