طموحات شجاعة وتفاؤل حذر بشأن مستقبل السلام في اليمن (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ (وحدة التقرير)
بدأ عام جديد على اليمنيين وهم –هذه المرة- أكثر تفاؤلا، مقارنة بما كان عليه حالهم السابق خلال 2021، وبخاصة في مناطق سيطرة القوات الحكومية.
عام 2021 لم يختلف كثيرا عن سنوات الحرب التي مضت ومرت على اليمنيين منذ 2015، فالحرب مستمرة منذ ذلك الحين، تخف تارة وتشتد أخرى، والموت يتربص بهم سواء كان عن طريق القصف أو الألغام وغيرها من مخلفات الحرب، إضافة إلى المرض الذي دخل أغلب بيوتهم، بسبب انتشار الأوبئة المختلفة.
وعاش اليمنيون خلال العام الفائت، في ظل ظروف عديدة، كان أقساها، معاناتهم جراء تدهور قيمة العملة المحلية أمام سلة العملات الأخرى، إذ وصل سعر الدولار الواحد فيه إلى أكثر من 1700 ريال، تفاقم بسبب ذلك قلق المواطنين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن مواجهة موجة الغلاء المستمرة الحاصلة.
“لن نموت جوعا”
وتحسنت مؤخرا قيمة الريال، بعد تعيين محافظ جديد للبنك المركزي، وهبط سعر الدولار الواحد إلى أقل من 1000 ريال، حدث انخفاض بسيط في أسعار المواد الغذائية والمعيشية المختلفة.
لذلك، بدت آمنة عبدالوهاب أكثر تفاؤلا هذا العام، مع تحسن قيمة الريال، فهي تستبشر بأن تكون الفترة القادمة أكثر استقرارا من الناحية الاقتصادية.
تقول لـ”يمن مونيتور” زوجي يعمل بأجر يومي بما تيسر له من عمل، ومع الانهيار الذي حدث مؤخرا، كنت أشعر بالحيرة كل يوم حين أفكر بما سأعده لأسرتي من طعام، بالمبلغ البسيط الذي كان يأتي لنا به يوميا، ونرفع منه جزءا للإيجار أيضا.
وتابعت: لم أكن أنا وزوجي قادرين على أن ننام، كلما صحونا على سعر جديد للمواد الغذائية، وأصبحت أخاف عليه من الإصابة بمرض نفسي، مثلما حدث مع جارنا الذي لم يتحمل انهيار الوضع الاقتصادي بهذا الشكل.
وبرغم خشية آمنة من أن يعود الوضع إلى ما كان عليه في السابق بسبب استمرار الحرب، إلا أنها تأمل أن يتحسن الوضع إلى الأفضل، ليستطيع اليمنيين أن يعيشوا، مؤكدة أن الحرب ذاتها لم تؤثر عليهم كما فعل الانهيار الذي حدث مؤخرا.
“ولادة أحلام قديمة”
مع بداية الحرب، خسر كثير من الشباب أعمالهم، بسبب إغلاق شركات كثيرة أبوابها، وتضرر بعضها أيضا بسبب القصف، وتوقف عديد من المواطنين عن التفكير بأي طموحات.
لكن محمد اليوسفي ومع بداية هذا العام، فقد قرر أن يحقق بعض أحلامه التي تأجلت كثيرا من عام لآخر منذ بداية الحرب.
يوضح محمد لـ”يمن مونيتور” بأنه يسعى هذا العام لتحقيق حلمه بفتح مطعمه الخاص بتعز، والزواج من فتاة قام بخطبتها قبل عامين.
بحسب محمد، فقد عمل منذ تخرجه عام 2014 في مهن عديدة، وجمع مبلغا من المال، كان يخطط أن ينفذ به أهدافه قبل 2022، لكن عدم ثبات أسعار الصرف وتذبذبها، جعله ذلك غير قادر على تحقيق ما يريد.
