الوجه الحقيقي لسياسة مكافحة الإرهاب
كشفت الحكومة اليمنية من مقرها بقصر معاشيق، عن ضبط خلايا إرهابية متورطة في احداث عدن دون تسميتها، يأتي هذا التصريح بعد إعادة تفعيل دور مكافحة الإرهاب في عدن، عادت للواجهة المداهمات والمطاردات، لأشخاص بدعوى انهم متهمون بالإرهاب، وفيهم ناشطون سياسيون، وأصحاب راي، ومعارضين، ومن اسر وذوي هامات جنوبية، تشهد لها الساحات والمعتقلات، وهذا لا يعفيهم من المثول للنظام والقانون، فالقضية تكمن في جماعة محاربة الإرهاب التي ترى نفسها فوق النظام والقانون، وانها مفوضة في تجاوزه، واستخدام مزاج القوة والقهر في القبض على المشتبه بهم، والتعذيب في التحقيق معهم، متناسيين العقد الاجتماعي الذي يعطي الحق ببراءة المتهم حتى تثبت إدانته، وعندما يفقد المتهم ذلك الحق، يتعامل معه كمتهم يجب ان يعترف عن ما يملي عليه بالعنف .
تجاربنا منذ الاستقلال، في استخدام القبضة الأمنية، لخدمة المزاج السياسي والايدلوجي، ولازالت احداث السحل والقتل والاغتيالات، والتصفيات الجسدية ماثلة في صور وأحداث الماضي الأليم، ولازلنا نعيد استخدام تلك الأساليب القذرة بأسوأ مما كان، و عدن منذ ان 2015م، كانت مسرحا لإرهاب كل من يعارض مزاج وفكرة المسيطر، تم خلالها اغتيال كوكبة من المعارضين، لتهيئة الساحة للمزاج السياسي والايدلوجي، وبدعم استخبارات إقليمية ودولية، ومكافحة الإرهاب السياسة الاستعمارية الجديدة، لفرز الناس بمزاج الفرقة والقهر والظلم، ليس لمكافحة الإرهاب، بل للمساهمة في تنميه بيننا، وزيادة حجم القهر والظلم، لتبقى حالة التناحر ماثلة، والسلطة عصا لمن يعصي مزاجها .
مكافحة الإرهاب، باختصار هي مجمل الإجراءات التي تتخذه السلطة المسيطرة والحكومات والمؤسسات الأمنية لترسيخ العدل وتوفير سبل الحياة الكريمة، في عدالة الفرص والحقوق والواجبات، وضبط إيقاع الحياة والعلاقات بمنظومة عادلة بحيث لا ضرر ولا ضرار، لا قهر ولا ظلم، لا تمايز ولا تحابب، الكل متساوون في الفرص والحقوق والوجبات، وبالتالي لا وجود المقهورين ومظلومين، ومع تنوير العقول ومكافحة التطرف والغلو، بطريقة علمية سلسة، نظمن محاصرة الأنشطة الاجرامية، والتضييق على التنظيمات المتطرفة، وبالتالي يضعف الإرهاب، عندما لا يجد مقهورين ومظلومين يستخدمهم، وفرص للتعبئة .
ما يحدث اليوم من مداهمات، ومطاردات واختطافات، وإخفاء قسري، وسجون مظلمة وتعذيب، كلها اجراءات غير قانونية، يستخدمها المعنيين لمزيد من القهر والظلم والتعسف، ومزيد من الفرقة والتناحر، فتحول الامن العصا بيد سلطة الأمر الواقع لكل من يعصيها، لإرهاب الناس، مع التضييق المعيشي والخدمي، ازدياد حالة الفقر والعوز، أساليب تصنع إرهابيين وتهيئ الحواضن لاستقبلهم، ونبقى في دائرة من الإرهاب والإرهاب المضاد، إرهاب الدولة ومعارضيها.
ما يحدث اليوم من توزيع رواتب لفئة وحرمان فئات، وحجم فارق هذا الراتب الغير مبني على مؤهلات وكفاءات وخبرات، يصنع حالات من الظلم والقهر، التي تدفع للتطرف باستثمارها في عملية الإرهاب، وهي أحد أدوات تنامي الإرهاب.
ما يحدث يضع المعنيين عن السياسة والامن وموضع الشبهات، و مع تراكم الانتهاكات يتحولون لمتهمين مطاردين من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية، وتدرج أسمائهم في تقارير حقوق الانسان ، وهذه هي نهاية كل من يخرق الأنظمة والقوانين المحلية والدولية، يخرق حقوق الناس المكفولة في المواثيق الأممية والدساتير والشرائع السماوية والأعراف .
مع الأسف ان البعض يتعامل مع قضية مكافحة الإرهاب، كقضية للاستثمار السياسي، التي تبقيه يرتعي من مرتعها، ويتلقى الدعم الإقليمي والدولي، دون ان يحتسب لمسألة الاستخدام المؤقت، الذي ينتهي بمجرد انتهاء الدور، او ان يشكل عبء على الداعمين، أو يصبح مجرد اداءة مكشوفة العورة، تشكل خطرا داعميها، يمكن ان تتحول كبش فداء في أي وقت، ويتم التضحية بها بكل سهولة .
البعض لا يرى بعقل فطن، ولا يقرأ واقعه وأحداث هذا الواقع قراءة صحيحة، يأكل ويشرب كالبهيمة، ويسير بأمر سيده، يشاهد أحداث، ويقع زملائه في المصائد، دون ان يعتبر، او ان من وظفه كان اذكى، و سلبه حريته، بما أخذه من مستمسكا، صار يهدده به للاستمرار كعميل .
وفعلا هي العمالة، ان يكون اداة تأجيج الصراع والفرقة والتناحر، اداة فتنة، والضحية الوطن والقضية الوطنية، و واقع المناطق المحررة التي فيها عملاء الخارج، موظفين يستلمون أجورهم من الخارج، ويستخدمون لضرب المشروع الوطني، ضرب الجمهورية والديمقراطية والوحدة، مهما رفع من شعارات وتدثر بمشاريع، الهدف مشهود على الأرض، يدركه الصغير قبل الكبير، ويتصدى له الشرفاء والوطنيين من كل شرائح المجتمع، الصوت المجلجل الذي يضج وطنية ويزلزل معاقل المتآمرين .