انعدام الدواء.. مأساة اخرى تهدد حياة اليمنيين
كانت عبارة “اشهد يا الله” هي الشكوى الوحيدة التي أطلقها “محمد الشهابي” حزنا على طفله الرضيع الذي توفي بين يديه بسبب انعدام الأكسجين في أحد مستشفيات تعز اليمنية المحاصرة. يمن مونيتور/ صنعاء/ من خديجة إبراهيم
كانت عبارة “اشهد يا الله” هي الشكوى الوحيدة التي أطلقها “محمد الشهابي” حزنا على طفله الرضيع الذي توفي بين يديه بسبب انعدام الأكسجين في أحد مستشفيات تعز اليمنية المحاصرة.
وربما تكون هذه العبارة أصدق تعبير عن الحال التي وصلت إليها اليمن جراء الحرب الدائرة منذ أشهر، معها فقدت البلاد جزءاً، إن لم نقل كل، عافيتها، في بلد يعد من أكثر البلدان العربية فقراً.
فمنذ نحو تسعة أشهر، يمنع المسلحون الحوثيون وقوات موالية للرئيس السابق دخول الاكسجين ومواد ضرورية أخرى إلى تعز، فارضين حصاراً خانقاً على المدينة شمل حتى الماء والدواء.
ويقول مسؤول بأحد مكاتب الصحة في العاصمة صنعاء، إن مشكلة كبيرة واجهت عمل مكتب الصحة في توفير الأدوية وتوزيعها للمستشفيات والصيدليات منذ العام 2014، إثر توقف استيرادها.
ويضيف في حديث لـ”يمن مونيتور”، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن توقف استيراد الأدوية أعطى فرصة لتهريب أدوية قد تضر بصحة الإنسان بسبب عدم تخزينها بالشكل المناسب والصحي.
وأشار إلى أن “مخازن وزارة الصحة شبه فارغة من الأدوية، وهي التي كانت تمول مراكز الصحة شهرياً بأدوية مجانية.
وكانت الأمم المتحدة تقد لليمن مساعدات من الأدوية، لكنها ومنذ اندلاع الحرب في البلاد لم تعد تصل إلا كميات ضئيلة على هيئة إغاثة إلى بعض المناطق المتضررة.
تقول “فاطمة محمد” (طالبة جامعية)، إنها اضطرت للذهاب إلى الطبيب لتغيير بعض الأدوية المهمة لحالة والدتها بعد نفادها من السوق.
وأشارت “محمد” لـ”يمن مونيتور”، إلى “أنها تخشى عدم كفاية البدائل خلال فترة الحرب التي لا أحد يعلم نهايتها، حد قولها.
ورغم وجود بعض الأدوية محلية الصنع إلا أنها لم تشمل كل الأمراض وخاصة المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم والصرع، وغيرها من الأمراض المستعصية.
من جهته يقول مدير مستشفى المجد التخصصي الدكتور “هلال المعافا” إن “نقص الأدوية أثّر بشكل كبير على أداء المستشفى من حيث ارتفاع أسعار بعض الأدوية وانعدام البعض الآخر، إضافة الى مغادرة بعض الكادر الأجنبي البلاد بسبب الحرب الدائرة منذ أشهر.
ويضيف “المعافا” لمراسلة “يمن مونيتور”، أن المستشفى يجد بدائل ضعيفة لا تغطي حاجته، لافتاً “أن الأدوية التي نقصت بشكل ملحوظ من السوق هي أدوية الأمراض المزمنة كالأنسولين، وأدوية أمراض السرطان والسكري والقلب”.
يقول الصيدلاني “إبراهيم حسن مجاهد”، إن نقص الأدوية وخاصة أدويه الأمراض المزمنة أثر على مبيعات الصيدلية التي يعمل فيها بصنعاء، بسبب عدم قبول المواطنين بالأدوية المحلية البديلة للأدوية الأصلية.
ويضيف “مجاهد”، “أن أغلب المواطنين لا يقبلون المنتجات المحلية، كما أن الشركات المحلية لم توفر أدوية للأمراض المزمنة.
ومنذ الحادي والعشرين من سبتمبر 2014 سيطر مسلحو الحوثي على العاصمة صنعاء وبعض المدن الرئيسية في البلاد، وعلى إثر ذلك غادر الرئيس “عبدربه منصور هادي” والحكومة اليمنية البلاد واستقروا مؤقتاً في العاصمة السعودية الرياض، فيما فرض الحوثيون وحليفهم “صالح” سلطة الأمر الواقع.
وفي 26 مارس/ آذار من العام نفسه بدأ تحالف عربي تقوده السعودية بشن حرب ضد الحوثيين و”صالح” وفرض حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً على اليمن، تقول الرياض إن التدخل جاء “استجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتدخل عسكرياً لـ”حماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الحوثية”.
وتتهم الحكومة اليمنية والتحالف العربي مسلحي الحوثي والقوات الموالية لـ”صالح” بمنع دخول الأدوية إلى المناطق المحاصرة وخاصة مدينة تعز، وفي أحايين كثيرة اتهمت الحوثيين بالسطو على هذه المعونات ومصادرتها.
ومطلع يناير الجاري، أعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن قلقه البالغ إزاء الوضع الإنساني في محافظة تعز وسط اليمن، التي تشهد اشتباكات عنيفة وحصار منذ أكثر من ثمانية أشهر”، متهماً “الحوثيين بالتسبب بالأزمة الإنسانية”.
وقال المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل للصحافيين في جنيف، “إن السيطرة المشددة على جميع نقاط الدخول إلى مدينة تعز من قبل الحوثيين أدت إلى الحد من توصيل المواد الأساسية بما فيها الغذاء مما جعل الظروف صعبة للغاية بالنسبة للسكان المدنيين”.
واضاف كولفيل، “ان الوضع الصحي في المحافظة تدهور واجبر مستشفى الروضة وهو أحد أكبر المستشفيات العاملة هناك على عدم قبول استقبال المرضى”.