حفلة التجسس رواية بوليسية ترصد غواية التكنولوجيا
عن دار شمس للنشر بالقاهرة، صدرت رواية بعنوان “حفلة التجسس”، للكاتب المصري عبدالرحمن حبيب. وتقع في 164 صفحة من القطع المتوسط. الرواية تجربة متفردة تمزج الرعب بالإثارة في إطار بوليسي، وتقدِّم أيقونة درامية جديدة.
يمن مونيتور/العرب اللندنية
عن دار شمس للنشر بالقاهرة، صدرت رواية بعنوان “حفلة التجسس”، للكاتب المصري عبدالرحمن حبيب. وتقع في 164 صفحة من القطع المتوسط. الرواية تجربة متفردة تمزج الرعب بالإثارة في إطار بوليسي، وتقدِّم أيقونة درامية جديدة.
“حفلة التجسس” تطرح سؤالا محوريا “ماذا لو أن هناك شخصا في هذا العالم يسمع كل ما نقوله؟”، وهي تتحدث عن تجسس مجموعة من الأفراد بعضهم على بعض من خلال التكنولوجيا. الإغواء الذي تقدمه التكنولوجيا يفرض نفسه على بطلة الرواية فتقرر التجسس على حبيبها باستخدام جهاز تنصت عثرت عليه بالصدفة على شبكة الإنترنت وبعد أن تشغلها اللعبة إلى حدّ إدمان تلك التسجيلات الهاتفية ينتقل إلى صديقها الراوي حتى يصبح سماع التسجيلات طقسا مشتركا بينهما ثم تبدأ توابع ذلك في الظهور بشكل بالغ الدراماتيكية.
كما تقدِّم الرواية التسجيلية في ثوب جديد عبر دمج تسجيلات هاتفية وأشعار لم تنشر من قبل ومقاطع من سيناريوهات في صلب العمل، بالإضافة إلى الأشكال المعتادة للتوثيق مثل دفاتر اليوميات ومجتزئات من مجلات. في الرواية، أيضا، نوع من الكتابة المختلفة التي تخص الكاتب وحده، حيث يؤكد حبيب أن له رأيا خاصا به في الكتابة بمختلف مظاهرها في اللغة والحدث والصياغة بوجه عام.
فالعنوان يحمل تناقضا بين كلمتي حفلة التي توحي بالاحتفاء والفرح والبهجة، وبين كلمة تجسس التي توجب بالقلق والاتهام والارتباك، وهذا التناقض لا يقف عند العنوان فقط لكنه يبدأ منه ثم يمتد إلى كل أجزاء الرواية، ليس بالمعنى السلبي لكلمة التناقض، لكنه التناقض الذي يصنع الأحداث، مثل أن نجد شخصية هاني ساقطة في فخ الشغف بالتسجيل والتنصت بما يعكس المفارقة بين ما يفعله وبين على ما يبدو عليه من التزام. كذلك نجد التناقض في شخصية سوزي بين الإقبال على الآخرين والنفور منهم بما يشعرنا بأزمتها النفسية، ويصنع الأحداث الدرامية في الرواية.
وجاءت اللغة سلسة استطاعت أن تصل إلى مرحلة من التوافق وأن تجيد التنسيق بين السرد الفصيح والحوار العامي، حيث أن الدخول والخروج بين هذين النسقين من الكتابة لم يحدث بطريقة القطيعة ولم يُحدث نشازا في القراءة، بل اللغة كانت جزءا من التناقض الكاشف للشخصيات الذي تحدثنا عنه في البداية.
كذلك نجد الشعر المستخدم بالفصحى كان متسقا مع الأفكار الفلسفية التي يحملها ويتفق مع شخصية كمال المحملة بالرؤية الفلسفية. ومن التقنيات التي استخدمها الكاتب السيناريو، ربما كان دافعا لهذا التبادل اللغوي بين العامية والفصحى فالسيناريو، هو الروح التي تسيطر على كتابة الرواية، فهذه الرواية بها أشكال كتابية متعددة وذلك أمر في صالحها تماما، حيث الشعر الذي يأخذ أكثر من صفحة أحيانا، وكذلك التداعي الفلسفي أما الشكل المعتمد على السيناريو فقد ظهر بشكل واضح ربما يعكس شغف حبيب بكتابة السيناريوهات.
أما رسم الشخصيات فقد تم التعريف بها من خلال الحدث، كذلك جعل المؤلف فكرة أنك تخرج من الحدث غير قادر على الحكم الأخلاقي على الشخصيات، فكلهم متهمون وفي الوقت نفسه كلهم أبرياء أيضا.
واعتمد أيضا على النهايات المفتوحة فهناك كثير من الحلقات المفتوحة بقصدية تامة منه مثل: حكاية سوزي الممتلئة بمنح الفرصة للقارئ كي يشارك في تخيل هذه الفجوات الإيجابية، فنحن لا نعرف الكثير عن أسباب انتحارها، لكن لنا أن نتخيل ذلك من خلال علاقتها بأسرتها وكذلك علاقتها بكمال.