تراجم وتحليلاتغير مصنف

لماذا عاد تنظيم القاعدة إلى استراتيجية السيطرة على الأرض؟

يبتلع تنظيم القاعدة مزيداً من مدن ومديريات محافظات جنوب اليمن دون عناء يُذكر، حيث سيطر التنظيم، يوم الاثنين الماضي، على مدينة عزان، ثاني أكبر مدن محافظة شبوة بجنوب شرقي اليمن. يمن مونيتور/ خاص/ من محمد مراد
يبتلع تنظيم القاعدة مزيداً من مدن ومديريات محافظات جنوب اليمن دون عناء يُذكر، حيث سيطر التنظيم، يوم الاثنين الماضي، على مدينة عزان، ثاني أكبر مدن محافظة شبوة بجنوب شرقي اليمن.
وجاءت سيطرة التنظيم على مدينة عزان بعد أشهر من سيطرته على مدينة المكلا ومدن أخرى بساحل محافظة حضرموت، وعلى مدينتي جعار وزنجبار بمحافظة أبين، وعلى مدينة الحوطة بمحافظة لحج.
وغير مستبعد أن يسعى التنظيم إلى السيطرة على بلدات أخرى بمحافظات جنوب اليمن.
 
سيطرة غير مزعجة
وبدا لافتاً أن سيطرة تنظيم القاعدة على مناطق شاسعة في الجنوب لم تثر حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية، كما كان في السابق.
فلم تتحرك الولايات المتحدة عسكريا، عبر طائراتها دون طيار، ولا من خلال الضغط على أطراف الصراع في اليمن للتوافق على حل سياسي ينهي الحرب، كما حدث خلال عامي 2011 ـ 2012م حين ضغطت على تلك الأطراف للتوقيع على حل سياسي (المبادرة الخليجية)، بعد أن سيطر تنظيم القاعدة على مساحات شاسعة في محافظات أبين وشبوة والبيضاء.
ويبدو أن هناك اطمئناناً أمريكياً لأهداف تنظيم القاعدة الجديدة من السيطرة على تلك المناطق، بالإضافة إلى أن التنظيم لم يعد هدفاً رئيسياً أو أولويةً للحرب على الإرهاب، كما كان في السابق، حيث بات بمقدوره نقل آليات عسكرية ثقيلة، بينها دبابات، من محافظة إلى أخرى دون أن تتعرض قاطرات النقل للقصف، كما بات بمقدوره تنظيم ورعاية أنشطة رياضية وأمسيات دعوة في أبين وحضرموت دون أن يُستهدف.
 
أهداف القاعدة 
وعقب انسحاب تنظيم القاعدة من مناطق سيطرته في محافظة أبين وشبوة، منتصف العام 2012م، لم يحاول التنظيم تكرار التجربة مرة أخرى رغم قدرته على ذلك، لكلفتها.
واكتفى التنظيم بخلق واقع أمني يمكنه من التحرك والنشاط في تلك المناطق.
غير أن الواقع الذي شكلته أحداث اليمن خلال العامين الماضيين، وأهمها حدث انقلاب الحوثيين و”صالح” على السلطة وما صاحبه من انهيار للمؤسستين الأمنية والعسكرية بالإضافة إلى إعلان تنظيم الدولة الإسلامية تمدده إلى اليمن، فرض على القاعدة خيارات أخرى.
ومن الخيارات التي فرضتها أحداث العامين الأخيرين على القاعدة خيار السيطرة على الأرض، حيث تدرك القاعدة، أكثر من غيرها، أن عدم سيطرتها على تلك المناطق يعني سيطرة “تنظيم الدولة الإسلامية” عليها.
وتعني سيطرة “تنظيم الدولة” على تلك المناطق عدم قدرة القاعدة على التواجد والنشاط فيها مجدداً.
 
خطر ثانوي
ومن المرجح أن الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، يتعامل مع سيطرة تنظيم القاعدة على مساحات في جنوب اليمن من واقع نظرته الجديدة للتنظيم كخطر ثانوي، بعد ظهور “تنظيم الدولة” وسيطرته على مناطق عدة في كل من العراق وسوريا ومصر وليبيا ونيجيريا ولبنان، ونجاحه في الاحتفاظ بكثير من تلك المناطق.
وفي ظل انشغال الحكومة الشرعية المدعومة من قوات التحالف العربي بالحرب ضد قوى الانقلاب (الحوثيون وصالح) من الصعب منع تنظيم الدولة الإسلامية من السيطرة على كثير من المناطق المحررة في الجنوب دون التغاضي عن سيطرة تنظيم القاعدة عليها.
ويعني أي نفوذ لتنظيم الدولة الإسلامية في اليمن انتكاسة للحرب التي يخوضها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد التنظيم في العراق وسوريا، على اعتبار أن الحد من نفوذ التنظيم هو أحد الأهداف التي يراها التحالف ممكنة التحقق، فلن يكون لإخراجه من مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار العراقية معنى إن سيطر على مدينة عتق بمحافظة شبوة اليمنية أو على أية مدينة مهمة أخرى.
وتقيس الولايات المتحدة النصر على تنظيم الدولة الإسلامية بنسبة ما استعادته من المناطق الخاضعة لسيطرته، حيث اعتبر وزير الخارجية الأمريكي استعادة التحالف لـ (30%) مما سيطر عليه التنظيم انتصاراً مهماً ينبغي الحفاظ عليه، كما حذر من سيطرة التنظيم على مناطق أخرى، فلا زال قادراً على ذلك، حد تعبيره.
ولا يعني هذا وجود تنسيق من أي نوع بين تنظيم القاعدة وبين الولايات المتحدة، كما لا يعني أن التنظيم لم يعد عدواً خطراً، غير أن هناك مخاوف مشتركة يتعامل معها كل طرف على طريقته، فقلق تنظيم القاعدة من نفوذ الدولة الإسلامية في اليمن لا يقل عن قلق أمريكا، إذ من شأن نفوذ كهذا تهديد مستقبل وجوده في تلك المناطق.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى