الاحترافية التي تتسم بها عمليات الاغتيالات والتفجير في عدن فضلاً عن دقتها ونوعيتها من حيث انتقاء المستهدفين ومن ثم دقة التنفيذ وتأثير تلك العمليات في كونها تضرب عمق الدولة وتعزز حالة الفوضى وتشيع مشاعر القلق والخوف، كلها مؤشرات تقدم تعريفاً عملياً وواقعياً لطبيعة الجهة التي تقف وراء تلك العمليات. يمن مونيتور/ خاص/ من هشام المسوري
الاحترافية التي تتسم بها عمليات الاغتيالات والتفجير في عدن فضلاً عن دقتها ونوعيتها من حيث انتقاء المستهدفين ومن ثم دقة التنفيذ وتأثير تلك العمليات في كونها تضرب عمق الدولة وتعزز حالة الفوضى وتشيع مشاعر القلق والخوف، كلها مؤشرات تقدم تعريفاً عملياً وواقعياً لطبيعة الجهة التي تقف وراء تلك العمليات.
هي عمليات احترافية من حيث التنفيذ ونوعية من حيث الاستهداف، وهذا يعطي مؤشراً عن وجود قوة سياسية تحتفظ بقدرات وإمكانات دولة، فهي تحدد هدفها وما الذي تريده من وراء الاغتيالات، وبالتالي تجيد مهمة تنفيذ تلك العمليات بدقة.
إننا أمام قوة متمرسة لا يستهان بقدراتها الاستخباراتية والتدميرية، تتطلب أكثر من مجرد بناء إجراءات وقائية لمنع تكرار وقوع العمليات داخل عدن، ومهما كان تعزيز تلك الإجراءات مهماً، إلا أنه ينحصر في مواجهة نتائج وانعكاسات ما تقوم به القوة التي تقف وراء عملية الاغتيالات والتفجيرات.
ولا يكفي للقضاء والتخلص من آلة الاغتيالات والتفجيرات ذاتها، وهي المنظومة العسكرية والأمنية والاستخباراتية لـ”صالح” والحوثي، وتحتوي على أجهزة الدولة العسكرية والاستخباراتية والأمنية التي لم ترتبط بالدولة ككيان ومؤسسة بقدر ما تركز تكوينها على أساس الارتباط بالسلطة العصبوية، والتي بدورها ألغت الدولة لصالح هيمنة السلطة بمعناها المضاد للدولة وأجهزتها ومهامها ولحق القانون والعدالة.
ما تزال القوة الأمنية والاستخباراتية للسلطة الشرعية ناشئة تفتقد للبناء والتنظيم وللخبرة، ولا يتجاوز عمرها أشهر عديدة، بينما تواجه قوة استخباراتية وعسكرية وأمنية هي في الواقع مقومات دولة، انتقلت لتصبح تحت سيطرة وتحكم عصابة الانقلاب، وهذه المقومات الأمنية والاستخباراتية المرتبطة بحلف الانقلاب تحتوي على أجهزة المخابرات، الأمن القومي والسياسي والاستخبارات العسكرية ووحدات مكافحة الإرهاب، وجميعها تشكل منظومة تقوم بمهام التخطيط والتنفيذ وفق الأهداف التي ستأتي من قيادة الانقلاب.
إذن، سيتطلب التخلص من كل هذا القوى التدميرية ذات الخبرة المتراكمة وكذلك فرض الاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن ومنع الاغتيالات والتفجيرات، تركيز وتكثيف جهود استكمال عملية التحرير وهزيمة المنظومة العسكرية والأمنية والاستخباراتية لسلطة الانقلاب، ونقل ثقل المعركة نحو صنعاء بالتزامن مع توجيه ضربات نوعية لقوة الإنقلابيين في تعز، على اعتبار أن سلطة الانقلاب تخطط وتحدد وتدعم من صنعاء لتقوم خلاياها بمجرد التنفيذ في عدن، وكلما تم ضبط خلية اغتيالات وتفجيرات في عدن لها ارتباط بسلطة الانقلاب في صنعاء، فستتجه الأخيرة لتشكيل خلايا بديلة، نظراً لخبرتها الطويلة في خوض معارك الفوضى. فعمليات الاغتيال والتفجير تعد آليات فعالة بالنسبة لحلف الانقلاب، ناهيك عن أنها تتسق وتنسجم مع طبيعة استراتيجية الفوضى التي تمثل عقيد سياسية في سلوك عصابة الانقلاب.