الإنسان ليس لديه عمر واحد بل لديه خمسة أعمار في نفس الوقت وأن كل عمر يمثل جزء جوهري منه فإن كان العمر البيولوجي يمثل ولادة الجسد وتقدمه في السن فإن بقية الاعمار تمثل بقية الاجزاء وسنعرض لكل عمر مع كيفية قياسه وتوصياتنا للعناية به ليكون ناضج ومتوازن مع بقية الاعمار. تعارف الناس على السؤال عن عمر الشخص كمقياس لمناسبته لعمل ما، أو الزواج، أو حين يتقدم بفكرة استثنائية.
يسألونه عن العمر ليخبرونه أنه مازال صغيراً على هذا المنصب، أو قد أصبح كبيرا لذلك الزواج.. صار العمر هو الحاجز امام كثير من الامور القانونية والاجتماعية وحتى العلمية.. بالطبع نقصد العمر البيولوجي المحدد وفق تاريخ الولادة ….
وبهذه الممارسة المترسخة أوقعنا أنفسنا في الكثير من المتناقضات والمآزق الخطيرة …
فهل قدرة ابني الصغير على برمجة وتشفير التلفون تعني انه قادر على تدبر قرارات حياته وتمنحني الصلاحية لمحاسبته كرجل!!
إذن، لماذا يفشل اوائل التحصيل الدراسي والجامعي في حياتهم الاجتماعية؟ لماذا لم يمنحهم التفوق العقلي حياة أفضل من اولئك المتدهورين منطقيا لكنهم صاروا من النخبة المجتمعية!
يبدو أن النجاح المجتمعي يحتاج أكثر من مجرد ذكاء وتفوق عقلي ومعرفي …اليس كذلك؟!
وكم من شابة صغيرة يتسابق الرجال للزواج بها، بينما هي جافة ومتحجرة عاطفياً يملأها الملل والكسل، كعجوز قد سئمت الحياة!!
لعل ذلك يجعلنا نفهم الخطأ الفادح الذي ارتكبه من يحدد زواج الفتاة فقط على بلوغها الجسدي ويغفل أن الزواج ليس متعة فراش فقط بل احتواء عاطفي ورشد اجتماعي.
وعلى النقيض كم من كبير طاعن في السن يفيض عاطفة وحيوية وحماسة لكل من حوله.
يبدو أن تدفق العاطفة وشفافيتها لا شأن له بكمية الشيب في الرأس …اليس كذلك؟!
وعلى نفس المستوى يمتنع المجتمع عن اعطاء المقدمة لصغار السن، بينما نجد القرآن زاخراً بالنماذج الحكيمة للصغار.
ففي حين نعتبر المراهقين ازعاج وفوضى مجنونة فالقرآن يعطيهم مقامات عجيبة حين التزموا الرشد كما في قصة فتية الكهف الذين قدموا صورة روحانية لم يقدمها شيوخ التاريخ.
وتتواتر الروايات أن مريم عليها السلام كانت فتاة حين تحملت مسؤولية الاصطفاء وكذلك إبراهيم عليه السلام.
يبدو أن النضج الروحاني لا شأن له بالصغر أو الكبر …اليس كذلك؟!
أنت نفسك تجدك مندهشاً من نصيحة حكيمة يقدمها لك طفل أو من طبطبة يمنحها لك بكل حنان واحتواء دافئ.
الكثير من تلك المواقف تحشرنا لزواية الصواب والحق وهو أن السن والعمر البيولوجي ليس المقياس الوحيد والصحيح لتقييم أهلية البشر، ﻷنه مقياس قاصر ويصنع الكثير من المشكلات والمظالم والانحرافات…
ومن كل ذلك نخلص إلى أن الإنسان ليس لديه عمر واحد بل لديه خمسة أعمار في نفس الوقت وأن كل عمر يمثل جزء جوهري منه فإن كان العمر البيولوجي يمثل ولادة الجسد وتقدمه في السن فإن بقية الاعمار تمثل بقية الاجزاء وسنعرض لكل عمر مع كيفية قياسه وتوصياتنا للعناية به ليكون ناضج ومتوازن مع بقية الاعمار.
1. العمر البيولوجي:
ويقاس بتاريخ الولادة ويمثل حالة الجسد وكلما زاد الرقم فإنه يعني نضج أكثر للجسد بمعنى أن 7 أكثر نضجاً من 3 وأن 30 أكثر نضجاً من 20.
وفيما يخص العمر البيولوجي ننصح بتوفير كل العادات الصحية الجيدة والسليمة لنحافظ على قوة الجسد ونؤخر سن الشيخوخة والضعف ويرتفع بذلك متوسط الفناء في الخلايا.
2.العمر العقلي (المنطقي):
ويمثل القدرات المنطقية للشخص ونعني بها القدرة على تحديد عواقب الافعال …
ويقاس عن طريق ملاحظة تصرفات الشخص وطريقة اتخاذه للقرارات والتفضيل بين الخيارات المطروحة أمامه.
وكلما كان الشخص قادرا على اتخاذ قرار واضح بناء على أسباب منطقية قائمة على موازنة العواقب المترتبة على هذا الخيار أو ذاك.. كلما أثبت ذلك نضج الجانب العقلي لديه …
بالطبع إدراك عواقب قريبة المدى بعد سنة أو سنتين يجعل الشخص أقل نضجا من إدراك عواقب بعيدة المدى كعشر أو عشرين سنة …
وبالمثل ان إدراك عواقب في جانب واحد من القرار يدل على نضج اقل من إدراك عواقب في أكثر من جانب فالإدراك الافقي أو الرأسي هو دليل نضج أكبر عقلياً.
يمكننا الآن أن نتأكد أن شاباً لا يعلم كيف يختار تخصصه الجامعي هو أقل نضجا من طفل قادر على إقحامك بإقناعك على شراء ملابس محددة يريدها في السوق.
وفي تحديد العمر المنطقي يفترض أنه كلما كبر الرقم كلما دل ذلك على نضج أكبر …فأقول مثلاً أن هذا الشاب يكتب كلام شيخ حكيم عمره 60 سنة دلالة على قوة وعمق معاني الكلام …
القاكم في الأسطر القادمة لتكملة بقية الأعمار….