كتابات خاصة

حرب ضرورية وليس اختيارية

مأرب الورد

قبل التدخل العسكري السعودي في اليمن لم يكن أشد المتفائلين يتوقع هذا السيناريو الذي يخالف السياسة الخارجية للمملكة القائمة على دعم الحلفاء بعيدا عن التدخل المباشر لاعتبارات معروفة ومفهومة فيما مضى.

قبل التدخل العسكري السعودي في اليمن لم يكن أشد المتفائلين يتوقع هذا السيناريو الذي يخالف السياسة الخارجية للمملكة القائمة على دعم الحلفاء بعيدا عن التدخل المباشر لاعتبارات معروفة ومفهومة فيما مضى.
لكنها بعد سيطرة الحوثيين بانقلاب مسلح على الدولة اليمنية وتهديدها بمناورة عسكرية على حدودها أصبحت معنية أكثر من غيرها في إنهاء هذا الخطر ومساعدة اليمنيين على إعادة دولتهم,على اعتبار أن هذه”الحرب كانت ضرورية وليس اختيارية”,بحسب وزير الخارجية عادل الجبير.
وإذا كان البعض يرى أن هذا التدخل الذي بدأ يوم عاصفة الحزم في 26 مارس 2015 قد تأخر كثيرا عن وقته لاسيما وأنه جاء بعد سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة والعاصمة وعدد من المحافظات,فإن هذا التدخل مثل مفاجأة بحد ذاته لكسره السياسة التقليدية وبات مقبولا شعبيا بالنظر إلى أنه يمثل الخلاص لليمنيين وجوارهم من الخطر المرتبط بإيران.
كان الخطر يتنامى أكثر فأكثر,فالحوثيون وبالتعاون مع صالح وحزبه قد أحكموا قبضتهم على مؤسسات الدولة والعاصمة وتمددوا بالمحافظات,والأخطر من هذا أنهم أرادوا تحويل اليمن لنفوذ إيراني خالص يهدد المملكة بمناورة عسكرية وبتهديد بالتوجه نحوها بعد التمكين في اليمن.
ليس هذا فحسب,بل ذهبوا أبعد من ذلك بتبادل الزيارات مع المسؤولين الإيرانيين والتوقيع على اتفاقيات عديدة منها تنظيم 28 رحلة جوية بين البلدين بالرغم من عدم وجود جالية كبيرة يمنية في طهران أو العكس أو مصالح اقتصادية تستدعي كل هذه الرحلات الجوية,لكن الأمر اتضح أنه جسر جوي لنقل الأسلحة ومعدات صيانة الصواريخ والطائرات للاستعداد لمعركة تتجاوز اليمن لجوارها الخليجي.
يقول الجبير في مقابلة مع شبكة(سي أن أن)الأمريكية وهو يشبه حال اليمن قبل تدخل بلاده “كان لدينا وضع يتمثل بوجود ميليشيا موالية لإيران وحزب الله، قامت بالسيطرة على دولة، وبحوزة الميليشيا أسلحة ثقيلة وصواريخ باليستية وسلاح جو.. حتى حزب الله لا يملك سلاح جو، وهذا الأمر كان خطرا واضحا وصريحا لمملكة العربية السعودية ودول الجوار”.
هي حرب ضرورية فعلا ولم يعد أمام السعودية من خيار للصمت أو التفرج طويلا إزاء تمكين إيران من اليمن بعد أن أصبح الخطر يهددها والتأخر أكثر عن مواجهته سيصعب المعركة بعد ذلك,خاصة وأن قرار الدولة اليمنية بات بيد ذراع طهران وليس فقط تشارك بصناعته.
بعد أحد عشر شهرا من الحرب,باتت 75 في المائة من أراضي البلاد بيد السلطة الشرعية التي تزاول عملها من عدن وبقية المحافظات المحررة,واقتربت المقاومة من صنعاء.
من وجهة نظر الجبير ستستمر العمليات العسكرية حتى عودة الشرعية كاملة على جميع مناطق البلاد,وهذا هو الموقف الطبيعي بغض النظر عن البطء في التحرك أو المدى الزمني الذي ستأخذه الحرب والتي لن يستطيع أحد التوقع بنهايتها.
هذا لا يعني أن السعودية تغلق باب الحل السياسي إن كان ممكنا وجاء استنادا للمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار والقرارات الدولية ذات الصلة خاصة القرار 2216,لكن هذا ما ليس متوفرا ولا تبدو أي مؤشرات على نجاحه أو قرب التوصل إليه.
الكرة في ملعب الحوثيين وصالح للتعجيل بالحل السياسي وهو لصالحهم إن حدث الآن وليس الغد,ولم يعد منطقيا السؤال لماذا عليهم المبادرة للسلام,لأن الجواب على هذا يقودنا إلى التذكير بمن صنع المشكلة وأوصلنا للحرب وليس هناك أحد غيرهم.
 الحل يبدأ من الطرف الذي انقلب على المسار السياسي بما في ذلك مخرجات الحوار والرئيس والحكومة ثم مؤسسات الدولة والتمدد بقوة السلاح بالمحافظات,والحرب على اليمنيين,وحتى الشرعية الدولية تدعو الانقلابيين للانسحاب من المحافظات والمدن وتسليم الأسلحة وتمكين السلطة الشرعية من مزاولة مهامها,كما ينص القرار 2216.
في كل الأحوال لن تقبل السعودية بوقف عملياتها العسكرية حتى عودة الشرعية كاملة وهي إعادة سلطة الدولة لجميع المحافظات ودعمها لتكون القوة الوحيدة التي تحتكر السلاح,وبعبارة أخرى الحرب هي الوسيلة العملية لتنفيذ القرار 2216 في حال واصل المتمردون رفضهم الامتثال له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى