“الرجل الغامض”.. حوثي يتنقل متخفيا بدراجة نارية (بورتريه)
يجلس على كرسي الرئاسة اليمنية أو ما يسمى “اللجنة الثورية العليا” منذ عام تقريبا، ولا يزال شخصا غامضا ومجهولا لدى اليمنيين، لا يعرف عنه سوى القليل، وتتضارب المعلومات حول حقيقة قرابته مع زعيم جماعة “أنصار الله” الحوثية، عبد الملك الحوثي. *عربي 21
يجلس على كرسي الرئاسة اليمنية أو ما يسمى “اللجنة الثورية العليا” منذ عام تقريبا، ولا يزال شخصا غامضا ومجهولا لدى اليمنيين، لا يعرف عنه سوى القليل، وتتضارب المعلومات حول حقيقة قرابته مع زعيم جماعة “أنصار الله” الحوثية، عبد الملك الحوثي، حيث تشير بعض المصادر إلى أنهما ابنا عم، أو أنه ابن شقيقته، بينما تشير أخرى إلى أنهما من العائلة نفسها لا أكثر.
دفعه الخوف من الاستهداف من طيران التحالف العربي، في حال تم رصد موكبه المعتاد، إلى التنقل بدراجة نارية في مدينة الحديدة التي زارها سرا لإجراء لقاء مع قيادات موالية للجماعة في القصر الجمهوري بالمدينة الواقعة غربي اليمن.
هو أحد الشخصيات البارزة في صفوف الحوثيين حاليا رغم ظهوره المفاجئ إلى واجهة الأحداث بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وتوضع علامات سؤال واستفهام كبيرة حول تاريخه الغامض غير المكتوب، خصوصا الفترة التي ذهب فيها إلى إيران.
وتؤكد الشواهد والتصريحات تأثر “جماعة الحوثيين” بالثورة الإيرانية بعد أن سافر بدر الدين الحوثي والد مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، وأحد كبار المرجعيات الدينية الزيدية، إلى طهران، وأقام فيها عدة سنوات، وتأثر بالمذهب الشيعي الاثني عشري والإمام الخميني، واعتقد بإمكانية تطبيق النموذج الإيراني على اليمن من خلال “ولاية الفقيه”.
ويقول عدد من فقهاء الزيدية بأن “الحوثيين خرجوا عن المدرسة الزيدية واقتربوا من الاثني عشرية”، أو أنهم “زيدية متطرفون”، وهو اتهام تشاركهم فيه المذاهب السنية أيضا.
اتهمهم محمد بن عبد العظيم الحوثي بأنهم “مارقون وملاحدة وليسوا من الزيدية في شيء”، وحكم عليهم بـ”الردة والخروج عن مذهب آل البيت”.
ويرد الحوثيون على هذه الاتهامات بأن الفقهاء “الزيدية” المعارضين لتوجهاتهم علماء سلطة.
وتقول إحصائيات غير رسمية إن “الزيدية” الذين هم أقرب إلى “السنة” يشكلون 25% من السكان، بينما يشكل “السنة” 75%، ويشكل الحوثيون 2% من سكان اليمن البالغ عددهم 19 مليون نسمة.
ومنذ أن دخلوا على المشهد اليمني عام 1992 قتل “الحوثيون” نحو 60 ألف جندي في الجيش اليمني وعنصر من القبائل اليمنية، وفقا لأرقام محمد البخيتي الناطق باسم “الحوثيين”.
ومع اندلاع الثورة الشعبية في اليمن في شباط/ فبراير عام 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، سارع “الحوثيون” للالتحاق بالثورة، وشاركوا مع كل المكونات الثورية، بما فيهم خصومهم التقليديين “التجمع اليمني للإصلاح”، في إسقاط نظام صالح.
وعندما طرحت “المبادرة الخليجية” رفضوا المشاركة في التوقيع، واعتبروها التفافا على الثورة، ومنذ ذلك قادوا التيار المعارض لـ”حكومة الوفاق” ورئاسة عبدربه منصور في اليمن.
