الأزمة بين إيران والسعودية وما تلاها من تصعيد إعلامي وسياسي ودبلوماسي وصولاً إلى قطع العلاقات مع إيران، لا يمكن أن تمتد إلى أبعد من تلك التداعيات التي قد حصلت، وبلغت ذروتها بإعلان السعودية والبحرين ودول عربية اخرى قطع العلاقات مع إيران وإيقاف الرحلات الجوية والتبادل التجاري، إذ تظهر ملامح ومؤشرات قناعة سعودية أن الحسم العسكري لم يعد وحده كافياً لحل المشكلات والقضايا العربية، تتصدرها القضيتان السورية واليمنية، ما لم يعطِ افقاً سياسياً أكبر. يمن مونيتور/ خاص/ من هشام المسوري
الأزمة بين إيران والسعودية وما تلاها من تصعيد إعلامي وسياسي ودبلوماسي وصولاً إلى قطع العلاقات مع إيران، لا يمكن أن تمتد إلى أبعد من تلك التداعيات التي قد حصلت، وبلغت ذروتها بإعلان السعودية والبحرين ودول عربية اخرى قطع العلاقات مع إيران وإيقاف الرحلات الجوية والتبادل التجاري، إذ تظهر ملامح ومؤشرات قناعة سعودية أن الحسم العسكري لم يعد وحده كافياً لحل المشكلات والقضايا العربية، تتصدرها القضيتان السورية واليمنية، ما لم يعطِ افقاً سياسياً أكبر.
ما يعزز عدم استبعاد أن يكون الهدف من وراء قيام السعودية بقطع العلاقات مع إيران يهدف لتقوية موقفها التفاوضي الذي يسبق أي طرح أية حلول سياسية لاسيما لقضية اليمن وسوريا وكذلك تهيئة الأجواء وتوفير مناخ داعم للرؤية السعودية قبل وضع الحلول السياسية لاسيما وهناك مباحثات منتظرة في منتصف الشهر الجاري بخصوص اليمن بين طرفي الشرعية والإنقلابيين، ومباحثات اخرى منتظر إجراؤها في 25 من الشهر الجاري بخصوص سوريا، فضلاً عن تصريح السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عندما قال إن الأزمة الأخيرة مع إيران لن يكون لها تأثير على جهود السلام في ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ ﻟﻦ ﺗﻘﺎﻃﻊ ﻣﺤﺎﺩﺛﺎﺕ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﺣﻮﻝ ﺳﻮﺭﻳﺎ.
ما يعزز توقعات كهذه بسعي السعودية لتوفير أجواء مناسبة تسبق وضع حلول سياسية لقضايا عربية متعددة، أن السعودية تفتقد لأهم مصادر القوة التي كانت تتمتع بها إبان الحرب الباردة وهو الدعم الأمريكي الذي تراجع حالياً عن ما كان عليه في الحرب الباردة أثناء ما كانت السعودية تمثل الشريك المؤثر لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط في مواجهة المعسكر الشرقي بزعامة روسيا، إذ أن أمريكا أصبحت ترى اليوم أن السعودية تدير معركتها التي لم تعد تمثل لأمريكا ذات الأهمية التي كانت تمثلها إبان الحرب الباردة، يعزز ذلك حديث معهد واشنطن الذي أشار إلى أن “الخطوة السعودية في قطع العلاقات مع إيران ليس لأسباب محلية فقط، وإنما تحمل رسالة لأمريكا مفادها بأن السعودية باتت قادرة على اتخاذ قرارات وخطوات كبيرة دون الرجوع للأمريكيين “.
التداعيات السريعة التي تلت إعدام “نمر النمر”، واقتحام السفارة السعودية في طهران واحراق القنصلية السعودية في مدينة مشهد الإيرانية ومن ثم قرار السعودية ودول أخرى قطع العلاقات مع إيران، يشجع على توفير بيئة سياسية لصالح الرؤية السعودية للحل في اليمن وسوريا قبل وضع الحلول، وهذا ما هدفت إليه ربما المملكة من قرار قطع العلاقات مع طهران، فيما بدت إيران عاجزة عن اتخاذ خطوات تتجاوز التراشق الإعلامي واطلاق التهديدات، سوى أنها من المرجح أنها تقف وراء اعلان وزير الخارجية العراقي خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الإيراني استعداد بلاده للتوسط بين إيران والسعودية، وهي الورقة العملية التي حركتها طهران ويظهر أن هذا هو الحد العملي لما يمكن أن تتخذه طهران.
يمكن القول إن السعودية نجحت في امتلاك مقومات تحقيق أهدافها فيما يتعلق بالقضية اليمنية، سواء باستطاعتها امتلاك نوافذ تحديد صيغة الحل السياسي الذي لن يعطي أي دور سياسي مستقبلي لوكلاء إيران في اليمن، أو من خلال الخيار العسكري بعد أن نجحت في تصميم أفق سياسي مؤثر لعملياتها العسكرية في اليمن.