تقاريرغير مصنف

“عاصفة الساحل”.. عمليات عسكرية خاطفة ومفاجئة شمالي اليمن

جاءت معركة تحرير ميدي وأجزاء من مديرية حرض، مفاجئة وسريعة وخاطفة، أٌخذ الحوثيون وقوات صالح فيها على حين غفلة، وهي بالتأكيد ضمن عملية عسكرية واسعة بدأت مطلع العام الجاري، شاركت في تنفيذها أساطيل وسفن البحرية العربية ومقاتلات التحالف الجوية ومروحيات الأباتشي السعودية. يمن مونيتور/ حجة/ وحدة التقارير
تمكن الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية، من بناء أرضية صلبة لمقاتليهم شمالي البلاد، بعد سيطرتهم على مدينة “ميدي” الساحلية، ضمن عملية عسكرية واسعة بدأت مطلع العام الجاري، شاركت في تنفيذها أساطيل وسفن البحرية العربية ومقاتلات التحالف الجوية ومروحيات الأباتشي السعودية.
وتمكنت الشرعية اليمنية من تأمين موضع قدم ثابت ودائم لها شمال الشمال يطل على ساحل البحر الأحمر ويحاذي الحدود مع المملكة العربية السعودية.
وكانت المنطقة العسكرية الخامسة، أعلنت في 9 فبراير/ شباط الجاري، بلدة “ميدي” بمحافظة حجة شمال غربي اليمن، قاعدة عسكرية لانطلاق عملياتها الحربية في المناطق الساحلية والحدودية، ضمن ما بات يعرف وفق التقسيم الجديد لليمن الاتحادي بـ”إقليم تهامة”، الذي يضم إضافة إلى حجة، محافظات الحديدة والمحويت وريمة.
وجاء الإعلان كمؤشر على عملية عسكرية طويلة الأمد، تمتد على طول الساحل اليمني الغربي من ميدي المحاذي للحدود السعودية إلى مناطق المخأ وباب المندب بمحافظة تعز، مروراً بسواحل محافظة الحديدة ومئات الجزر المتناثرة في البحر الأحمر والمشرفة بطبيعة موقعها، على ممرات الملاحة الدولية وخطوط التجارة العالمية التي حاول الحوثيون قطعها، وهددوا القوى العالمية بإيقاف الملاح فيها، ما لم يتم إيقاف الحرب التي تقود السعودية فيها، تحالفاً عربياً لإعادة الشرعية إلى الحكم في اليمن.
 
عملية خاطفة وسريعة
نجحت قوات الجيش في تحرير مدينة ميدي، كما نجحت من قبل في تحرير ميناء ميدي الاستراتيجي ومناطق شاسعة شمال بلدتي “حرض” و”ميدي”، في عملية عسكرية خاطفة وسريعة، أعادت إلى الأذهان العملية الخاطفة التي نفذها التحالف وقوات من الجيش اليمني في 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2015م، حيث سيطرا فيها على المضيق الاستراتيجي “باب المندب” الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن.
ويذهب في هذا الاتجاه العميد “محمد جواس”، الخبير العسكري اليمني، الذي أشار إلى “أهمية الساحل الغربي لليمن والممتد من باب المندب إلى المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية قرب بلدة ميدي بمحافظة حجة”.
وأكد جواس في مقابلة مع فضائية “الجزيرة” القطرية، أن “أول المعارك التي نفذها التحالف والشرعية في الساحل الغربي، كانت معارك خاطفة للسيطرة على باب المندب وجزيرة ميون”، موضحاً أن “الشرعية والتحالف، وقفت أمام شرط المجتمع الدولي الذي لا يريد أعمال قتالية مستمرة في باب المندب حتى لا تعرقل الملاحة الدولية في هذه المنطقة”.
وأضاف “أن معركة تأمين باب المندب والممتدة من منطقة صلاح الدين باتجاه باب المندب على الساحل الغربي، وإنزال بحري للقوات على جزيرة ميون..”، تمت في ساعات قليلة.
وتابع الخبير العسكري، “كان العالم أشترط معارك خاطفة على البحر الأحمر، لأن الساحل الغربي له أهمية استراتيجية، والمجتمع الدولي يتدخل بأنه لا يريد أعمل قتالية مستمرة في هذه المناطق”.
 