اليوم، ومع حدوث تحسن بسيط في أسعار الصرف، يعتقد محمد أنه سيكون قادرا على تحقيق حلمه حتى وبشراكه مع بعض أصدقائه، وحين سيستقر بعض الشيء في عمله، سيطمئن لوجود مصدر دخل ثابت له، وسيبدأ بالاستعداد للزواج.
وعند سؤالنا له حول، ماذا لو لم يحدث ذلك وزاد الوضع الاقتصادي سوءا؟ أجاب محمد بثقة: “لن أسمح لنفسي بالتفكير بسلبية أبدا مهما كانت الظروف، وسأسعى وبسرعة لتحقيق أحلامي المؤجلة منذ سنوات”.
“السفر محطة قادمة”
بعيدا عن أحلام الشباب التي يسعون لتحقيقها، يثير قلق بعضهم طرق باب ملف السلام في اليمن، الذي فشلت حتى الآن الجهود المختلفة، لجعله واقعا في اليمن الذي يشهد حربا منذ سنوات.
بسبب ذلك، والمعطيات الحالية، يتمسك عبدالله إبراهيم بخيار السفر الذي ينتظره منذ عام 2020، فمحاولاته للبحث عن فرص عمل خارج البلاد كانت حثيثة ومستمرة.
يذكر إبراهيم لـ”يمن مونيتور” بأنه ومنذ تخرجه كمحاسب، بدأ بالعمل التطوعي في اليمن ليكسب بعض الخبرة في تخصصه، حتى حظي بفرصة جيدة للعمل، وهو منذ ذلك الحين يقدم في مختلف الشركات.
ووجد أواخر العام إبراهيم إحدى الفرص للعمل كمحاسب في السعودية، وهو بانتظار اكتمال أوراقه ومعاملاته للسفر.
وهو يؤكد أن مضطر للسفر ليبني مستقبله ويساعد أهله، بخاصة مع تردي الأوضاع، وسيظل يبحث عن فرص أفضل دول مختلفة، ولن يعود اليمن حتى تنتهي الحرب ويستقر الوضع.
أما عن توقعه بأن يتحقق السلام في اليمن قريبا، فقال لن أبالغ إن قلت إن البلاد بحاجة لسنوات طويلة لنتحدث فيها عن سلام حقيقي، حتى لو تم الإعلان عن انتهاء الحرب، ويرجع ذلك من وجهة نظره إلى الانقسامات الكثيرة الحاصلة في البلاد، وارتباط أطراف الحرب بجهات خارجية بخاصة جماعة الحوثي، التي لا يمكن أن تتقبل ذات يوم مناوئيها، حسب تعبيره.
“الأمل بغدٍ آمن”
على عكس إبراهيم، تحاول تهاني علي الابتعاد عن الواقع، والتفكير بإيجابية أكثر بخصوص مستقبل اليمن والسلام فيه، فهي -كما تفيد- تحاول أن تكون متفائلة بأن ما سيحمله العام الجديد سيكون خيرا.
واستطردت في حديثها لـ”يمن مونيتور” لا أستطيع أن أعيش في حالة من التشاؤم، لأن ذلك يؤثر سلبيا على نفسيتي، وينعكس على أبنائي وزوجي في البيت.
وهي لا تعتقد أن ما تقوم به هو هروب من الواقع، كون قرار الحرب وإيقافها ليس بيد المواطن، على حد قولها. مشيرة إلى أنه لا بد من نهاية لأي حرب كانت ولو بعد حين.
ومنذ 2015، لم تتوقف كثير من جبهات القتال، ومعها أيضا استمرت جهود السلام التي لم تخرج معها البلد إلى طريق واضح المعالم، وبرغم ما خسره المواطنون خلال تلك الفترة وحتى اليوم، هناك على الجانب الآخر، محاولة للتشبث بالأحلام، والسعي للعيش الكريم، باقتناص الفرص المختلفة.