تحركات دبلوماسية غربية تركز على مرجعيات السلام اليمنية و”اتفاق الرياض” (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
تزايدت التحركات الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية يومي الأربعاء والخميس، في العاصمة السعودية الرياض، في مساعٍ جديدة لإنهاء حرب اليمن وإنهاء الأزمة المستمرة بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
والتقى السفير البريطاني “ريتشارد أوبنهايم” الأيام الثلاثة الماضية، بنائب الرئيس اليمني علي محسن، ورئيس الحكومة “معين عبدالملك”، ووزير الداخلية “خالد حيدان”.
كما ناقش وزير الخارجية أحمد بن مبارك مع السفير الهولندي لدى اليمن بيتر ديرك هوف، في اتصال مرئي، “السلام في اليمن”. ويوم الثلاثاء التقى “بن مبارك” بالسفير الصيني لدى اليمن “كانغ يونغ”.
أكد المسؤولون اليمنيون (محسن، عبدالملك، بن مبارك) أكدوا في لقاءاتهم الالتزام بالمرجعيات الثلاث للحل السياسي في اليمن “في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية (2011) ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني (2014) وقرار مجلس الأمن الدولي (2216) -الصادر في 2015”.
وأجرى السفير السعودي لدى اليمن محمد الجابر يوم الخميس محادثات مع القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في المملكة العربية السعودية، مارتينا سترونج، وكاثي ويستلي، القائم بأعمال السفارة الأمريكية في اليمن.
المرجعيات الثلاث
في التصريحات ما يشير إلى أن الحكومة تتعرض للضغوط بشأن المرجعيات الثلاث قال “معين عبدالملك” إن حكومته “مازالت متماسكة ومتمسكة بموقفها وبتوجيهات من رئيس الجمهورية (عبدربه منصور هادي) بالالتزام بالسلام وفقا للمرجعيات الثلاث”.
كانت تسريبات تحدثت عن خطة تقوم عليها الخارجية الأمريكية والمبعوث الأممي الجديد ” هانس جروندبرج” إلى اليمن باطلاع من سلطنة عمان، سيتم إطلاع الحوثيين والحكومة اليمنية عليها.
ومطلع أغسطس/آب الجاري حذر مسؤولون في الحكومة اليمنية بمن فيهم “أحمد بن دغر” رئيس مجلس الشورى رئيس الحكومة السابق، من الذهاب إلى أي خطوة سياسية “تؤثر على الشرعية”، بعد حديث عن خطط لتشكيل مجلس رئاسة أو تعيين نائب توافقي للرئيس اليمني.
وعقب التسريبات والتحذيرات اجتمع “هادي” بمجلس الدفاع الوطني مؤكداً “على الحكومة ضرورة التعاون معه وتسهيل مهامه لتعزيز فرص السلام المبنية على المرجعيات الثلاث المتعارف عليها والمدعومة محلياً واقليمياً ودوليا”.
في فبراير/شباط 2015 قدمت الأمم المتحدة -عبر مبعوثها الأسبق جمال بنعمر (2011-2015) مقترحاً بمجلس رئاسي من المكونات لإدارة البلاد، وطُرح لاحقاً من الحوثيين بعد عمليات التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن- حسب ما أفاد مصدر في الحكومة شارك في مفاوضات 2016 ل”يمن مونيتور” في ذلك الوقت.
وقال مسؤول في الحكومة اليمنية لـ”يمن مونيتور” إن “الحكومة لم تتسلم مبادرة جديدة من الأمم المتحدة، وأن المبادرة التي قدمها المبعوث السابق (مارتن غريفيث)، هي المطروحة والتي وافقت عليها الحكومة”.
وأضاف المسؤول اليمني -الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخوّل بالحديث لوسائل الإعلام-: الهدف من التحركات تغيير القرار (2216) الذي يؤكد شرعية “هادي”، ويتفق في ذلك الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي والإمارات و”طارق صالح” نجل شقيق الرئيس السابق ويقود قوات في الساحل الغربي خارج وزارة الدفاع”.
تتضمّن المبادرة الأممية وشاركت فيها الولايات المتحدة من أربعة عناصر: وقف شامل لإطلاق النار وفتح مطار صنعاء وتسهيل تصدير المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة والدعوة للعودة للمشاورات حول مستقبل اليمن.
وتعوّل الأمم المتحدة على الضغوط التي يمكن أن تمارسها الولايات المتحدة التي عينت مبعوثاً خاصاً إلى اليمن “تمويثي ليندركينغ”-، وسلطنة عُمان التي كانت قناة اتصال خلفية للحوثيين والسعوديين والدبلوماسيين الغربيين، وزار وفد عماني صنعاء الشهر الماضي والتقى زعيم الحوثيين دون تحقيق نتائج. وبريطانيا صاحبة القلم بشأن اليمن في مجلس الأمن.
