كتابات خاصة

واشنطن وطهران في شهر العسل

حسين الصادر

منذ أن قدمت الولايات المتحدة إلى المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية 1945م، وشغلت الفراغ في الشرق الأوسط كقوة عظمى بعد أن تلاشت الهيمنة الأوربية (الأنجلو فرنسية)، لم توظف دورها المتعاظم لمصلحة السلام. منذ أن قدمت الولايات المتحدة إلى المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية 1945م، وشغلت الفراغ في الشرق الأوسط كقوة عظمى بعد أن تلاشت الهيمنة الأوربية (الأنجلو فرنسية)، لم توظف دورها المتعاظم لمصلحة السلام.
فمع بروز الدور الأمريكي برزت القضية الفلسطينية بأحداثها وحروبها المتوالية، وخلال سبعين عاماً، ابتداءً بحرب نكبة 48 وانتهاءً بحرب غزة 2012م، لم تظهر الإدارة الأمريكية المتعاقبة أي جدية لحل قضية فلسطين، بل فضلت المماطلة والمراوغة مع دعمها المطلق للكيان الإسرائيلي.
العرب اليوم يؤمنون إيمان تام، ومن خلال تجاربهم الجمعية أو الفردية أن واشنطن أبعد ما تكون عن المساهمة الفعالة لتثبيت السلام والاستقرار في المنطقة.
وبعد انهيار المعسكر الاشتراكي واستفرادها بالقرار الدولي انعكس هذا الوضع على منطقة الشرق الأوسط، وساهمت السياسة الأمريكية في زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة مستخدمة كل الوسائل الممكنة بما فيها القوة العسكرية وكذلك وسائل الدعاية المختلفة بدأ ذلك بغزو العراق في العام 2003م.
ساهم الأمريكان في نشر الفوضى التي تشهدها المنطقة، ووظفوا كل ما هو موجود من تناقضات سياسية واجتماعية وتاريخية واثنية وحتى تطلعات الشعوب نحو السلام والتحديث.
ومارست الدبلوماسية الأمريكية تساندها ماكينة الدعاية الأمريكية الجبارة خلق المناخ الملائم لانطلاق الفوضى في المنطقة، فالأمريكان لم يشتغلوا في السر، بل جاهروا برغبتهم فيما سموه بالفوضى الخلاقة.
وظل الخطاب الأمريكي الموجه للمنطقة هو خطاب دعائي يتبنى الحرية وحقوق الإنسان والتحديث، لكن الأفعال الأمريكية متوحشة وقبيحة ولا يمكن الوثوق بها.
وفي الآونة الأخيرة، لعبت واشنطن دور المنافق، واتسمت سياستها بـ”صب الزيت على النار”، ويبدو أن هناك رغبة أمريكية في استدامة حالة الاحتراب في المنطقة لعقد كامل على الأقل وإدخال المنطقة في حالة توتر دائم.
تنطلق عاصفة الفوضى الأمريكية بخطوات أسرع مما نتوقع. ويبدو أن لديهم خطوط سير استراتيجية ومزمنة.
وعلى عكس فلسفة الإدارة الديمقراطية الحالية التي اتخذت من انسحاب القوات الأمريكية شعاراً انتخابياً، ها هي نفس الإدارة تنشر الفي جندي من مشاة البحرية في العراق لمحاربة “داعش”، الوحش الذي أغفلته العيون الامريكية ورعته العيون الإيرانية.
واذا كان هدف هذا التواجد الحرب على “داعش “، فهذا جيد، لكن الناس سينظرون للنتائج على الأرض وليس للدعاية التي تختلقها واشنطن كل مرة.
بالأمس القريب أفرجت إدارة اوباما عن جزء من الأموال الإيرانية المجمدة، في البداية لا أحد ضد أن تسترجع إيران أموالها، لكن السلوك الإيراني في المنطقة سلوك مريب، علاوة على أنها متورطة أصلاً في حرب مباشرة عبر مليشياتها وحرسها الثوري في العراق وسوريا ودعم التمرد الحوثي الإنقلابي في اليمن.
ويطرح الإفراج عن الأموال في هذه اللحظة أكثر من سؤال، لكن شهر العسل بين واشنطن وطهران لم يعد يأبه به أحد ولا يستند هذا التلاقي الى أي قيم أخلاقية اطلاقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى