صوت الفن يطغى على الرصاص
افتخار عبده
الكثير من الناس اليوم من لم يذق للعيد طعمًا، بل إن الكثير منهم يرى العيد كابوسًا متعبًا يحل على بني الإنسان فيرهقه ويتعبه ويأخذ منه الكثير من المال والجهد والتعب.
أن تعيش أجواء عيد في فرح وسرور بهذه السنوات فأنت إما أنك قد فقد عقلك فلم تعد تفكر بما يحصل من حولك ولا ترى شيئا من ذلك، أو أنك وصلت لمرحلة التطنيش وترك الأشياء لأربابها.
كم مرة عانيت خلال هذه السنوات فقط لأنك تمتلك قلبًا يحس بمن حوله، وكم مرة عانيت فيها لأنك ترى الوضع يزداد تدهورًا وسواء، عناؤك ذاك لم يغير في الأمر شيئا ولم يأت بحل لما يحدث في البلاد.
ما الفائدة من أن تبات وأنت تعيش الهم وتصحو وأنت ما تزال في هم عظيم، أنت مواطن لا يمتلك الصلاحية في تغير مسار البلاد لذا عليك ترك كل شيء وعليك أن تعيش اللحظة كما ينبغي لك وبالطريقة التي ترغب بها.
هذا ما قام به أبناء تعز في عيدهم هذا عاشوا أجواء العيد بنوع من الفرح متناسين الأوجاع على الرغم من كبرها، فأنت عندما ترى أجواء العيد هنا تجد لها مذاقًا خاصًا فريدًا من نوعه في هذه المدينة الحالمة التي اعتادت على كل شيء يقع عليها بما في ذلك الأوجاع الكبيرة والأحزان والهموم الواسعة.
في هذه المدينة المتعبة القابعة تحت الحصار، وفي ذلك الجبل بالتحديد، عند تلك القلعة الجميلة( قلعة القاهرة) للعيد مذاق خاص يشعرك بشعور مختلف بشعور جميل مفاده أن هذه المدينة لها صبر مختلف وصموده كبير على الرغم من الوجع الذي خلفته لها هذه الحرب اللعينة على مدى أكثر من ست سنوات، على الرغم من نسيان العالم لها وهم يعلمون بوجعها ويشاهدونه أولًا بأول.
هناك وفوق هذه المدينة عند تلك القلعة الجميلة تتعالى أصوات الفرح ولاشيء سوى الفرح يمكن أن تراه هناك أو تسمعه، صوت الفن اليمني الجميل يغطي المكان يطغى على صوت الرصاص والمدافع، يطغى على الوجع ويحيله من دموع حزن إلى ابتسامات جميلة.
عندما تسمع ذلك النغم الجميل الذي يتخلل الجماهير الحاشدة ليصل إليك تقول في ذاتك: لا حرب بعد اليوم، لاحزن ولا قهر بعد هذا، لاشيء سوى الفرح والغبطة والسرور.
وعندما ترى ذلك الجمع الغفير من الناس القادمين لهذا المكان يخيل إليك أن الناس جميعهم قد أتوا إلى هنا ليعيشوا أجواء الفرح، أن الخلق قد أتوا من كل فج عميق فقط للترويح عن أنفسهم المتعبة التي ذاقت الويلات خلال هذه السنوات.
يتحقق في ذاتك شعور أن هذه المدينة هي مدينة الكبرياء، وأن هذه المدينة تأبى إلا أن تكون رمزًا للإباء والصمود والثبات الكبير.
تشد ذهنك أصوات التصفيق والتفاعل الكبير فلا تحس إلا وأنت تتمايل تفاعلًا مع أولئك المسرورين، تلفت نظرك طفلة جميلة للغاية رسمت على خديها العلم اليمني فزادها جمالًا وهي تصفق وترقص في حضن أبيها وهو لا يحس بها لأنه منسجم تمام الانسجام مع الأجواء الحميمية الجميلة.
تعز اليوم بأهلها الشرفاء تعيش أجواء العيد كما ينبغي لها وكما يحق لها أن تعيشه.