طبعتان لعملة واحدة.. فارق الصرف يثقل كاهل المواطنين في مناطق الحوثيين ب”تعز” وسط اليمن (تقرير خاص)
يمن مونيتور / مختار شداد
خلّفَ الانقسام النقدي والمصرفي في اليمن أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة ألقت بظلالها على حياة المواطنين وخاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين، حيث منعت الجماعة تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية في مناطق سيطرتها، الأمر الذي فاقم معاناة المواطنين كثيرا.
ويحرم قرار حظر العملة الجديدة حوالي 70 ألف موظف من استلام مرتباتهم كاملة من الحكومة الشرعية بالعملة الجديدة، حيث يجبرهم قرار الحوثيين على استلامها بالعملة القديمة ولكن بفارق صرف يقارب الـ40% كعمولة للحوالة.
حرب العملة
وبسبب عملية الحظر التي فرضها الحوثيين، تأثرت الأسعار تبعا لذلك، ووجد ما يسمى بـ”فارق الصرف” بين طبعات العملة الواحدة، القديمة والجديدة، وأصبح للسلعة قيمتين مختلفتين، قيمتها الشرائية بالعملة الجديدة أكبر وبفارق عن العملة القديمة يتجاوز الـ50% أحيانا، هذا الفارق شكل معاناة إضافية يتكبدها المواطنين لاسيما وأن سيولة العملة القديمة في السوق كانت قليلة وتالفة مقارنة بالعملة الجديدة.
وفي هذا الشأن، يقول المواطن “محمد عبدالله” إنه يجد صعوبة كبيرة في توفير العملة القديمة لاسيما وأنه يعتمد بشكل كبير في توفير الاحتياجات الأساسية للأسرة على الحوالات التي يرسلها أحد أقربائه في مناطق سيطرة الشرعية.
يضيف “محمد” في حديثه لـ “يمن مونيتور” قائلا:” لا يكتوي بنار فارق الصرف سوى نحن البسطاء فقط، أما أصحاب الأموال والتجار لا يعدمون الحيلة.”
وفي بداية قرار الحظر تعامل الحوثيون بنوع من التساهل مع من يتداولون العملة الجديدة ولو بفارق صرف، وحصرت التعامل بالعملة القديمة على المشتقات النفطية فقط، بعد ذلك فرضت حظراً شاملاً، وبقوة السلاح صادرت أموال كل من وجدت بحوزته وهي من العملة الجديدة.
قرار كارثي
توالت انهيارات العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية كمحصلة للاضطراب السياسي والاقتصادي وانقسام السياسة النقدية في البلاد، بالإضافة إلى وجود طبعتين من العملة وتحولها إلى أداة للصراع بين طرفي الحرب.
الصحفي المختص بالشؤون الاقتصادية “وفيق صالح” قال في تصريحه لـ”يمن مونيتور” إن الانقسام النقدي ساهم في تدني قيمة العملة الوطنية بشكل كبير أمام العملات الأجنبية، وساهم أيضا في وضع الكثير من المعوقات والعراقيل أمام حركة التجارة الداخلية، والتحويلات المالية، الأمر الذي يعمل على تدهور الوضع الاقتصادي بشكل عام، وتوقف حركة التنمية، ومضاعفة مزيد من الأعباء على اقتصاد البلاد المنهك أساسا.
وأضاف: “أعتقد أن قرار الحوثيين بحظر التعامل بالطبعة الجديدة، يندرج ضمن الحرب الاقتصادية، بين جماعة الحوثي، والشرعية، وبالتالي المتضرر الذي يدفع الثمن هو المواطن، والاقتصاد اليمني، بشكل عام”
واعتبر القرار الذي اتخذته جماعة الحوثي، قرار كارثي على العملة اليمنية وعلى الاقتصاد والنشاط التجاري، يساهم في ترسيخ الانقسام الاقتصادي، وبالتالي مزيد من التشظي والتدهور واتساع رقعة الفقر والبطالة، وتزايد أعداد السكان الذين هم بحاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية.
تعاملات سرية
يتعامل بعض التجار مع المواطنين بالعملة الجديدة والقديمة معا، ولكن التعاملات تتم بسرية تامة بين الطرفين وبفارق صرف أيضا.
يتحدث أحد التجار، لـ”يمن مونيتور” مفضلاً عدم ذكره اسمه، عن هذه التعاملات قائلاً: “نتعامل مع بعض المواطنين الذين لا يملكون عملة قديمة في محاولة منا للتخفيف من معاناتهم”.
ويضيف: ” لكننا نتعرض لمخاطر كثيرة، منها أن الحوثيين يقومون بإرسال شخص يمثل دور المواطن البسيط ومعه “فلوس” من الطبعة الجديدة للإيقاع بالتاجر ثم يقومون بمصادرة أمواله”.
ويلجأ بعض المواطنين لحيلة أخرى حيث يقومون بشراء العملة الخارجية من المصارف وخصوصا العملة السعودية بمبلغ مضاعف من الطبعة الجديدة، ثم يصرفونها بالعملة القديمة بسعر الصرف المحدد من بنك صنعاء. هذه الحيلة تثقل كاهل المواطن ولكنها السبيل المتاح لتوفير لقمة العيش.