السعودية، الدولة الصاعدة، تعد تحركاتها في المنطقة ضرورية، وستكون رادعة لإيران، وستجعل الأخيرة تحجم عن سياستها التي تعتمد على التدخل في شئون دول الجوار، والتصرف كفاعل حقيقي ومحوري وحيد في المنطقة، بينما الواقع أن العلاقات بين الدول تنطلق في إطار منظومة متكاملة قائمة على التعاون.
كنا متخوفين جداً من خوض المملكة العربية السعودية حرباً ضد الحوثيين وصالح في اليمن، وفي أشهر الحرب الأولى شعرنا بأن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لم ينجح كما كنا نتوقع، لأنهم حين بدأوا الحرب تحدثوا عن فترة معينة لانتهاء المعارك، وشعرنا أيضا بالامتعاض حين كنا شاهدين على طريقة تعاطي التحالف مع مدينة تعز.
أدركنا فيما بعد أن الحرب حين تبدأ، يصبح لها أدواتها، ولها ثمن يدفعه المواطن، والبلد الذي تشتعل فيه، وبعد التقدم الكبير للمقاومة التي يسندها التحالف العربي، تمخض عن ذلك ثقة متبادلة بين اليمن والدول التي تشارك في التحالف.
وشعرنا بالحاجة لوجود دولة تمسك بزمام الأمور في المنطقة، خاصة مع تزايد النفوذ الإيراني، وسعي إيران للتمدد في أكثر من دولة، وبأكثر من وسيلة، حتى عن طريق الإرهاب الذي تصنعه.
بعد ثورات الربيع العربي، استغلت إيران الوضع، وبدأت تنخر في المنطقة، وتتمدد على حساب دول عدة، لأن الساحة كانت خالية، ولا يوجد فيها طرف عربي يبادر ويكون فاعلا في خلق حلول حقيقية للمشكلات التي واجهت العديد من الدول العربية في مرحلة عدم الاستقرار التي مرت بها.
السعودية اقتربت من النجاح في الملف اليمني، وأصبحت تتحرك ضمن تحالفات شكلتها، كالتحالف العربي الذي بدأته بعاصفة الحزم، والتحالف العربي لمكافحة الإرهاب الذي بدأته بـ”رعد الشمال”، وهي من أضخم العمليات العسكرية في المنطقة.
تلك التحالفات مختلفة الأهداف هي مهمة، وتساعد في أن يكون حل المشكلات في المنطقة عربي وإسلامي، دون أن تلقي الدول العربية بثقل كل قضاياها على الدول الغربية، وبالتالي يمكن أن تكون العلاقة قائمة على المصالح المشتركة، والفاعلية من قبل جميع الأطراف لحل القضايا الشائكة.
السعودية، الدولة الصاعدة، تعد تحركاتها في المنطقة ضرورية، وستكون رادعة لإيران، وستجعل الأخيرة تحجم عن سياستها التي تعتمد على التدخل في شئون دول الجوار، والتصرف كفاعل حقيقي ومحوري وحيد في المنطقة، بينما الواقع أن العلاقات بين الدول تنطلق في إطار منظومة متكاملة قائمة على التعاون.
التمدد الإيراني بدأ يكبر، ولا بد له من رادع، لتقدم إيران التنازلات، وعلى السعودية أن تواصل دورها، وتدخلها في سوريا سيساهم في حل الملف السوري، وإن كانت إيران ستعمل على تعقيد الوضع أكثر، إلا أنه لابد من حل يفضي إلى إنهاء الحرب في سوريا، وهذا ما ستدفع إليه كل الأطراف الدولية، مهما تأخر قرارها، لكن ما سيثمر عنه تدخل السعودية في سوريا، سيعزز حتما من مكانة الأولى في المنطقة، وسينظر لها الغرب كفاعل حقيقي ومهم.
ويبدو أن السعودية التي تتحرك بقوة، منذ عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، تسعى لأن تكون لاعباً مهماً في المنطقة، وانطلقت من القيام بإصلاحات داخلية على المستوى السياسي وحتى الاقتصادي والدبلوماسي والأمني.
والدولة الصاعدة تلك، تخطط للقيام بدور أكبر في المنطقة، لا يشمل اليمن وسوريا فقط، بل ليبيا أيضا، وتحركاتها لن تثير قلق الغرب أو العرب، لأنها قائمة على تفاهمات تخدم الأمن الدولي.