قبل أسابيع؛ وبينما كان الطيران الأميركي يمنح الغطاء الجوي لهجوم الجيش العراقي على الرمادي، كان قادة إيران وحشد من الأتباع القادمين من مناطق شتى يخطبون فيما يسمى «مؤتمر الوحدة الإسلامية» في طهران عن التحالف الوثيق بين من يسمونها «المجاميع التكفيرية»، وبين الاستكبار الأميركي، وأحيانا مع «المشروع الصهيوني».
قبل أسابيع؛ وبينما كان الطيران الأميركي يمنح الغطاء الجوي لهجوم الجيش العراقي على الرمادي، كان قادة إيران وحشد من الأتباع القادمين من مناطق شتى يخطبون فيما يسمى «مؤتمر الوحدة الإسلامية» في طهران عن التحالف الوثيق بين من يسمونها «المجاميع التكفيرية»، وبين الاستكبار الأميركي، وأحيانا مع «المشروع الصهيوني».
دعك من حكاية الوحدة التي داستها إيران بعدوانها، ثم تعقد لها مؤتمرا.. المهم أنه حين تأخذ أية جهة مسارا سياسيا موغلا في الخطأ والخطيئة، فلا يمكن أن تدافع عنه بالمنطق، ولا بد لها تبعا لذلك من التورط في الكذب، وصلا إلى الابتذال والهذيان.
لمن يشك في هذا الكلام، ما عليه سوى أن يتابع وسائل الإعلام الإيرانية التي تملك خدمة بالعربية، مثل فارس، مهر، تسنيم أو إيرنا، لكي يدرك حجم السخف والهذيان في متابعة الأخبار وصياغتها، مع بث الاتهامات للآخرين، ولعل أهم ما سيلاحظه في خطابها، وخطاب السياسيين، ومعهم الأتباع هي الهرطقة السياسية في توصيف تنظيم الدولة وعلاقته وتحالفاته.
ففي حين تستهدفه أميركا في سوريا والعراق، يتم اتهامه بالتبعية لأميركا، وأحيانا للكيان الصهيوني. وفي وقت يجعل التنظيم السعودية أحد أهم أهدافه، يجري إلصاقه بالسعودية، وحين يضرب في تركيا، يجري اتهام الأتراك برعايته، وهكذا.
لسنا مع التنظيم في نهجه الفكري والسياسي، لكننا نتحدث عن هذيان القوم حين ينسبونه إلى أطراف تعاديه، فيما يعلمون أن سر قوته يكمن في أنه بلا مرجعية يمكن الضغط عليها، كما أن أحلامه كبيرة جدا، تتجاوز سياسات تنظيمات قُطْرية، ومن يتابع خطابه وسلوكه يجد أنه يعلن عمليا الحرب على العالم أجمع، حتى لو قال في معرض التبرير إن العالم هو من أعلن الحرب عليه.
والحال أن هذا الهذيان الذي يتلبس إيران وأدواتها لا يتسبب فيه تنظيم الدولة، إذ إنها في معركة مع غالبية الأمة، وهي أكثر حقدا على الأطراف الإسلامية التي تتهمها زورا بدعم تنظيم الدولة من حقدها على التنظيم نفسه.
يحيلنا هذا إلى وضع مشابه نلمسه من متابعة الإعلام الروسي الناطق بالعربية أيضا، فهو وإن كان يختلف من حيث التغطيات الصحافية، وتصعب مقارنته بنظيره الإيراني، إلا أنك تلمس الكثير الكثير من الخفة في تغطياته، وذلك عبر محاولة محمومة منه لتصوير روسيا كإله للكون، وبوتن كسوبرمان لا يغلبه أحد، من خلال استعراض يومي للأسلحة، ونشاطات بوتن وانشغال الناس به، حتى إن «روسيا اليوم» و»سبوتنيك»، وهما وكالتان روسيتان لا تتورعان عن القول إن بوتن أصبح من أهم محاور معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية!!
الشيء الأكيد أن كلا البلدين في أزمة؛ إيران في عموم مشروع تمددها الذي يواجه مأزقا حقيقيا، وروسيا أيضا في مساعيها لاستعادة مجد الاتحاد السوفيتي الذي لن يعود، وإن فرضت نفسها كقطب دولي، لكنه قطب مرتبك بمأزقه الاقتصادي، وخياراته السياسية، بخاصة في منطقتنا، فضلا عن أوكرانيا وحديقته الخلفية.
هذه أمة تورط معها كثيرون كانوا أقوى بكثير من روسيا وإيران، لكنهم خرجوا خاسرين في نهاية المطاف، وإيران وروسيا لن يكونا استثناءً، ما لم يحكّما مسار العقل والمنطق، والتسويات المقبولة.
العرب القطرية