برنامج أممي: التعافي في اليمن ممكن “شريطة أن تتوقف الحرب الآن”
يمن مونيتور/قسم الأخبار
أشار تقرير جديد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن اليمن، والذي يعد حاليا من بين أفقر البلدان في العالم، يمكنه إنهاء الفقر المدقع في غضون جيل واحد- أي بحلول عام 2047 – شريطة أن تتوقف الحرب المدمرة الآن.
التقرير، الذي أعده مركز فريدريك إس. باردي للمستقبل الدولي بجامعة دنفر الأمريكية، هو الجزء الثالث والأخير من سلسلة ذات ثلاثة أجزاء أصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعنوان “تأثير الحرب والنزاع في اليمن”.
من خلال النمذجة الإحصائية التي تحلل السيناريوهات المستقبلية، يوضح التقرير أن تحقيق السلام بحلول كانون الثاني/يناير 2022، إلى جانب حدوث عملية تعاف شاملة، يمكنهما مساعدة اليمنيين على عكس الاتجاهات العميقة للفقر، ومساعدة اليمن على القفز إلى وضع متوسط الدخل بحلول عام 2050، مع القضاء على الفقر المدقع الذي يعاني منه حاليا 15.6 مليون شخص.
ويتوقع التقرير أيضا إمكانية انخفاض سوء التغذية إلى النصف بحلول عام 2025، وإمكانية أن تحقق البلاد نموا اقتصاديا قيمته 450 مليار دولار، بحلول عام 2050 في سيناريو سلام وتعاف متكامل.
صورة واضحة
تقدم الدراسة صورة واضحة لما يمكن أن يبدو عليه المستقبل، في ظل سلام دائم، بما في ذلك توفير فرص جديدة ومستدامة للناس
وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر إن التقرير يقدم رؤى جديدة لأسوأ أزمة إنسانية وتنموية في العالم:
“لا يزال ملايين اليمنيين يعانون من الصراع، وهم محاصرون في الفقر ولديهم فرص ضئيلة للحصول على فرص عمل وسبل عيش. تقدم الدراسة صورة واضحة لما يمكن أن يبدو عليه المستقبل، في ظل سلام دائم، بما في ذلك توفير فرص جديدة ومستدامة للناس. للمساعدة في تحقيق ذلك، تواصل أسرة الأمم المتحدة بأكملها العمل مع المجتمعات، في جميع أنحاء البلاد، لتشكيل مستقبل سلمي وشامل ومزدهر لجميع اليمنيين”.
خسائر متعددة
يأتي التقرير في وقت لا يزال اليمن غارقا في صراع دموي مستمر منذ عام 2015. فبالإضافة إلى الخسائر في الأرواح، تمزق الحرب سبل العيش والنسيج الاجتماعي، مما يتسبب في تأرجح اليمن على شفا المجاعة، ويتسبب في انتكاسات واسعة النطاق للتقدم التنموي.
وقدر التقرير الخسائر التي تلقتها اليمن، خلال سنوات الحرب الست الماضية بنحو 126 مليار دولار من النمو الاقتصادي المحتمل. ويرسم التقرير صورة قاتمة في حال استمرار الصراع حتى عام 2022 وما بعده. فإذا استمر الصراع حتى عام 2030، يتوقع التقرير أنه سيودي بحياة 1.3 مليون شخص بحلول ذلك العام.
يوضح التقرير أن نسبة متزايدة من تلك الوفيات لن تحدث بسبب القتال، ولكن بسبب الآثار الثانوية للأزمة على سبل العيش وأسعار المواد الغذائية وتدهور الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.
حتى الآن، يتوقع التقرير أن 60 في المائة من الوفيات خلال الأزمة نتجت عن هذه العوامل الثانوية – وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع إلى 75 في المائة بحلول عام 2030 إذا استمرت الحرب.
السلام هو السبيل الوحيد
ويسلط التقرير الضوء على الآثار الأقل شيوعا وواسعة النطاق التي ستظل تحدثها الأزمة المستمرة في اليمن عبر الأبعاد الرئيسية للتنمية والرفاهية.
فقد دفعت الأزمة بالفعل 4.9 مليون شخص إضافي إلى سوء التغذية، ويتوقع التقرير أن يرتفع هذا العدد إلى 9.2 مليون بحلول عام 2030 إذا استمرت الحرب.
وبحلول العام نفسه، سيرتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 22 مليونا، أي حوالي 65 من سكان البلاد.
بينما يحث التقرير على أن السلام هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق في سبيل المضي قدما لإنهاء المعاناة في اليمن، فإنه يدعو أيضا أصحاب المصلحة الوطنيين والإقليميين والدوليين إلى تبني عملية تعاف شاملة، عبر القطاعات تشمل المجتمع اليمني بأسره.
وشدد التقرير على ضرورة أن يتم تخصيص دعم التعافي إلى ما هو أبعد من البنية التحتية وأن يكون الناس في صميم هذه الجهود؛ من المتوقع أن تحقق الاستثمارات التي تركز على الزراعة وتمكين المرأة وتنمية القدرات والحوكمة الفعالة والشاملة والمؤسسات أعلى عائد على التنمية.
المرأة مفتاح التعافي
يؤكد التحليل أن تمكين المرأة هو مفتاح التعافي، حيث تظهر التوقعات أن الجهود المركزة على النهوض بالنساء والفتيات، في جميع أنحاء اليمن، يمكن أن تؤدي إلى زيادة بنسبة 30 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي، بحلول عام 2050، إلى جانب خفض معدل وفيات الأمهات إلى النصف بحلول عام 2029.
يبعث التقرير برسالة مفعمة بالأمل مفادها بأن اليمن لم يفقد كل شيء. ولكن مع ذلك، فإنه يوضح أيضا أنه مع الآثار المذهلة للصراع، خلال السنوات الست الماضية، لم يعد هناك وقت ليتم تضييعه، حيث يستمر الوضع في الانزلاق بصورة سريعة، مشددا على ضرورة تطوير خطط دعم التعافي بشكل مستمر حتى مع استمرار القتال.
وقالت خالدة بوزار، مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الشعب اليمني حريص على المضي قدما في تحقيق تعاف مستدام وشامل ومضت بالقول:
“برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على استعداد لتعزيز دعم اليمنيين في هذه الرحلة حتى لا نترك أحدا يتخلف عن الركب، بحيث يمكن تحقيق إمكانات اليمن والمنطقة بالكامل – وبمجرد ضمان السلام، يمكن استدامته”.
هل يمكن لليمن اللحاق بأجندة 2030؟
في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، شدد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، أوك لوتسما على ضرورة معالجة العجز العميق في التنمية الذي يعاني منه اليمن.
وأشار إلى أن اليمن يشهد نموا سكانيا سريعا للغاية مما يفرض الكثير من الضغط على موارد البلاد الطبيعية، مبينا أن اليمن يعد من أكثر البلدان التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، الأمر الذي قال إنه يؤكد الحاجة إلى إدارة مستدامة للمياه.
“اليمن من أكثر البلدان التي ستعاني من تغير المناخ. في الواقع، من المتوقع أنه بحلول عام 2050 سترتفع درجة الحرارة إلى ثلاث درجات على الأقل مما هي عليه اليوم، لذلك يمكنكم أن تتخيلوا تأثير ذلك على بلد شبه صحراوي مثل اليمن”.
وفي إجابته على سؤال حول ما إذا اليمن سيكون على المسار الصحيح بشأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بحلول عام 2030، قال أوك لوتسما:
“أعتقد أنه من غير الواقعي الاعتقاد بأن اليمن سيكون على المسار الصحيح تماما لتحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. لقد أصبح الصراع في اليمن صراعا مستمرا عبر الأجيال، لذا فإن تعافيه وإعادة إعماره سيكونان أيضا جهدا مستمرا لأجيال. لكن تقريرنا يقدر أنه بحلول عام 2050، أي جيل واحد، يمكن أن ينخفض الفقر إلى النصف ويمكن أن يعود اليمن حقا إلى المسار الصحيح ليصبح دولة ذات دخل متوسط”.