للنازحين في مأرب وجعٌ مختلف
افتخار عبده
اندفع الحوثيون في الفترة الأخيرة نحو مأرب بكثافة آملين في السيطرة على مواردها النفطية الوفيرة دون أن يفكروا بمصير الإنسان الأعزل فيها الذي يتجرع ضرر الحرب والصواريخ التي تطلق عليهم بين حين وآخر، ما أدى إلى موجة نزوح داخلية كبيرة شهدتها محافظة مأرب وخصوصًا في الفترة الأخيرة التي زاد بها جنون الحوثيين وطمعهم الكبير في دخول مأرب مع إدراكهم في قرارة أنفسهم أن هذا حلمٌ لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع ما دام أن الشرفاء موجودون فيها يذودون عنها وعن الجمهورية، وهذا ما زاد فيهم الغضب حتى أرادوا تنفيس الغضب الناتج عن فشلهم، بملاحقة النازحين إلى الأماكن التي نزحوا إليها وذلك بصواريخهم وقذائفهم عل نفوسهم(الحوثيين) المتعطشة للدماء تهدأ قليلًا ولكن دون جدوى.
موجةُ نزوح كبيرة تزداد بين حين وآخر في مأرب العصية فهناك من النازحين من قد نزح للمرة العاشرة ومنهم من نزح لأكثر من ذلك، وللنازحين في مأرب الأبية وجعٌ مختلف عن النازحين الآخرين إن وجعهم لكبير للغاية، ثقيل لدرجة أنه لا يطاق حتى لدى المشاهدين أولئك الذين يعيشون الأمرين بهذه الأيام بالتحديد مع دخول البرد الذي لا يرحم، فالنازحون في صحاري مأرب هناك لا دفاء لهم ولا دواء إنهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، يقضون وقتهم وهم في بطون خاوية وأفواه جافة تتمنى الحصول على شربة ماء نقية، غادروا منازلهم هربًا من عنف وجبروت الحوثيين، نزحوا لأنهم يخشون تنكيل الحوثيين بهم فتلك الفئة لا تنظر هل هذا بريء أو دون ذلك بل إنها تقضي على الناس المدنيين بالجملة ولم تعقب ولم يتحرك فيها ضمير أو أي شعور بالأسف على بني الإنسان وكأن دورها في الحياة هو القضاء على الأحياء ولا شيء غير ذلك.
نازحو مأرب اليوم يعيشون أسوأ أزمة إنسانية لا سكن لهم ولا مأوى يخفون فيه ذواتهم من البرد القارس، ولا مأكل لهم ولا دفاء، فهل قُدر لأولئك الأبرياء أن يذوقوا هذا الكم الهائل من الأوجاع والمآسي العظام دون أن يُلتفت لهم من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية؟ أليسوا أولئك من بني الإنسان؟ يتألمون ويحبون أن يعيشوا حياة تليق بالبشر.
بين فترة وأخرى يزداد عدد المقبلين على صحاري مأرب حتى ضاقت المخيمات وفاضت بمن فيها لتزداد رقعة الوجع ويطول ليل الفاقدين لدفاهم الذي كانوا يلتحفون به ومأكلهم الذي كانوا يتزودون منه قبل نزوحهم الذي جاء قسريًا.
اليوم النازحون في مأرب يعيشون حربين في كلتيها موت مؤكد وما أقسى أن يموت الإنسات جوعًا أو أن يموت من شدة البرد في الصحراء بينما من يشاهدهم ينعم بعيش رغيد، اللهم طلفك بالنازحين، إلهي أنزل عليهم دفئك.
المقال خاص بموقع يمن مونيتور