وقرروا قيادة وتنظيم احتجاجات من آب/ أغسطس عام 2014 حتى أيلول/ سبتمبر عام 2014، لتأخذ بعد ذلك بعدا تصعيديا خطيرا بحصار العاصمة صنعاء، وبسبب انقسام الجيش وتآمر بعض قياداته، سقطت العاصمة صنعاء في يد “أنصار الله” الذين كانوا في وقت سابق قد أحكموا السيطرة على محافظة عمران القريبة من صنعاء.
وسيطر “الحوثيون” على مؤسسات أمنية ومعسكرات ووزارات حكومية ومنشآت هامة في وسط العاصمة دون مقاومة من الأمن والجيش.
وكشفت سيطرة “الحوثيين” على السلطة عن شخصية هامشية غير معروفة في “الجماعة”، وهو محمد علي عبد الكريم أمير الدين الحوثي، المولود عام 1969 في مدينة ضحيان في محافظة صعدة.
ومنذ إصدار جماعة “أنصار الله” الحوثية لإعلانها الدستوري ومنح “اللجنة الثورية العليا” اليد العليا، أصبح محمد الحوثي رئيسا لجميع السلطات في البلاد تقريبا. وبدأ الرجل “المتخفي” بممارسة صلاحياته الواسعة دون رقابة من أحد، حيث أصدر قرارا بتشكيل “اللجنة الأمنية العليا” أرفع سلطة أمنية للبلاد، برئاسة وزير الدفاع، وعضوية 14 شخصا، سبعة منهم قادة ميدانيون لـ”مليشيا الحوثي” في المحافظات، ولا يحملون رتبا عسكرية.
ولا يمتلك الحاكم الجديد لليمن سيرة ذاتية بالنسبة لليمنيين، وتقول مصادر إن الرجل كان معتقلا في سجون المخابرات في عهد المخلوع صالح لسنوات، وأفرج عنه بعد انتهاء الحرب السادسة التي شنها النظام السابق ضد “الحوثيين”، وأنه التحق بالحرس الثوري الإيراني، وتدرب هناك قبل أن يعود لليمن.
وتداول ناشطون يمنيون صورا سابقة له، وهو في مكاتب عدد من الوزراء في حكومة محمد سالم باسندوة، عندما كان ينفذ بمعية أنصاره حملات اقتحامات للوزارات، وعمل فيما بعدها بتشكيل “لجان ثورية” في جميع المؤسسات الحكومية والوزارات والمحافظات التي يسيطر “الحوثيون” عليها.
ويرى مراقبون أن “اللجنة الثورية” التي جرت “شرعنتها” في “الإعلان الرئاسي الحوثي”، ما زالت كيانا غامضا، ولا أحد يعرف من هم أعضاؤها، ما يؤسس -وفقا لمراقبين- لـ”سلطة خفية” ستحكم من “وراء ستار”.
وفتحت سيطرة “الحوثيين” على السلطة في البلاد عيون المملكة العربية السعودية على اتساعها، فحلفاء إيران يسيطرون على الحديقة الخلفية لهم، وتأكد للجميع أن إقصاء “التجمع اليمني للإصلاح- الإخوان” كان إقصاء للنفوذ الخليجي والعربي في اليمن، وأن المخلوع شخص انفعالي وانتهازي ومتقلب ومخادع لا يوثق به.
وبدت البلاد تحت سيطرة “الحوثيين” وكأنها جائزة مجانية جاءت على طبق من فضة لطهران التي تتمدد في الوطن العربي، كما لو أن الدول العربية كانت جزرا معزولة، أو مثل ممالك الأندلس المتناحرة والمفككة.
وهكذا كان لا بد من “الكي آخر العلاج”، فشكّل التحالف العربي بقيادة السعودية، من أجل إعادة “الشرعية” إلى البلاد، ومنع انزلاق البلاد إلى أحضان طهران التي تبحث عن مصالحها القومية عبر استغلال ” الشيعة العرب”، بوصفها وكيل أعمال “الطائفة الشيعية ” في العالم العربي.!