وتوقفت المبادرة بعد أن قدم الحوثيون سلسلة مقترحات مضادة بينها هدنة على مراحل قد تتيح لهم الوقت الكافي للاستيلاء على مأرب، آخر معقل للحكومة الشرعية.
وشجع قيام “إدارة جو بايدن” بإخراج الحوثيين من قوائم الإرهاب على شن هجوم جديد -في فبراير/ شباط الماضي- للسيطرة على محافظة مأرب الغنية بالنفط شرقي صنعاء، والتي تستضيف قرابة مليوني نازح داخلياً. لكنهم فشلوا حتى الآن في تحقيق أي تقدم بسبب المقاومة الشديدة للجيش والقبائل المحلية.
ويرى الحوثيون أن سيطرتهم على مأرب ينهي الحرب لصالحهم ويجعل خصومهم في موقف أضعف بكثير حيث يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على عدة محافظات جنوبية.
اتفاق الرياض
وهو الأمر الذي ترى فيه الولايات المتحدة وبريطانيا مشكلة تحتاج إلى حلّ قبل الدخول مع الحوثيين في مفاوضات.
في لقاء “ريتشارد أوبنهايم” مع “حيدان” ناقشا تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، قال حيدان: إن تنفيذ اتفاق الرياض بشقيه العسكري والسياسي هو حجر الزاوية لبناء المناطق المحررة واستقرار الاقتصاد”.
السفير البريطاني أكد “دعم بلاده لتنفيذ اتفاق الرياض بجميع بنوده لما له من عائد على استقرار مدينة عدن وبقية المحافظات”.
وحسب وكالة الأنباء السعودية فقد جرى خلال اجتماع “آل جابر” مع الدبلوماسيتان الأمريكيتان الجهود المبذولة لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض ودعم المملكة لليمن في مختلف المجالات.
على الأرض يبدو الوضع يتصاعد، قال مصدر عسكري مطلع لـ”يمن مونيتور” إن المجلس الانتقالي الجنوبي “نقل قوات من الساحل الغربي إلى عدن وقاعدة العند خلال الأسبوع الماضي، معظم هذه القوات تلقت تدريباً خاصاً على يد القوات الإماراتية في ميناء عصب بأرتيريا”.
وأضاف إلى جانب ذلك عزز “المجلس” قواته العسكرية في محافظة أبين، حيث يتقاسم المجلس النفوذ والسيطرة مع القوات الحكومية.
وغادرت الحكومة اليمنية العاصمة المؤقتة عدن في مارس/أذار الماضي بعد أن قام تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي باقتحام “قصر معاشيق” حيث تقيم الحكومة التي عادت في ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد تشكيلها وتضمنت وزراء من المجلس الانتقالي.
يتضمن “اتفاق الرياض” الذي رعته السعودية (نوفمبر/تشرين الثاني2019) عقب أربعة أشهر من سيطرة المجلس الانتقالي بدعم من الإمارات على عدن ومحافظات مجاورة: مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في حكومة جديدة جرى الإعلان عنها نهاية العام الماضي، مقابل دمج القوات التابعة للمجلس الانتقالي وعددها قرابة مائة ألف مقاتل ضمن وزارتي الدفاع والداخلية. لكن ذلك لم يحدث.
كما فشلت الأمم المتحدة، في جمع الحكومة اليمنية والحوثيين في مشاورات منذ ديسمبر/كانون الأول2018 التي خرجت باتفاق السويد، الذي فشلت -حتى الآن- في تطبيق معظمه، ويحتوي على اتفاق خاص بالحديدة؛ واتفاق لتبادل الأسرى والمعتقلين، وتفاهمات بشأن تعز.
وتصاعدت الحرب في اليمن منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم محافظات البلاد ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، المعترف بها دوليا، على الفرار من العاصمة صنعاء. وفي مارس/أذار2015 تشكل التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية ومنذ ذلك الوقت ينفذ غارات جوية ضد الحوثيين في أكثر من جبهة.
ويشن التحالف غارات جوية بشكل مستمر على مناطق سيطرة الحوثيين، ويطلق الحوثيون في المقابل صواريخ على المملكة العربية السعودية.
وقتل عشرات الآلاف نتيجة الحرب وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من233 ألف يمني خلال السنوات الست. كما تسبب القتال الدائر في البلاد بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج نحو 24 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.