آراء ومواقف

قراءة في خلفية القرار السعودي ــ التركي

مهنا الحبيل

أبرز سؤالين يحيطان بالمشهد السوري اليوم، هما هل هناك تدخل جدي من قبل القاعدة الأصلية في التنفيذ، بغض النظر عن إعلان المحاور والحلفاء الفضفاض، الذي يستخدم لوجستيا أو سياسيا، في دعم هذا الطرف أو ذاك، لكن في الحقيقة لن يكون له مشاركة تنفيذية على الأرض، وخاصة عند أول التقدم للتواجد البري.

أبرز سؤالين يحيطان بالمشهد السوري اليوم، هما هل هناك تدخل جدي من قبل القاعدة الأصلية في التنفيذ، بغض النظر عن إعلان المحاور والحلفاء الفضفاض، الذي يستخدم لوجستيا أو سياسيا، في دعم هذا الطرف أو ذاك، لكن في الحقيقة لن يكون له مشاركة تنفيذية على الأرض، وخاصة عند أول التقدم للتواجد البري.
ونقصد هنا ضلعيّ هذا التحالف التنفيذي، وهما تركيا والسعودية، والسؤال الثاني كيف سيكون هذا التدخل لو حصل بالفعل، هل هو لتغيير ميزان عسكري جغرافي في منطقة حلب، أم تعزيز لميدان الثوّار في كل الشمال، فتُحيّد عنهم داعش والنظام وتسمح بتقدمهم، وتساعدهم في رص صفوفهم، وبالتالي التقدم نحو دمشق، وكيف سيتم ذلك أمام التواجد الروسي الضخم في الجو، وقراره السياسي الحاسم لتصفية الثورة السورية تضامنا مع إيران؟
إنه من الصعب تقديم تحليلات موضوعية مباشرة اليوم، دون بروز الجهد العسكري التنفيذي على الأرض، ولكن تفكيك الحالة والواقع الاستراتيجي ونظريات الدول لمصالحها القومية، قد يساعد على فهم مسار المعركة.
هل التحفظات والصمت عن التفاصيل التي قد تبرز قبل نشر هذا المقال، لأسباب الحفاظ على سرية المعركة، أم لوجود أزمة في اتخاذ القرار التركي والخوف والاضطراب الذي قد يأتي في توقيت دقيق، يزيد من خسائر تركيا، حين تأخرت في تنفيذ المنطقة الآمنة.
فأنقرا لم تواجه عملية اسقاط الجيش السوري الحر، التي ساهم فيها بعد مخابراتي وبعد شعبي خليجي، أفاد منه الأسد، بدلا من دعم الجيش الحر، وإعادة هيكلته مع الفصائل الإسلامية، ليكون قوة عسكرية جامعة للثورة السورية، وبالتالي فالتقدم الموسمي لجبهة النصرة، لم يُحقق أي توازن استراتيجي لأمن الثورة ولا أمن تركيا.
لقد دعم الغرب قرارموسكو وإيران لتصفية الثورة السورية، قبل أن تعود حسابات البيت الأبيض من جديد وأوروبا، لبعض المراجعة، لا خشية على مدنيي سوريا، ولكن خوفا من انفجارٍ للشرق، أكبر مما أعدوا له مع إيران.
وهي معادلة ثابتة حتى اليوم، لكن الموقف السعودي الجديد، وتحالف انقرا معه، أدرك فيما يبدو أن سقوط حلب في يد الإيرانيين، يعني دحرجة مشروع داعش والتقسيم عليهما، أمر حتمي.
يبقى هنا تقييم موقف التحالف، وهل صحيح أن المهمة كما يروج بعض خصومهما، ستخضع فقط لمواجهة داعش ميدانيا، ومساعدة الروس والإيرانيين في اتفاقهم مع واشنطن. الحقيقة أن الرد على مثل هذه النظرية، يكفي فيه مراقبة موقف الغرب من تطور التفكير السعودي، وموقف موسكو وطهران الشرس والمتوتر من قرار المشاركة، وقلق واشنطن ثم محاولة استقطاب الرياض نسبيا، وإقناع موسكو في مكالمة أوباما لبوتين، بتأخير التعاطي مع قرار التحالف التركي السعودي.
نفهم من كل ذلك أن سيناريو أنقرا والرياض حتى لو تسمى بمسمى مظلة دولية تشارك فيها واشنطن، له خريطة أهداف مختلفة تماما عن توافق واشنطن مع التحالف الإيراني الروسي، وهو التوافق الذي روج له جون كيري وزير الخارجية الأميركي، قبل أن يُوَاجه بالرفض السعودي الأخير.
وكل ذلك سوف يخضع لمباشرة العمل النوعي، فاعتقاد أن ما يسمى خليجيا – بالتهويش-أي إبداء قوة لتراجع خصم متقدم، لا ينفع مطلقا في حالة سوريا، والزحف الإيراني الروسي، كما أن الدخول في حرب مفتوحة أيضا قرار خطير.
فيما الخيار الممكن، هندسة عمليات نوعية بالتحالف مع الثوار على الأرض، الذين عليهم مسؤولية فرقتهم المستمرة، وهي هندسة ممكن جدا أن تقلب طاولة المواجهة، وهي لن تسترضي موسكو قطعا، وستواجهها سياسيا، وربما ميدانا بالوكالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى