في محاولة لبناء مراكز مالية جديدة.. الحوثيون يستغلون قرار الجمارك برفع الأسعار وابتزاز التجار (انفراد)
يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص
منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة بقوة السلاح في سبتمبر 2014، وجماعة الحوثي المسلحة تسعى إلى بناء مراكز مالية جديدة تابعة لها على غرار ما يجري في إيران لاقتصاد البازار “السوق”، وذلك من خلال التضييق على القطاع الخاص وفرض الاتاوات والضرائب واستغلال القرارات الحكومية الصادرة من عدن بما يضيق الخناق على العمل التجاري لرأس المال الوطني في مناطق سيطرتها.
ويرى مراقبون بأن من شأن إنشاء مراكز مالية تجارية جديدة تدين بالولاء للجماعة المسلحة، أن يشكل مشكلة كبيرة بالنسبة لليمنيين ولكبار التجار الوطنيين، إذ أن ذلك سيمنح الجماعة تحكم أكبر وسيوسع من مصادر الدخل المالي لديها، مما يصعب من عملية التخلص من هذه الجماعة وتقليص نفوذها ودورها في اليمن.
مؤخراً، أعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، عزمها رفع سعر الدولار الخاص بالجمارك إلى 500 ريال للدولار بعد أن كان 250 ريالاً للدولار الواحد، لكنها استثنت المواد الأساسية من هذا القرار مثل “الدقيق والسكر وزيت الطهي والوقود والقمح والأرز والحليب والأدوية”.
وفي حين أن القرار يواجه رفضاً واسعاً من قبل قطاع التجارة الخاص في مناطق الحكومة اليمنية، بما فيها الغرفة التجارية والصناعية في العاصمة المؤقتة عدن، سارع التجار في مناطق الحوثيين إلى المباشرة برفع الأسعار بما فيها المواد الأساسية بناءً على هذا القرار.
وعقب ذلك، أعلنت جماعة الحوثي المسلحة يوم الأحد، مرحلة الطوارئ لمواجهة التجار والقطاع الخاص في مناطق سيطرتها بحجة ضبط المتلاعبين بالأسعار في محاولة وصفها مراقبون بـ”المكشوفة” لتبرير عملية رفع الأسعار على الرغم من أن القرار الحكومي لم يدخل حيز التنفيذ كما أن التجار في جميع المحافظات لا يزالون يمتلكون في مخازنهم من المواد الغذائية والأساسية بما يكفي لأكثر من شهرين وهو ما يفضح حقيقة هذا التلاعب.
وجاء الإعلان الحوثي الجديد على لسان القيادي في جماعة الحوثي محمد أحمد الهاشمي المعين نائب وزير الصناعة والتجارة، حيث باشر باتهام التجار بالاحتكار وإخفاء السلع ورفع الأسعار، متوعداً بإغلاق محلات التجار المخالفين وسحب تراخيصهم وإحالتهم للنيابة.
وقبل ذلك، توعد القيادي في الجماعة، محمد علي الحوثي أي تاجر يمني يقوم برفع الأسعار وقال في سلسلة تدوينات له على موقع “تويتر” إن “على التجار التعقل حتى لا نضطر لمواجهتهم هذا تحذير لهم بالامتناع عن أي زيادة في التعرفة الجمركية”.
وأردف قائلاً: “لن نقبل بأي ارتفاع ضد المواطن ويكفيه ما يعنيه من غلاء حتى الآن ، والشعب سيقف في وجه أي متلاعب هذا تحذير والحاضر يعلم الغائب”.
وتابع: “تشكل وزارة الصناعة والتجارة غرفة عمليات لضبط الأسعار بالتعاون مع الأجهزة المختصة بحيث تحسب قيمة السلعة وفقا لبوليصة الشحن ويضاف عليها التعرفة الجمركية والضريبية هامش ربح محدد ومن يخالف ذلك يتم إغلاق محله وسحب الترخيص منه وإحالته إلى النيابة وعلى النيابة الاشتراك بغرفة عمليات الوزارة.
مساع لبناء مراكز مالية جديدة
تصريحات الحوثيين، أثارت مخاوف الكثير من التجار في مناطق سيطرتهم، وعدّها الكثير من التجار بمثابة إعلان حرب على ما تبقى من رأس مال وطني، فيما ذهب آخرون إلى وصفها بمحاولة جديدة لتنفير التجار وإيجاد رأس مال جديد مؤيد وتابع للجماعة، على غرار ما يجري في إيران من خلال سيطرة “البازار” على التجارة وبناء مراكز تجارية تابعة لها.
والبازار في الحقيقة يعد قلب وجوهر الاقتصاد الإيراني حتى اليوم وهو أكثر أهمية من مصافي النفط في البلاد، لدرجة استحواذه على نصف إنتاج الحرف اليدوية في البلاد، وثلثي تجارة التجزئة، وثلاثة أرباع تجارة الجملة.
من خلال سيطرة البازار على التجارة في إيران استطاع أولئك التجار البازار – المعروفين باسم “البازاريين” -، التأسيس لشبكة قوية من الفعاليات الاقتصادية، حيث يعمل هؤلاء التجار بوصفهم طبقة اجتماعية مستقلة بحد ذاتها على تقيدم الدعم الهائل للسلطة السياسية للشعب الإيراني، ومن خلال تمويلهم للتحركات الجماهيرية مثل الثورة الدستورية في عام 1905، وحركة عام 1953 لتأميم صناعة النفط الإيرانية.
وقال عدد من كبار التجار بالعاصمة اليمنية صنعاء، إن تصريحات الحوثيين، ليست سوى إعلان حرب على “القطاع الخاص” وخلق حالة من الفوضى وتهديد رأس المال الوطني الخاص بالتجار بالرحيل والانسحاب من السوق المحلية.
وأفادوا في تصريحات متطابقة لـ”يمن مونيتور”: أن تلك التهديدات عبارة عن تصفية للحسابات ومضايقات لمن تبقى من التجار في مناطق سيطرة الحوثيين ما ينذر بمواجهة جديدة لتهجير من تبقى من التجار ورؤوس الأموال داخل البلد.
وكشف عدد من التجار طالبين عدم الإشارة إلى أسمائهم خشية انتقام الجماعة منهم، أنهم في حالة اجتماع دائم جراء التصريحات الأخيرة للحوثيين والتي تتضمن التحريض الواضح بالإعتداء والنهب على أموالهم، مؤكدين أن ما تعرضت له مخازن أحد كبار التجار اليمنيين في منطقة سعوان شرق العاصمة صنعاء يوم الأحد الماضي ليس ببعيد.
وكانت الحكومة اليمنية، قررت الأسبوع الماضي رفع سعر الدولار الجمركي لمختلف السلع المستوردة، باستثناء سلع أساسية مثل الدقيق والسكر وزيت الطهي والوقود والقمح والأرز والحليب والأدوية.
وعقب ذلك، أعلنت الغرفة التجارية والصناعية في العاصمة المؤقتة عدن، رفضها رفع تقييم سعر الدولار الخاص بالجمارك في عدن بسعر 500 ريال للدولار بعد أن كان 250 ريالا للدولار الواحد طوال السبع سنوات الماضية، مؤكدة أن هذا التقييم الذي سيؤدي بشكل مباشر إلى مجاعة بين المواطنين، وسيضر بشدة بحركة التجارة.
وأشارت إلى أنه في ظل الظروف المعيشية الحالية وانهيار العملة الوطنية وضعف مداخيل المواطنين وزيادة الفقر بين المواطنين، فإن هذا القرار سيؤدي الى اختلالات في سلاسل توفر المواد الغذائية وسيزعزع استقرار المجتمع أمنيا مع توسع نطاق الجوع بين المواطنين.
من جانبها، طالبت “جمعية حماية المستهلك” في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين ،الحكومة اليمنية بإلغاء قرار جمارك عدن رفع أسعار الدولار من ٢٥٠ ريال الى ٥٠٠ ريال بواقع ١٠٠% والذي شرعت بتطبيقه من يوم الاثنين الموافق ٢٦ يوليو ٢٠٢١ على جميع السلع ، ومدخلات الإنتاج وغيرها، معتبرة أن ذلك سيتسبب بنتائج كارثية على المستهلكين.