ميدي نقطة تحول
ويعتبر تحرير ميدي وسيطرة الشرعية اليمنية على الميناء الاستراتيجية القريب من المياه الإقليمية السعودية، نقطة تحول في سير المعركة والحرب التي تخوضها قوات الجيش الوطني بمساندة التحالف والمقاومة، ضد مسلحي الحوثي وقوات الرئيس السابق.
وتكمن أهمية تحرير ميدي وإمكانية التقدم نحو باقي الساحل الغربي لليمن انطلاقاً منها، إلى ارتباط المديرية جغرافياً بمنطقة جازان السعودية، ما يسمح بتدفق التعزيزات العسكرية وحشد المقاتلين لمعركة تحرير الساحل الغربي لليمن، إضافة إلى التنسيق العالي الذي تم منذ بداية العمليات في شمال محافظة حجة، بين قيادة الجيش الوطني المتمثل في المنطقة العسكرية الخامسة، وقيادة التحالف العربي و القوات المشتركة في جازان على الحد الجنوبي للسعودية، حيث شارك طيران التحالف والبحرية العربية بقوة في معركة تحرير ميدي مما سهل تقدم قوات الشرعية على الأرض وساعد على إكمال سيطرتها على المديرية بشكل كامل في ساعات قليلة مقارنة بالعمليات الطويلة التي يحتاجها الجيش في مناطق أخرى شرق اليمن وفي تعز جنوب غرب البلاد.
 
انطلاقاً من الشمال
بدأت قوات التحالف والشرعية اليمنية عملية تحرير الساحل الغربي لليمن مبكراً منذ أكتوبر/ تشرين أول عام 2015م، بسيطرة الشرعية على باب المندب ومنطقة ذباب في تعز وجزيرة ميون.
وأعلنت الحكومة اليمنية في ذلك الحين أن العمليات العسكرية ستستمر انطلاقاً لتحرير الساحل الغربي لليمن، من منطقة ذباب بتعز، وصولاً إلى منطقة المخأ وميناءها الداخلي، إلا أن قوات التحالف والشرعية فشلت في الأشهر الماضية، في تحقيق مكاسب على الأرض كما عجزت انجاز الوعود التي أطلقتها لأسباب كثيرة، منها الجغرافيا والطبيعة واستماتت الحوثيين وقوات صالح في الدفاع عن ميناء وساحل المخأ ومحافظة تعز ككل، إضافة إلى مئات الألغام المزروعة على طول الساحل بين منطقتي ذباب قرب باب المندب، والمخأ انطلاقا من الجنوب إلى الشمال.
وجاءت معركة تحرير ميدي وأجزاء من مديرية حرض، كمفاجأة، أٌخذ الحوثيون وقوات صالح فيها على حين غفلة؛ كما أن العملية السريعة والخاطفة، واشتراك كل القوات البرية والبحرية والجوية والمقاومة في عملية تحرير ميدي، أضفت على المعركة نوعاً من الغموض الذي اتضحت معالمه بتمكن قوات الجيش الوطني والمقاومة من السيطرة على جزيرة استراتيجية قبالة سواحل محافظتي حجة والحديدة.
 
عاصفة الساحل
إن توسيع دائرة المعركة على الساحل الغربي لليمن انطلاقاً من مديرية “ميدي” شمالي حجة، قد لا يكون بالسهولة التي يتوقعها البعض، لكن إطلاق عملية واسعة هناك، يكتسب بعداً استراتيجياً وأهمية بالغة، للحد من إمكانية استفادة الحوثيين والقوات الموالية لـ”صالح” من تلك السواحل لتهريب الأسلحة، إضافة إلى تضييق الخناق على معاقلهم في المرتفعات الجبلية بصعدة وحجة، وتسهيل مهمة الجيش المتقدم من مأرب (شرقاً) باتجاه العاصمة صنعاء، كما تأتي أهميته في تأمين المياه الإقليمية وممر الملاحة الدولية في البحر الأحمر القريب من الساحل اليمني.
ويبلغ الساحل الغربي لليمن نحو 440 كيلومتراً، ويتوزع على ثلاث محافظات؛ تعز، والحديدة، وحجة.
وتُعرف تلك المناطق الساحلية بـ”تهامة” التي أصبحت في إطار إداري واحد وفق مخرجات الحوار والتقسيم الجديد للدولة اليمنية على أسس اتحادية، تحت مسمى “إقليم تهامة” الذي يضم إضافة إلى حجة والحديدة، المطلة فعلياً على البحر الأحمر، محافظتي المحويت وريمة، واللتان تمثلان عمقاً استراتيجياً للمناطق الساحلية وامتداداً جغرافياً جبلياً يطوق العاصمة اليمنية، ويشرف على الساحل الممتد من أطراف ميدي بحجة إلى أطراف الخوخة بالحديدة.
ولمحافظة حجة التي بدأت العمليات العسكرية في شمالها متأخرة؛ تحديدا في بلدتي “ميدي” و”حرض” المحاذيتان للحدود السعودية، أهمية خاصة على الشريط الغربي لليمن، كونها على الحدود السعودية، والمنفذ البحري الأقرب إلى معاقل الحوثيين في صعدة، كما تضم ميناء ميدي، والذي أستغله الحوثيون خلال السنوات الماضية، كميناء رئيسي لتهريب الأسلحة والذخيرة والمعدات العسكرية، وسعوا إلى ضم “حجة” إلى إقليم آزال مع صعدة وصنعاء ليكون منفذاً آخر لهم على البحر الأحمر.
ومؤخراً، أعلنت المنطقة العسكرية الخامسة اتخاذ “ميدي” في أقصى الساحل الغربي لليمن شمالاً، منطلقاً لعمليات تحرير المناطق الساحلية وإقليم تهامة، وفعلياً بدأت عملياتها بالتوغل في المناطق الساحلية غربي مديرية عبس آخر مديريات محافظة حجة المطلة على ساحل البحر الأحمر، كما يخوض الجيش الموالي للشرعية في حرض المجاورة معارك عنيفة، ضد مسلحي الحوثي وقوات موالية للرئيس السابق “صالح” التي باتت في مواقع دفاع جنوب وشرق المديرية.
بدوره أستأنف الطيران العربي عملياته وغاراته الجوية، على معسكرات الجيش الموالي للحوثيين والرئيس السابق، وإن كان هذه المرة بشكل أكثر دقة ونجاحاً في تحقيق لأهداف في مناطق بمحافظتي حجة والحديدة، حيث كثفت طائرات التحالف من غاراتها الجوية المنطقة، كان أخرها غارات يوم الجمعة 12 فبراير/ شباط الجاري، التي استهدفت  معسكر اللواء 25ميكا بمديرية عبس، ومعسكر أبو موسى الاشعري في مديرية الخوخة، فضلاً عن قصف تجمعات لمسلحين في المديريات الجبلية بحجة والحديدة ومناطق أخرى على ساحل البحر الأحمر خلال الأيام القليلة الماضية.
 
حرب تحرير شاملة
لم تكن معركة تحرير الساحل الغربي لليمن من جهة الشمال وليدة الصدفة، لكنها ناتجة عن دراسة متأنية وخطط عسكرية متقنة، هكذا رأى الشيخ “ناصر دعقيق”، وكيل محافظة حجة للشؤون الإدارية ورئيس لجنة الإمداد والتمويل بالمجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في إقليم تهامة.
وقال الشيخ دعقين في تصريح خاص لـ”يمن مونيتور” إن معركة الجيش الوطني في إقليم تهامة والساحل الغربي، هي معركة تحرير كامل الإقليم والمنطق الساحلية بالتزامن مع تحرك الجيش الوطني من مأرب شرقاً باتجاه العاصمة صنعاء”، مشيراً إلى “أن قوات الشرعية ستلتحم بعد تحرير كل المناطق في العاصمة”.
وأضاف “دعقين”، أن “عمليات الجيش السريعة في ميدي جاءت كضرورة ملحة لقطع إمدادات الحوثيين واستنزاف العدو وتشتيت قوته في أكثر من جبهة”، لافتاً إلى “أن العمليات لعسكرية ستستمر حتى تحرير باقي لمناطق الساحلية في إقليم تهامة وتطويق الحوثيين و”صالح” في معاقل التمرد بصعدة”.
وأشار إلى “دور المقاومة الشعبية في تسهيل عمليات تحرير الساحل الغربي لليمن وإقليم تهامة، والتي تنفذ عمليات يومية وتقطع إمدادات الحوثيين وقوات صالح داخل مديريات الإقليم مما أضعف تحالف الحوثيين وصالح والذي لا يستطيعون أن يتحركوا بشكل جماعي بعد تصعيد لمقاومة لعملياتها الداخلية”.
وتحدث دعقين عن الصعوبات التي تواجه الجيش والمقاومة في معركة تحرير إقليم تهامة، والمتمثلة في الألغام المزرعة بكثافة في الطرقات الرئيسية والحرات والمنازل والمزارع، مشيراً إلى “حاجة الجيش إلى كاسحات ألغام ومعدات ثقيلة وأسلحة نوعية من أجل القضاء على دفاعات الحوثيين وحلفائهم وتحرير المناطق الساحلية في وقت قصير وفي عمليات خاطفة وسريعة كما حدث في ميدي”.
ودعا “دعقين”، “القوى الوطنية إلى الانضمام مع الشرعية والوقف في وجه الجماعات التي تسعى لإهدار مؤسسات الدولة وضرب مصالح المجتمع”، مطمئناً المواطنين في إقليم تهامة بـ”أن الجيش الوطني والمقاومة قادران على حماية البلاد وحفظ مؤسسات الدولة ونأمل استلام الإقليم من دون حرب تجنيباً لسفك دماء الناس”.
 وخاطب القيادي في مقاومة تهامة من وصفهم بـ”عقلاء المؤتمر إلى التحلي بالمسؤولية والحفاظ على البلاد والوطن، والانحياز إلى الشرعية والحق والجيش الوطني والسلام”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى