كنا نحن جزءا من المؤامرة ضدنا، كنا نخوننا ونتآمر علينا، ونغتل قضيتنا، ورموزنا وقرارنا كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
كنا نحن جزءا من المؤامرة ضدنا، كنا نخوننا ونتآمر علينا، ونغتل قضيتنا، ورموزنا وقرارنا كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
اتخذنا سلوك «القوي العاجز» كما يقول فقهاء السياسة، لدينا من القوة ما يكفي لتغيير وجه المعادلة في ظرف أسبوع، ولدينا من العجز ما يكفي أهل الأرض.. نجيد العويل والصراخ، أما نقد السلبيات وكشف وجوهها، والتوقف عندها فنحن أهل لذلك..
نفعل ما يفعله المحبطون، نقاوم الخطأ بالعجز، والسلبي بالنقد، نبحث في كل ورقة وزقاق واحتمال عن شماعة نعلق عليها أخطائنا، وإذا لم نجد قلنا هذا تراكم تاريخي يصعب إصلاحه.
والحق أن «عجزنا وعدميتنا» هو التراكم التاريخي الذي توارثناه.. فنحن إما اتكاليون، أو عشاق ذرائع، نرتضي بأنصاف الحلول، ونقول هذا حسبنا..
ومنذ جاءت الحرب اللعينة التي استدعتها ميليشيا صالح والحوثيين، ونحن ننتظر من التحالف العسكري بقيادة السعودية أن يقوم بكل دور بدءاً بالتوفيق بين هادي وبحاح، وانتهاء بنشر ملصقات الإعلام، وحصر المعتقلين.. لا أحد فعل شيئا أو حرك ساكن.
حين التقيت الرئيس هادي في يونيو الماضي قال لي «أنتم الشباب الذين كنتم في القاهرة نهضتم بحضور الدولة بعد أن كاد يسقط.. أنتم من فهم الدور الذي تريده الرئاسة»… شكرت له هذا الثناء الرئاسي، وقلت في نفسي أليس لدينا عدد من القنوات والصحف والإذاعات والإعلاميين والميزانية المرصودة من ميزانيتنا أو من دعم أشقائنا في السعودية، أي ثقب هذا القادر على ابتلاع كل تلك الأموال وتعطيل كل تلك الإمكانيات، أين تذهب بها حكومتنا؟!.
من ينظر في الإعلام الخارجي سيقتنع كم نحن بغاة وقتلة ودعاة حرب ضد جماعة الحوثي المدنية السلمية «الساعية إلى تحقيق العدل والمساواة الاجتماعية» بحسب تقرير لمنظمة ألمانية، ويوافقها الرأي أحد المؤثرين في صنع القرار الأميركي الذي يرى أن «الحوثية حركة سياسية تريد أن تكون شريك في بناء الدولة المدنية» وكأنها ليست هي من استباح دم اليمنيين وغزى محافظاتهم وحل الحكومة والبرلمان وقصف قصر الرئاسة وانقلب على الشرعية ونهب المعسكرات، وشرد الرئاسة والحكومة وفجر المدارس والمستشفيات والطرقات والمساكن، وجند الأطفال وخطف آلاف الأبرياء، وسمم آبار المياه، وهدم وطن بأكمله فوق رأس شعب عريق يستحق ما هو أفضل.
صحيح أن نظرية المؤامرة حاضرة في معركة استعادة دولتنا وتتضح من خلال المنحى السياسي لقرارات الغرب ودوله المؤثرة والمسيطرة على قرارات الأمم المتحدة، لكننا لا نستطيع لوم الإعلام والمنظمات الغربية، فصوتنا غائب عنها، وحتى اللحظة لا يوجد لدينا أي وسيلة إعلامية واحدة تحمل قضيتنا بلغات مختلفة، لا صحيفة، نشرة، موقع إلكتروني، قناة، إذاعة، ندوة، مؤتمر، معرض صور، بلاغات وبيانات، لا شيء من هذا بأي لغة، حتى العربية!!
وسفاراتنا في الخارج -إضافةً إلى فسادها- لا تفعل شيئا، فهي أما صامتة أو تشتغل ضدنا، ولاء وطاعة لولي النعم علي صالح.
الصوت الوحيد الذي وصل إلى أصقاع الأرض هو هاشتاغ اطلقه شباب اليمن #ارفعوا_الحصار_عن_تعز.. انطلق بعشرين لغة، وادخل قضيتنا إلى كل مكان.. دون فضل أو منّة من أحد.
الاثنين الماضي 25يناير كان العالم على موعدٍ مع حملة استثنائية لقضية منسية، هي معتقلونا ومختطفونا في غياهب سجون الميليشيات، عددهم بآلاف، وفيهم من تجاوزت مدة اعتقاله السنة.. حملة لم يتبناها أحد في الإعلام الرسمي أو ممن يختفون وراء المكاتب الرسمية، بل حملها شباب اليمن في كل العالم، تتقدمهم زميلتهم «لطيفة علي».. بنت أرض سبأ المنسقة للحملة من أميركا، تحت هاشتاغ #اطلقوا_المعتقلين
#RELEASE_DETAINEES..
كانت الحملة هي صوت الأنين المنسي في غياهب السجون، هي دموع الأطفال تنتظر آبائهم، هي حشرجات امرأة تتحسس الظلام بحثاً عن رجلها، هي دعاء أم شق كبدها الحنين لولدها، هي معول يضرب في جدار الزنزانة المظلم، ليفتح ثغرة لضوء الحرية.
الوطن القطرية