عندما دخل الحوثي حريب-مأرب، قبل شهور بدأ يبشر المديرية بعهد “قرآني” جديد، نزل معه المشرفون الثقافيون والمرشدون الطائفيون وبدأ يشيع في المواطنين أنه نزل ليبقى، وليس كالمرة السابقة عندما طرد منها.
كان عناصر مليشياته يبتسمون بتكلف للناس بسمات تشبه صنيع مضيفة طيران تصطنع البسمة لأغراض تجارية، وبدأ “المحايدون” يتحدثون عن عدالة “الأنصار” (و”الأنصار” بالمناسبة لقب اليمنيين الذي أضفاه عليهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، قبل أن يسرقه كهنة السلاليين).
تحدث المتحوثون عن الإيمان الذي يشع من قسمات وجوه أولياء الله، الذين كانوا يبدؤون بتشغيل مكبرات الصوت من الثالثة بعد منتصف الليل بالتسابيح استعداداً لصلاة الفجر.
ثم ماذا؟
هرب الحوثي من حريب، وذهب العمالقة يطاردونه في شعاب ملعا، وصحا الناس على كارثة الألغام والمفخخات التي دسها “أولياء الله” الذين كانوا يقومون لصلاة الفجر قبل موعدها بساعتين!
آلاف الألغام التي زرعها الحوثي بشكل عشوائي على الطرقات وفي المزارع وبين القرى، في الرمل وتحت الصخر والشجر، من أشكال وألوان وأنواع مختلفة، وعلى “الطريقة القرآنية”!
كم كبير من قذائف الهاون التي أمطر بها قرى ريف حريب الشمالي، والتي لم ينفجر كثير منها، ولا يقل خطرها عن خطر الألغام والمفخخات.
أحدهم أشاد بمحاولات الحوثي فرض صلح قبلي ليحقن الدماء، وهي تدخل ضمن تكتيك “بسمات المضيفات”، لأن الحريص على حقن الدماء لا يزرع مثل هذا الكم الهائل من الألغام، إلا إذا كان يريد أن يحقن الدماء، ليوفرها ليوم تنسكب فيه لدعم مشاريع حروبه ضد المناطق التي لم يصلها بعد.
دعونا من هذا كله، وتصوروا أن عناصر الكهنة في حريب قاموا بتجريف أجزاء كبيرة من الطريق الذي يربط حريب ببيحان من جهة حريب، جرفوا الأسفلت وعبارات مياه السيول وغيرها.
ما هو الهدف؟
هل لقطع الطريق على العمالقة؟
لها لاستعمال قطع الأسفلت الكبيرة في متارس؟
هل للانتقام من أهالي حريب الذين رحبوا بالعمالقة؟
هل وهل؟
لا ندري.
وبالعودة إلى سياق الألغام، يقال إنه في فترة الحروب الشطرية السابقة خرج رجل وولده تحت جنح الظلام، قبيل صلاة الفجر، لزراعة لغم في طريق يمر منه الخصم.
وبعد أن انتهيا من زراعة اللغم طلع الفجر، فقال الوالد للولد: قم بنا نصلي الفجر.
ضحك الولد وقال: “يا ابه، الذي مثلنا ما عاد يصلي”.
قال الوالد: ليش؟
قال الولد: لأننا زرعنا لغماً، لا ندري أيصيب الخصم أم يصيب نفساً بريئة؟
حينها حفر الوالد وانتزع اللغم، وقاموا لصلاة الفجر.
كان هذا زمن الفطرة السليمة التي تصحو بمجرد أن يزول عنها الغبار.
أما “أولياء الله” الجدد فقد أيقظوا الناس لصلاة الفجر قبل موعدها بساعتين، ثم ذهبوا لزراعة الألغام أثناء انشغال الناس بالصلاة!
ولله في خلقه شؤون!