التشكيلي اليمني ناصر مرحب: المجتمعات العربية ترى «الفن لهواً… واللوحة إثماً»!
(الألمانية)
قال الفنان التشكيلي اليمني ناصر مرحب، إن العالم سبق اليمن وكل العرب في مجال الفنون التشكيلية، مشيراً إلى أنه لا يمكن تحميل الفنانين في بلاده أو في الأقطار العربية، مسؤولية ما وصفه بـ «تأخر الفنون التشكيلية» في اليمن بشكل خاص، وفي الوطن العربي بشكل عام.
وأرجع سبب ذلك التأخر إلى المجتمع العربي الذي يرى «الفن لهواً… واللوحة إثماً»، مضيفاً أن النصائح لا تزال تتوالى على الفنانين بأنهم» يرتكبون جرماً وحراماً بما يرسمون».
ولفت مرحب، إلى أنه على امتداد وطنه اليمن «يتسابق الناس لاقتناء مصادر الموت والحرب ولا تجد من يبادر باقتناء لوحة فنية»، واصفاً الفنانين التشكيليين بأنهم يعيشون «حالة من التحدي والمواجهة».
وحول رؤيته للحركة التشكيلية العربية، قال إن «من يمعن النظر في لوحات رواد الحركة التشكيلية العربية، يجد أن هناك تجارب فنية لها بصمتها الفنية الخاصة، وأن هؤلاء الفنانين لو كانوا يعيشون في بلدان الغرب لوجدت مدارس فنية قد ولدت من ألوانهم وخطوطهم».
وأكد أن المجتمعات العربية تعيش في علاقتها بالفن «حالة من التيه وعدم الاهتمام، وأن ذلك يحدث حتى في أوساط المجتمعات الثرية التي تنفق ببذخ في كثير من مجالات الإنفاق، ولا تنفق شيئاً من أجل اقتناء عمل فني».
وقال: «لذلك، لا يمكن أن نلوم الفنان أو نتهمه بالتقصير، لأنه ببساطة لم يجد المناخ المناسب الذي يساعده على تصدر الواجهة في الحركة التشكيلية العالمية».
وأشار التشكيلي اليمني، الذي فاز أخيراً بجائزة منظمة منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو» لفن المنمنمات خلال العام الجاري، إلى أن هذا الفن هو أحد الفنون الإسلامية التي حظيت بانتشار واسع، بل وبات فناً عالمياً، لافتاً إلى أن فكرته بدأت مع بداية الكتابة والتدوين كرسوم مصغرة توضيحية لمضمون الكتابة، وأن فن المنمنمات يهتم بالتفاصيل الدقيقة في رسم الشكل.
وحول رؤيته لما يردده البعض بوجود فن ذكوري وآخر نسوي، قال مرحب: «الفن هو فن إنساني، سواء قام به فنان ذكر أم أنثى، لا فرق بينهما».
وأضاف أن ثمة من يقول إن هناك فرقاً بين رسم الفتى والفتاة، وأن الفتى يغلب على رسومه الطابع الانفعالي مثل أن يرسم سيارة أو معارك أوصراعاً، فيما يغلب على رسوم الفتاة الجوانب العاطفية كالزهور والحدائق والعرائس.
وأشار إلى أن «الفن لا يصنف حسب النوع، وأن المتابع للمشهد التشكيلي اليمني والعربي، يجد أن المرأة تنافس الرجل، بل وصارت أكثر حضوراً في صالات العرض والملتقيات الفنية، وأن المرأة لو حظيت بمزيد من الحرية في المجتمعات العربية لتفوقت على الفنانين التشكيليين من الرجال».
وأوضح مرحب أن معظم أعماله تتصدرها المرأة، وذلك لأنها «مصدر الجمال والحسن والحب والإلهام، وهي تدخل في جميع تفاصيل الحياة اليومية في وطنه اليمن، وهي حاضرة في التراث وكل الموروثات الثقافية والشعبية، وفي كل المواسم وكل الطقوس، وهي حاضرة في الحركة التشكيلية على الدوام».
وحول المدارس الفنية التي ينتمي إليها، قال مرحب إن الفن بالنسبة له «حالة عشق لا تنتهي»، وإنه وهو يخوض غمار تجربته الفنية يبحث ويكتشف، وهو في مرحلة من مراحل مسيرته الفنية يتعلم ويطور من تجربته التشكيلية.
وأوضح أنه عندما وجد نفسه يحلق في فضاء الفن، كان يطمح لرؤية بصرية أوسع وأشمل، مشيراً إلى أنه ليس له اتجاه واحد أو مدرسة فنية بعينها، وأنه تارة يرسم فناً انطباعياً وأحياناً تجذبه الفكرة لأن يرسم بأسلوب المدارس التشكيلية الحديثة، فيتنقل ما بين المدرستين السيريالية والتكعيبية.
ولفت إلى أن «علاقته بفن المنمنمات جاءت متأخرة، وأن ذلك الفن ينطلق من التحدي لكونه فناً رصيناً يحتاج لحرفية عالية وصبر كبير، حيث يحتاج العمل الواحد لأشهر حتى يتم إنجازه، وأنه يشعر بسعادة غامرة وهو يبحر في أرجاء المنمنمة».
وحول علاقته باللوحة والريشة والألوان، قال مرحب إن «اللوحة هي روح الفن ومرحه وراحته، وأن اللون نَفَسه وتنفُسه، وأنه بقدر حب الفنان للفن، يأتي حجم إتقانه لعمله الفني».
واعتبر أن البعض يتخذ من الفن وسيلة لكسب الرزق، والبعض يتخذه كمتنفس ورسالة، لافتاً إلى أنه يمارس الفن باعتباره رسالة محبة وسلام ومصدر للسعادة والهدوء.
وأوضح أنه يؤمن بأن الفن والإبداع ليس مصدراً للرزق، خاصة في وطن يؤمن بالعنف أكثر من إيمانه بالتعايش السلمي، لافتاً إلى أنه يمارس الفن لأنه وسيلته التي يبتعد بها عما يدور حوله من صراعات.
وأكد مرحب أن اللوحة لا تنتهي بالنسبة له، وهو كلما تأملها وجد فيها مكاناً لفكرة جديدة، وأنه يجتهد من أجل أن يقنع نفسه أن اللوحة انتهت ويضعها بعيداً لكي يتفرغ لعمل تشكيلي جديد.
وأقام الفنان اليمني أربعة معارض فنية شخصية، إضافة إلى المشاركة في قرابة 45 معرضاً فنياً عربياً ودولياً، وفي ورش فنية في مصر والجزائر والأردن.
ويعمل مرحب مديراً لبيت الفن، الذي أسسه في محافظة المحويت اليمنية، وفاز في تموز/ يوليو الماضي، بجائزة منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو» لفن المنمنمات، وهي جائزة سنوية تمنح في فروع فنية عدة هي الخط الكلاسيكي، والحروفية، والزخرفة، والمنمنمات.