بينما نشكو الإفلاس العاطفي والعجز الوطني في المحبة منادين بملء رصيد الوطن من الحب، وإيداع المزيد من رصيد المحبة والتسامح والتراحم في قلوب الناس وحب الخير لإخوانهم من البشر حتى وإن أبغضوهم، ذلك أن حب الخير للناس لا علاقة له بالمحبة أو الكراهية، فذلك الرصيد من التراحم والتسامح وحب الخير للآخرين يطهرنا من الداخل، ويجمّل أخلاقنا ويملئ حياتنا بالخيرية والإنسانية.
بينما نشكو الإفلاس العاطفي والعجز الوطني في المحبة منادين بملء رصيد الوطن من الحب، وإيداع المزيد من رصيد المحبة والتسامح والتراحم في قلوب الناس وحب الخير لإخوانهم من البشر حتى وإن أبغضوهم، ذلك أن حب الخير للناس لا علاقة له بالمحبة أو الكراهية، فذلك الرصيد من التراحم والتسامح وحب الخير للآخرين يطهرنا من الداخل، ويجمّل أخلاقنا ويملئ حياتنا بالخيرية والإنسانية.
إلا أني اليوم أقع تحت صاعقة المفاجأة، وهي أن مشاكلنا في الأساس أحد الأسباب المحركة لها هو الحب!
هل تصدقون ذلك؟!
نعم أحد مشاكلنا أن القلوب مليئة بالحب بل هو محركها الأساس.
(أوشوا)، رغم اختلافي معه حول بعض أفكاره التي استغربها تماماً وأعارضه فيها، إلا أن لديه من الأفكار الأخرى ما تستوقفك كثيراً للتأمل والإبهار، كأنك اكتشفت لغزاً وسراً من أسرار الحياة، (أوشو) هو الذي يكشف لنا هذا الأمر.
هذا القتل الجاري ليس في الوطن وحده بل كثير من الحروب على مستوى العالم منبعها الحب..
في اليمن كل يوم يسقط عشرات القتلى من الأبرياء، والضحايا في الحرب، خّلفوا وراءهم جرحاً غائراً وضيقاُ لا ينفك، وحزناً يُثقل القلوب، ومن الناس من شغله العمل حتى عن حزنه، أم انه الحزن تخفى واستتر وراء عمل ضمنه الصمت؟
ما من بيت إلا ويشهد حالة من الأسى والحزن، إن كان ليس على قريب ولا صديق ولا جار فهو على الجنائز التي تقاد كل يوم من ابناء الوطن، والحسرة على الطاقات المهدرة من أجل محبين يدّعون امتلاك توكيل إلهي بقتل الناس كي يدخلوا إلى الجنة!!
أي حب هذا الذي كلّف الوطن كل هذا الأسى؟!
إنه حب الإله جل جلاله.
يوضح لنا اوشو هذا الأمر، فيقول:
المسيحي يقتل المسلم والمسلم يقتل المسيحي، والهندوسي الذي بدوره يقتل المسلم، (وأضيف على قوله) إن المسلم يقتل كذلك اخاه المسلم، وهكذا سلسلة دموية، ولماذا؟
لأنهم جميعاً يحبون الله، وباسم الله يتقاتل بنو البشر، ويقتل الواحد منهم الآخر.
جاء رجل إلى أحد الحاخامات وقال له: يقال إن لديك عقاقير عجيبة، وإنها جد فعالة، أعطني واحدا يجعلني أخاف الله.
قال: أنا لا أعرف دواء يجعلك تخاف الله، ولكن إن شئت أعطيك دواء يجعلك تحب الله.
فصاح السائل: هذا هو ما أريد، أرجوك أعطني واحدا منه.
فقال الحاخام: إنهُ حب واحداً من أقربائك..
والقصد، إذا أردت أن تحب الله فما عليك إلا أن تبدأ بمحبة من هم حولك من بني البشر فهم أقرب إليك، وشيئاً فشيئاً تتسع دوائر حبك لتشمل الكون كله..
إذا منحت حبك لبني البشر، تكون قد خطوت نحو محبة الله.
وما أعظم هدي محمد صلى الله عليه وسلم لنا حين قال (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
لسوء الحظ أن الذي يحدث على هذه الأرض هو العكس تماماً، الناس يحبون الله ويفتكون ببني البشر!
لا ريب أن من يقتلون الناس بدعوى حب الله أنهم يحبون إلهاً مزيفاً، لأنهم لو كانوا يحبون الإله الحقيقي، ويعرفون حقيقة الألوهية لكانوا أحبوا بعضهم بعضاً، أولاً وأحبوا الوجود كله وحافظوا على ما فيه من حياة ذلك أنها من صنع الله الذي اتقن كل شيء خلقه.
في تأمل بسيط للنصوص الدينية والأحاديث نجد أن الكثير منها يحوم حول نفع الناس ومحبتهم وتحقيق مصالحهم والإنصاف بينهم، تلك الأفعال التي تقودنا إلى نيل رضا الله ومحبته سبحانهُ وتعالى، وفعل عكسها هو ما يفضي بنا إلى سخط المولى علينا، ولو كنا من الموحدين والراكعين الساجدين ليل نهار..
ولا يتسع هذا المقال للإشارة إليها، ولكني اختم هذا المقال بحديث قدسي يبين الهوة الكبيرة بين ما يفعل بعض الناس في الواقع اليوم وبين ما يهدينا إليه الله تعالى..
اترك التأمل والمقارنة لكم..
يقول النبي عليه السلام إن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا بن آدم مرضت فلم تعدني..
(قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده).
يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني. فقال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟
يا بن آدم، استسقيتك فلم تسقني. قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه؟ أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي).
ما لم نتعلم كيف نحب خلق الله، فلن نستطيع أن نحب حقًا ولن نعرف الله حقًا. كما قال (جلال الرومي).
*خاص بـ”يمن مونيتور”.
**باحثة وكاتبة في مجال النهضة.