حظي اليمن باهتمام إيراني خاص منذ قيام الثورة الإيرانية، فهو في نظرهم أهم معاقل الزيدية (المحسوبين في الجملة من فرق الشيعة) لذلك تعتبرهم إيران في دائرة مسؤوليتها، فهي ترى نفسها راعية التشيع في العالم. حظي اليمن باهتمام إيراني خاص منذ قيام الثورة الإيرانية، فهو في نظرهم أهم معاقل الزيدية (المحسوبين في الجملة من فرق الشيعة) لذلك تعتبرهم إيران في دائرة مسؤوليتها، فهي ترى نفسها راعية التشيع في العالم، ومن هنا جاء اهتمامهم بالتواصل مع علماء الزيدية في اليمن منذ وقت مبكر واعتبرت ذلك واجبا دينيا ومسئولية أخلاقية، وليس مجرد تكتيكاً سياسياً عابراً.
ونتيجة لذلك التواصل وما نتج عنه مؤخراً من تحالفات سياسية يقع بعض الكتاب في خلط بين الزيدية والاثني عشرية في المسارات الدينية، بل صار بعض الزيدية والاثني عشرية يقعون في نفس الخلط.
وهنا أود أن أنبه على بعض الفروق الجوهرية بين الزيدية والاثني عشرية في أهم ركائز المذهب وأبرز المعالم الاختلاف بين المذهبين في المسائل الدينية والسياسية، وإن جمعهم عنوان التشيع، ومن أبرز مظاهر الخلاف:
– أن الزيدية لا ينظرون إلى النص على إمامة علي بن أبي طالب، على النحو الذي تراه الإمامية (أنه نص قطعي الثبوت والدلالة)، ولذلك يحمل جمهور علماء الزيدية من تقدمه من الخلفاء الراشدين على السلامة، ولا يسبون أو يتبرأون من فضلاء الصحابة، ويحسنون القول في أمهات المؤمنين.
– ينكرون أن يكون النبي صلى الله عليه وآله نص على اثني عشر إماماً بأعيانهم، ولا يرون أن أحداً من الائمة معصوم كالنبي صلى الله عليه وسلم، أو أنه يعلم المستور المغيب، أو أنه يكون عالما دون تعلُّم، بل يحتاج إلى تعلم ويتم اختياره من قبل الناس، وكلامه ليس تشريعا ملزما، وهو معرض للخطأ والفسق والكفر كغيره من الناس.
– ولا يرون صحة القول بإن المهدي المنتظر قد ولد، وأنه غائب في سرداب أو غيره، وإن كانوا يرون أن ثمة أخبار عنه، لا يختلفون فيها عما يرويه أهل السنة في الموضوع.
– القرآن نص موجه لهداية الناس وإرشادهم، لا زيادة فيه ولا نقصان ولا تقديم ولا تأخير، وقد جاء بلسان عربي واضح يفهم كل مكلف ما كُلِّف به منه، ولا يحتاج فهمه إلى إمام ظاهر أو مندوب عن إمام غائب كي يكشف معانيه الباطنة أو يتأول دلالته الظاهرة.
– يعتمد في التشريع ما صح عن النبي مما جاء في سائر كتب المسلمين من السنة النبوية المروية من طريق الصحابة والتابعين وتابعيهم، ومن روى عنهم من المحدثين من أي فرق الإسلام كانوا، ولا يُرَدُّ منها إلا ما لم يصح بموجب الضوابط العلمية المدونة في كتب الأصول.
– أهل البيت كسائر الناس ليسوا معصومين عن الخطأ، وليست أقوالهم حجة على أحد، بل يؤخذ من أقوالهم ويرد، ولا يلتفت إلى شيء منها إلا ما دل عليه الدليل الشرعي المعتمد على صريح القرآن وصحيح السنة.
– فكرة المرجعيات الدينية المتمثلة في أشخاص يتعين تقليدهم على وجه الخصوص، فكرة سياسية غير لازمة دينياً، إذ الأصل أنه يجب على كل مكلف النظر، ولا يجوز له تقليد غيره في مسائل العقيدة. وفي مسائل التشريع يجوز للعوام القاصرين عن فهم النصوص تقليد المشهور من أئمة العلم في زمانهم، أما غير العوام فعليهم أن ينظروا في مسائل الشريعة على قد استطاعتهم ليتعبد لله وفق قناعتهم هم. وأما المسائل السياسة فهي مسائل دنيوية لا يختص أحد بفهمها، لذلك يتعاملون فيها بالتوافق مع سائر شركائهم في الحياة حسب ما تقتضي مصلحة المجتمع.
وهذه فروق جوهرية، غير أن العمل الحركي والتحالفات السياسية تقتضي أحيانا تجاهلها والاقتصار على التفكير فما يجمع الطرفين في الإطار العام للتشيع، خصوصا عند الاستنفار لمواجهة طرف هنا، والتصدي لطرف هناك.