كتابات خاصة

الضغوط الإيرانية على الحوثيين

هناك فِهم قاصر حول درجة تأثير إيران في قرار الحوثيين، ومقدار قبول الحوثيين بالضغوط الإيرانية، وهو أمرٌ يزداد الحديث عنه في ظل الآمال المعلقة على المفاوضات السعودية/الإيرانية -التي جرت الجولة الرابعة في سبتمبر/أيلول الماضي- لإنهاء حرب اليمن.

هناك أمران مهمان في فِهم العلاقة الإيرانية مع الحوثيين: الأول، إيران لا تتحكم بالحوثيين كأداة كاملة بأيديهم -كالميليشيات في العراق على سبيل المثال لا الحصر- هناك جزء كبير من قرار الجماعة لا يخضع ل”فيلق قدس” أو “حزب الله” في لبنان لكن إيران تؤثر فيه بطريقة وأخرى. حاولت طهران تعزيز نفوذها داخل جماعة الحوثي بدفع الموالين لها -الذين درسوا في إيران- لمناصب قيادية ويبدو نجاحها في ذلك. الثاني، أن طهران تريد استخدام الحوثيين للضغط على الخليجيين، فيما يريد الحوثيون أن يصبحوا القوة الأكبر والأكثر تأثيراً بل وقادة شبه جزيرة العرب، بما في ذلك السيطرة على “نجران وجازان وعسير” وضمهما إلى المحافظات الشمالية لليمن.

قد يقول البعض أن جماعة عقدية/أثنية تضخمت -كالحوثيين- تتجاوز حتى داعميها، وهو أمرٌ صحيح إذا كانت الجماعة -هذه- تملك القدرة على الاعتماد على نفسها في محيط مستقر لصالحها.

تقوم مشاورات السعودية مع إيران على أساس قدرة طهران على الضغط على الحوثيين، وهو أمر صحيح. لكن هذا القدرة تصل إلى مستوى معين يمكن لإيران دفع الحوثيين حوله، ليس لأن طهران تتحكم بشكل كامل بالحوثيين بل لأن جماعة الحوثي قد تتضرر من العقوبات الإيرانية ضدها: كتوقيف تكنلوجيا السلاح الذي يصل للجماعة، والدعم الدبلوماسي والإعلامي الذي تحظى به الجماعة، التبرعات الشيعية والتمويل الإيراني -وإن كانت أقل بكثير مما ينفق في جهود الحرب-. كما أن الحوثيين سيكونون بحاجة لدعم إيران في المرحلة الانتقالية إذا ما تم التوصل لاتفاق سلام.

هناك ثلاثة أمور تريدها السعودية من إيران: ضمانات بوقف صواريخ وهجمات الحوثيين عبر الحدود، دفع الحوثيين لمشاورات سلام مع الحكومة الشرعية، ابتعاد إيران عن الحوثيين (وهي مفارقة إذ أن الرياض تفاوض طهران من أجل ضغط الأخيرة على الحوثيين). تريد إيران مقابل ذلك: عودة العلاقات الدبلوماسية، دعم نظام بشار الأسد للعودة إلى الجامعة العربية، عودة العلاقات الاقتصادية، دعم السعودية لاتفاق نووي يجري التشاور عليه مجدداً بين طهران والقوى الغربية. يمكن قياس تنفيذ جميع الملفات لكن لا توجد أداة لقياس ابتعاد إيران عن الحوثيين، حتى لو قدمت إيران والحوثيين الوعود بتنفيذ ذلك.

إذا نجحت إيران والسعودية في التوصل إلى اتفاق بشأن اليمن وعودة الدبلوماسية والعلاقات الاقتصادية للبلدين فإننا أمام مرحلة جديدة نحو توافقات بشأن “نظام أمن” إقليمي يقوم على التهدئة وتقاسم النفوذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى