آراء ومواقف

تعز ومضايا.. المُحاصِر واحد

مأرب الورد

في اليمن كما في سوريا يخوض الشعبان معركة واحدة للتحرر والحرية ضد عدو واحد هو إيران ومليشياتها الطائفية التي تمثل خنجرا مسموما في جسد الأمة حاضرا ومستقبلا.
في اليمن كما في سوريا يخوض الشعبان معركة واحدة للتحرر والحرية ضد عدو واحد هو إيران ومليشياتها الطائفية التي تمثل خنجرا مسموما في جسد الأمة حاضرا ومستقبلا.

الاختلاف الوحيد بين البلدين يكمن في أن سوريا ترزح تحت احتلال إيراني مباشر ممثلة بقوات الحرس الثوري والباسج وإشراف ميداني من قاسم سليماني الذي تتعزز الشكوك حول إصابته بمعارك بحلب، فضلا عن 54 ألف مقاتل من المليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية والأفغانستانية وغيرها، وبدعم دولي من روسيا بوتن.

وفي اليمن الاحتلال غير مباشر لعوامل كثيرة لكن إيران حاضرة وموجودة عبر مليشيات الحوثي التي صنعت قادتها ودعمتها بالمال والسلاح والخبراء العسكريين، ناهيك عن الدعم السياسي والإعلامي والدبلوماسي.

وفي كلا الحالتين تفاخر طهران باحتلالها أربع عواصم عربية، وهذا ما صرح به الإيرانيون بعد سقوط العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014 بيد وكلائهم الذين طبقوا حرفيا ما تلقوه من توجيهات الملالي في طهران.

قبل أيام تحدث العميد حسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، بلغة تدين وكلائهم بتبعيتهم لهم، وزعم أن من سماهم أبناء الثورة الإسلامية موجودون من البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا مرورا باليمن ولبنان وسوريا والعراق.

وقال سلامي في كلمة الجمعة الماضية، إن حدود بلاده أكبر مما ترسمها خرائط الجغرافيا، وامتدح الحوثيين وشبههم بحزب الله اللبناني.

ليس جديدا في هذه التصريحات سوى أنها تعكس الغطرسة والتفاخر بالتدخل في شؤون الدول العربية ودعم الأقليات ضد الأكثريات وإشعال الحرائق وتغذية النزعات الطائفية.

يدعي وكلاء إيران محاربة إسرائيل لكنهم يحاربون شعوبهم ويقتلونهم ويفعلون بهم أسوأ مما يقوم به الاحتلال الأجنبي، يحاصر الحوثيون مدينة تعز مثلما يحاصر حزب الله وقوات الأسد مدينة مضايا بريف دمشق الغربي.

وفي تعز يمنع الحوثيون وقوات حليفهم صالح السكان من إدخال احتياجاتهم الأساسية منذ أكثر من سبعة أشهر ويتعاملون معهم بالمنافذ التي يتحكمون بها كما يتعامل الاحتلال الاسرائيلي مع الفلسطينيين في الضفة الغربية أو غزة.

تشير الإحصائيات إلى وفاة 17 شخصا بينهم أطفال لانعدام الأكسجين بالمستشفيات إثر الحصار ورفض دخول أسطوانات الأكسجين، والأدوية إلا بتهريب شاق ومرهق وبشكل محدود لا يفي بالاحتياج.

المدينة محاصرة من كل منافذها ولا يسمح حتى للمساعدات بالدخول، ويحتجز الحوثيون 225 شاحنة محملة بمواد الإغاثة مقدمة من قبل برنامج الغذاء العالمي، الذي التزم الصمت إلا من بيان خجول يساوي بين الضحية والجلاد دون أن يحمل الحوثيين مسؤولية حصار المدينة واحتجاز المساعدات، وهو موقف بقية المنظمات الأممية التي تحابي الانقلابيين وتستخدم أجندة سياسية في عملها.

لم يلتزم الحوثيون بوعودهم التي قطعوها للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ في مباحثات سويسرا التي عقدت بشهر ديسمبر الماضي، بشأن السماح بدخول المساعدات لتعز ورفع الحصار، ولم يلُمْهم في المقابل ولد الشيخ.

لقد أعاد الحوثيون اليمنيين للماضي وجعلوا الناس في تعز يهربون ما تيسر من مواد الغذاء على ظهورهم وفوق الحمير والجمال بطرق جبلية وعرة، في سابقة لم تحدث إلا بعهد وكلاء طهران.

هذه هي المؤامرة التي يتحدث عنها خامنئي ويلقي باللائمة عليها وراء ما يجري في اليمن وسوريا، وكأن بلاده ليست السبب والمسؤول عن الحرب والدمار في البلدين.

من يرفع شعار المقاومة والممانعة هو ذاته من من يحاصر مدينة مضايا وبلدة بقين في ريف دمشق الغربي للشهر السابع على التوالي ويمنع عن سكانها الغذاء والدواء، ويقتل كل من يريد الخروج.

قوات الأسد وحزب الله ينفذون منهج الملالي الذي يطبقه نظراؤهم في تعز ويرتكبون جرائم الإبادة الجماعية بحق أربعين ألف هم سكان مضايا.

هذه هي المقاومة التي يتغنى بها هؤلاء والتي دفعت المحاصرين لأكل القطط والأعشاب للإبقاء على حياتهم، وسجلت مصادر طبية وفاة 31 شخصا الشهر الماضي، بينهم أطفال لانعدام الحليب.

وكحال الحوثيين، لم تلتزم قوات الأسد وحزب الله بهدنة الزبداني بالسماح بدخول مواد الإغاثة وانحازت الأمم المتحدة لهم على حساب المدنيين المحاصرين.

أحسنت السعودية في قرارها بقطع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إيران وتبعتها البحرين والسودان ردا على الاعتداء الممنهج الذي تعرضت له سفارة المملكة بطهران وقنصليتها بمشهد، بل اعتبر وزير الخارجية عادل الجبير القرار نتاج سنوات من السياسات العدوانية الإيرانية.

وإذا أردنا أن لا تتكرر مأساة تعز ومضايا وهما نموذجان فقط، وإلا فالمآسي كثيرة فعلى العرب اتخاذ موقف موحد من إيران يبدأ بدعم موقف السعودية وصولا لبلورة رؤية مشتركة للتعامل مع هذا التمدد في منطقتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى