تقاريرغير مصنف

جامعة تعز اليمنية.. هجرة الأدمغة

في الثاني من مايو/ أيار الماضي، أعلنت جامعة تعز، كبرى الجامعات بمدينة تعز، وسط اليمن، تعليق الدراسة بشكل رسمي، ما يعني حرمان مئات الأكاديميين من وظائفهم، وآلاف الطلاب مقاعد الدراسة. يمن مونيتور/ خاص/ وئام عبدالملك
في الثاني من مايو/ أيار الماضي، أعلنت جامعة تعز، كبرى الجامعات بمدينة تعز، وسط اليمن، تعليق الدراسة بشكل رسمي، ما يعني حرمان مئات الأكاديميين من وظائفهم، وآلاف الطلاب مقاعد الدراسة.
ونتيجة للحرب التي اندلعت في المدينة منذ سيطرة الحوثيين عليها أواخر مارس/ آذار الماضي، نزوح الآلاف من المدينة، وفقد كثيرون وظائف ومصدر رزقهم، وحوّل الحوثيون الجامعة إلى ثكنة عسكرية، وتسبب ذلك بتعرضها لقصف مدفعي وغارات جوية للطيران.
وتعز، هي واحدة من عشرات المدن اليمنية التي تعطلت فيها المدارس والجامعات ونزح منها السكان بسبب الدائرة في البلاد منذ أشهر بين الجيش الموالي للشرعية والمقاومة الشعبية من جهة ومسلحي الحوثي و”صالح” من جهة أخرى.
هذه الحالة فرضت على كثيرين إعادة التفكير بجدية الهجرة إلى خارج البلاد بحثاً عن عمل أو بهدف مواصلة تعليمهم.
 
البحث عن الأمان
تغيرت اهتمامات أساتذة الجامعة، بعد أن قضت الحرب على أحلام البعض منهم بعمل أبحاث علمية، أو “إصدار” كتاب جديد، وهذا هو الموت المعرفي للباحثين والأكاديميين.
تقول “زبيدة الضالعي”، استاذ مناهج وطرائق تدريس، قالت لـ” يمن مونيتور”:” بأن الأحداث الراهنة جعلت الجميع يبتعدون عن القراءة والاطلاع، وهذا نتيجة طبيعية لما نمر به، لأن الإنسان بطبيعته يبحث أولا عن الأمان والاستقرار، قبل الثقافة والمعرفة”.
من جهتها قالت “آمال العريقي”، مدرسة جامعية، “نحن متعبون نفسيا من الوضع، كنا سابقا ننشغل بالدوام والتدريس، والآن نحن مشغولون بالوضع الراهن، والحرب، وببيوتنا وأهلنا الذين ما زالوا يعيشون في تعز في ظل هذه الحرب، ولم نعد نقرأ أو نطلع على شيء”.
 
اهتمامات أخرى
أصدرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألسكو) في العام 2013م، إحصائية قالت فيها إن مصر تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الأميين في الوطن العربي، بحكم حجمها السكاني، تليها السودان فالجزائر والمغرب ثم اليمن، وتضمُّ هذه الدول الخمسة مجتمعة وفقا للتقرير، نسبة 78 % من الأميّين في البلاد العربية.
وفي اليمن، قطعاً، فاقمت الحرب من مشكلة تدني التعليم الذي ما زال في مخاضه العسير، وتعثرت بعض الجامعات في المدن التي تشهد حروبا، في فتح أبوابها للطلاب بسبب الوضع الأمني، أو عدم وجود إمكانات مادية تفي باحتياجات الجامعة.
وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الأمية القرائية في اليمن تصل إلى ٤٨% غالبية هذا العدد من الإناث في الريف.
في حديثها مع مراسلة “يمن مونيتور” قالت “سهام سيف”، إحدى الأكاديميات بجامعة تعز، “إن توقف الدراسة كان له أثر سلبي على المعلم قبل الطالب، لأنه ومن خلال ما يقدمه الأستاذ للطالب، يجعله أكثر اهتماما بالنمو المعرفي والمهني لديه، وتطوير معلوماته، ومحاولة الإلمام بكل ما هو جديد، حتى يعكس ذلك على ما يقدمه للطلبة”.
وتابعت، “توقف الدراسة أدى إلى عدم الرغبة في ذلك نتيجة لعدم وجود دافع للقيام به، كما أنه أصبح جُّل اهتمام الأستاذ، هو الوضع الذي يعيش فيه وما نتج عنه من ظروف نفسية واقتصادية وسياسية”.
 
التفكير بالرحيل
يؤكد العديد من أساتذة الجامعة أن “توقف العمل بالجامعة جعلهم يتوقفون عن إجراء أي بحوث ترقية، لانعدام إمكانية البحث والتطبيق الميداني لأبحاثهم ودراساتهم، إضافة إلى شعورهم أنهم غير قادرين على العطاء العلمي”.
وأشاروا إلى “أنه وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، أصبح الكثير من الأساتذة يبحثون عن فرص عمل خارج الوطن، ويفكرون جديا في الرحيل، بحثاً عن الحياة الآمنة لهم ولأسرهم”.
ولفتوا إلى أنه “كان لتوقف الدراسة أثره الكبير على الأساتذة المتعاقدين، حيث أثر ذلك على وضعهم المعيشي، فهم على خلاف الرسميين منهم لا يتقاضون رواتب شهرية، وتوقفت مستحقاتهم ومصدر رزقهم بتوقف الدراسة، وهذا الأمر يدعوا للإحباط النفسي والضنك في الحياة، في ظل ما نعانيه من غلاء معيشي، وانعدام الخدمات الأساسية بشكل شبه كامل”.
أحد أساتذة الجامعة، فضل عدم ذكر اسمه، قال “إن الشعور بالفراغ وضياع المستقبل، يجعل الرغبة بالانتقام لضياع المستقبل كبيرة، وهذا يمهد لانخراط الكثير من الطلاب وغيرهم، في صفوف الجماعات المسلحة، والتنظيمات المتطرفة، لسهولة استقطابهم وتجنيدهم، في ظل حالة يمتزج فيها الفراغ والرغبة بالانتقام والظروف المادية”.
ويضيف “ما يحدث في اليمن وتعز خاصة، تسبب بضياع فرص عمل الأساتذة الأساسيين أو المتعاقدين، وهذا يشجعهم على ترك البلاد، ورواج فكرة هجرة الأدمغة والخبرات، وإفراغ اليمن من مفكريها وأساتذتها”.
 
محاولة لاستئناف الدراسة
في ظل الوضع الصعب الذي تعيشه مدينة تعز، كان هناك محاولة لاستئناف الدراسة في فرع جامعة تعز بالتربة، أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتكللت تلك المحاولة بالنجاح، إلا أن تلك المحاولة حسب ما ذكر لنا بعض الأساتذة، ما زالت تواجه العديد من المشكلات، كعدم قدرة الأساتذة على مزاولة عملهم هناك، لقطع الطرقات، والوضع الأمني المتردي في المدينة، والذي يعيق وصول الأساتذة الذين يقطنون داخل المدينة، إلى الجامعة هناك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى