تحليل: الازمة بين ايران و السعودية تحيي المخاوف من نزاع جديد في العراق
يثير التفجيران اللذان استهدفا الاثنين مسجدين جنوب بغداد مخاوف من تصاعد التوتر بين السنة والشيعة وعودة النزاع الذي ادمى العراق قبل عقد من الزمن، لا سيما انهما ترافقا مع بروز ازمة بين ايران والسعودية، القوتين الاقليميتين البارزتين.
يمن مونيتور/ الفرنسية/
يثير التفجيران اللذان استهدفا الاثنين مسجدين جنوب بغداد مخاوف من تصاعد التوتر بين السنة والشيعة وعودة النزاع الذي ادمى العراق قبل عقد من الزمن، لا سيما انهما ترافقا مع بروز ازمة بين ايران والسعودية، القوتين الاقليميتين البارزتين.
ويملك العراق حدودا مع كلا البلدين. واعلنت الشرطة العراقية الاثنين وقوع انفجارين هزا مسجدين سنيين في مدينة الحلة. كما اغتال مسلحون مجهولون إمام ومؤذن جامع في ناحية الاسكندرية جنوب بغداد، وقتل نازح سني في الحلة ايضا.
وتذكر طبيعة الهجمات بالايام السوداء من الحرب الاهلية التي عاشها العراق وبلغت ذروتها بين عامي 2006 و2008.
وتزامنت هذه الهجمات مع توتر في العلاقات بين ايران ودول الخليج في مقدمتها السعودية اثر قيام الاخيرة باعدام رجل الدين السعودي الشيعي المعارض نمر النمر السبت الماضي. وتلى ذلك قطع العلاقات بين البلدين بعد احتجاج السعودية على مهاجمة متظاهرين غاضبين سفارتها وقنصليتها في ايران واحراقهما.
ويخشى اهالي مناطق جنوب بغداد المختلطة بين سنة وشيعة وقوع صراعات بين دول جوار العراق قد يدفعون هم ثمنها.
وقال علي حمزة (27 عاما) الذي يقيم على مقربة من أحد المسجدين اللذين تعرضا للتفجير، ان “عددا كبيرا من العائلات بدأ يشعر بالخوف من عودة الارهاب الذي وقع خلال ذروة الصراع″ الذي ضرب بلادهم.
وادت النزاعات المذهبية الى مقتل عشرات الاف الاشخاص في العراق ونزوح اكثر من اربعة ملايين واعادة رسم خارطة التوزيع السكاني في العراق حيث غالبية السكان من الشيعة.
ولم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن الهجمات الاخيرة او اي علاقة لها باعدام نمر النمر، لكن السلطات العراقية فرضت اجراءات لتهدئة الاوضاع.
وقال رجل الدين السني محمد عبد اللطيف القاطن في حي الجزائر في وسط الحلة “يريد البعض إحداث فتنة بهدف اشعال الحرب بين العراقيين وعلينا ايقافهم لان مثل هذه الاعمال لا تخدم الا اعداء العراق”.
وتخوض القوات العراقية حربا على محاور مختلفة ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي تمكن عبر هجوم في حزيران/يونيو 2014، من السيطرة على مناطق واسعة في شمال وغرب البلاد.
– استبعاد الحرب –
ويستبعد المحللون، على الرغم من المخاوف المتصاعدة، انزلاق العراق الى حرب طائفية واسعة.
ويقول مايكل نايتس من معهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية ان دعم واشنطن القوي لبغداد يجعل اي محاولة سعودية لخوض حرب بالوكالة في العراق مرفوضة من الولايات المتحدة التي “ستواجه” ذلك.
ويضيف ان “احد الاسباب الرئيسية التي تحول دول تكرار اراقة الدماء ان الحرب السابقة اسفرت عن فائز وادت الى تطهير كبير”.
ويوضح ان الحرب احدثت “تجانسا طائفيا” في العراق قلص الفوارق الاجتماعية بين المجموعات المذهبية ما يجعل التطهير الطائفي “اقل احتمالا”.
ويتابع “فاز الشيعة في الحرب الاهلية، وعدد السنة الذين يرغبون بخوض حرب خاسرة ينخفض”.
ويرى المحللون ان تصاعد نفوذ الدولة الاسلامية في العراق منذ عامين، ووقوف الفصائل الشيعية لمقاتلتها، امور ادت ادى الى تراجع دور السنة في العراق.
ويقول مدير مركز اوراسيا لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا أيهم كامل ان “نفوذ السعودية بين القبائل السنية في محافظة الانبار (غرب العراق) قد تراجع″.
ويتابع “علاوة على هذا، اصبحت بغداد مدينة يسيطر عليها الشيعة، والجيش العراقي هو في وضع افضل بكثير في المناطق التي يسكنها السنة والشيعة”. كما ان “الميليشيا الشيعية واجهت بشراسة ونجحت في منع انتفاضة كثيفة للسنة في المناطق الشيعية”.
ويرى مسؤولون عراقيون ان بغداد، بالنظر الى موقعها وحلفائها الاجانب المتنوعين، يمكن ان تلعب دورا في الحد من تصعيد الصراع الايراني السعودي.
وبدأ وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري اليوم زيارة الى طهران لبحث التطورات الاخيرة، كما ذكرت وكالة الانباء الايرانية الرسمية.
وقال الجعفري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف ان العراق “تربطه علاقات جيدة مع طهران والدول العربية”، وهو يعمل من اجل الحد من التوتر بين الرياض وطهران وحتى “لا تذهب المنطقة الى حرب ليس فيها منتصر”، بحسب تعبيره.
وذكرت مصادر اعلامية انه من المتوقع ان يزور نظيره العماني الذي تلعب بلاده دور وسيط في المنطقة، العاصمة الايرانية في الوقت ذاته.