كان وقعُ الإعلان عن قطع العلاقات السعودية الإيرانية من طرف وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، شديداً وأربك كل الترتيبات التي أعدتها إيران للتعامل مع إعدام رجل الدين الشيعي السعودي المتطرف، نمر النمر، الذي اُتهم بتشكيل خلية إرهابية في بلدة العوامية بمحافظة الإحساء في شرق المملكة.
كان وقعُ الإعلان عن قطع العلاقات السعودية الإيرانية من طرف وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، شديداً وأربك كل الترتيبات التي أعدتها إيران للتعامل مع إعدام رجل الدين الشيعي السعودي المتطرف، نمر النمر، الذي اُتهم بتشكيل خلية إرهابية في بلدة العوامية بمحافظة الإحساء في شرق المملكة.
أرادت الحكومة الإيرانية من خلال الدفع بمجاميع من رجال استخباراتها لاقتحام السفارة السعودية في طهران وحرق القنصلية السعودية في مشهد، إيجاد تغطية عالمية واسعة لواقعة الإعدام، وممارسة هذه الانتقائية المقصودة من أحكام الإعدامات ليتم التركيز فقط على الشيخ نمر النمر، مع أن هناك شيوخ آخرين ليسوا شيعة وحوكموا وأعدموا على خلفية أنشطة إرهابية مماثلة.
ولا شك أن الهدف من ممارسة هذه الانتقائية المقصودة، هو ضمان تحقيق أكبر مستوى من الإثارة في أوساط الطائفة الشيعية بمحافظة الإحساء، وقد حدث أن صممت المطابخ الإعلامية والاستخبارية الإيرانية اتجاهات التحرك ومستوى المطالب التي سيتم رفعها، فكان أول شيء نشر خارطة للمملكة تظهر فيها إمارة المنطقة الشرقية، دولة تنزع إلى الاستقلال.
هو نوع من اللعب بالأوراق الخطرة واختبار مغامر لإرادة دولة مثل المملكة العربية السعودية، التي تمتلك من القوة ما يكفي للتعامل مع التحديات، إلى جانب أنها مستفزة إلى حد كبير من مغامرة إيرانية خطيرة في جنوب المملكة، حيث تشارف العملية العسكرية للتحالف العربي في اليمن على الانتهاء من استئصال ذراعها الحوثية الطائفية.
حتى الآن فشلت إيران في توظيف تدخلها السافر في قضية سيادية تخص دولة أخرى فلم تستطع أن تدفع الشارع الشيعي في القطيف إلى العنف، لأن هذا الشارع يمتلك وعياً أكثر من الملالي ومن المتطرفين، فالنمر تورط في جرائم قادته إلى هذه النهاية، فقد كان يحرض ويدفع بأتباعه إلى ممارسة العنف وفي عقليته أن يخوض معركة وجود مع شركاء الوطن.
إيران فشلت سياسياً في التعامل مع هذا الحادث، بدليل أن قطع العلاقات معها من قبل ثلاث دول حتى الآن وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي من قبل دول أخرى، لا يعني سوى أن إيران تدخل في مرحلة من العزلة السياسية الطويلة مع جيرانها.
كانت إيران تطمح إلى استثمار اتفاقها النووي مع القوى الكبرى، في لعب دور أساسي على مستوى المنطقة، ولكنها أخطأت الطريق، فعوضاً عن إبداء حسن النية تجاه دول الجوار والعمل على لملمة الأوراق المبعثرة، وحق الدماء التي تسيل في أكثر من دولة، بدأت تتوغل في مناطق خطرة للغاية بدءا من المملكة العربية السعودية.
هي إذا خسارة سياسية فادحة تتكبدها طهران نتيجة سياستها المتشنجة المحكومة بإحنها الطائفية ورواسب الصراع التي تمتد إلى أعماق سحيقة من التاريخ، جرياً وراء أوهام سخيفة لا أساس لها.
كان مشهد ثلة من الحوثيين المعزولين الذين خرجوا في أحد شوارع صنعاء، مثيراً للشفقة وهم ينددون بحادثة إعدام نمر النمر.. لا توجد وقاحة أكثر من هذه، فهذه الجماعة التي أعدمت شخصاً بدون محاكمة أمام أهله في بني حشيش، لا يحق لها أن تندد بإعدام جاء بعد سلسلة من المحاكمات القضائية استمرت ست سنوات.
هذه الميلشيا هي إحدى الأدوات القذرة التي تلعب بها إيران في المنطقة، وقد بدا واضحاً أن هذه الأدوات هي التي تحركت بالاتساق مع الموقف الإيراني، حزب الله والميلشيات الدموية في العراق هي التي تفاعلت مع التحركات الإيرانية المغامرة تجاه حادثة إعدام نمر النمر ومحاولة استثمارها سياسياً.