“تعقيدات محلية” وضغوط دولية.. تسارع التحركات في “مسقط” لوقف إطلاق النار في اليمن (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/خاص:
تشهد العاصمة العُمانية “مسقط” تحركات منذ الأربعاء الماضي، شملت زيارات وفود وممثلين عن الولايات المتحدة وإيران والأمم المتحدة والسعودية، في إطار تحركات أوسع في المنطقة لإعلان وقف إطلاق النار في اليمن.
وعلى رأس الوفود المبعوث الأمريكي تيموثي ليندركينغ، والمبعوث الأممي مارتن غريفيث، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ومشرع أمريكي، وصلا خلال يومي السبت والأحد. والأربعاء الماضي تواجد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف مسقط والتقى بالحوثيين الذي يقيمون فيها منذ سنوات.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين ساكي بأن حل الأزمة الإنسانية وتحقيق وقف إطلاق النار في اليمن يتصدر قائمة أولويات “ليندركينغ”.
وأضافت ساكي: من المتوقع أن يناقش “ليندركينغ” جهود الإغاثة الإنسانية، وتحقيق وقف إطلاق النار، والعديد من الموضوعات الرئيسية الأخرى مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث في رحلته الأخيرة إلى الشرق الأوسط.
أما “فيصل بن فرحان” فقد توجه إلى “مسقط” بعد زيارة سريعة إلى “أبوظبي” التقى فيها الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والرجل القوي في الإمارات. وقالت وكالة الأنباء العمانية إن وزير الخارجية السعودي وصل إلى مسقط، موضحة أن الزيارة ستستغرق يوما واحدا.
المبادرة السعودية
كما سبقت زيارة “ليندركينغ” لسلطنة عمان لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض. كما التقى الوفد الأمريكي بقيادات حكومية رفيعة سعودية ويمنية لمناقشة مسودة المشروع الأخير لمبادرة السلام التي يسعون إلى العمل المشترك عليها قبل عرضها على قيادات جماعة الحوثي في مسقط.
جاء ذلك بعدما جدد الأمير ابن سلمان، -خلال مقابلة تلفزيونية الثلاثاء- طرح مبادرة وقف إطلاق النار لإنهاء الأزمة اليمنية، داعيا جماعة الحوثي إلى وقف الحرب والجلوس على طاولة المفاوضات.
وفي مارس/آذار الماضي أعلنت السعودية عن مبادرة سلام جديدة تضمنت: وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وفتح مطار صنعاء، والسماح بدخول الوقود والسلع الأخرى إلى مناطق الحوثيين عبر مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، واستئناف المفاوضات السياسية المتوقفة لإنهاء الصراع. ورفضها الحوثيون ضمناً.
وحسب دبلوماسي غربي فإن الحوثيين طلبوا وقفاً لإطلاق النار يتم على ثلاث مراحل: وقف الغارات الجوية للتحالف، ثم وقف المعارك على حدود السعودية، ثم وقف إطلاق النار في جبهات القِتال اليمنية. مضيفاً: أن الهدف من ذلك السماح لقواتهم بالسيطرة على مدينة مأرب حيث فشل الحوثيون مراراً في الوصول إليها في ظل مقاومة قوية للجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
في مسقط
وقال السيناتور الأميركي كريس ميرفي في تغريدة على “موقع تويتر” إنه عقد لقاء مثمراً برفقة ليندركينغ مع وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في مسقط، مضيفا أن الوقت حان لإحلال السلام في اليمن، وأنه يمكن لسلطنة عُمان أن تلعب “دورًا حاسمًا”.
وقالت وسائل الإعلام العُمانية إن “اللقاء بحث مجمل التطورات في اليمن والجهود المبذولة لإنهاء الحرب، بما يحقق الاستقرار عبر عملية سياسية شاملة”.
ويأتي ذلك بعد يوم من إعلان الخارجية الأميركية أن مباحثات ليندركينغ في الرياض حملت رسائل بشأن المسارين السياسي والإنساني، مع التأكيد على أنه لا حل في اليمن من دون السعودية.
وقال الصحافي والباحث العُماني في الشؤون الدولية سالم بن حمد الجهوري إن الزيارات (الإيرانية والأمريكية والأممية والسعودية) تأتي ضمن الضغط الدولي لإنهاء الحرب في اليمن “لتشكيل فريق يتغلب على الصعوبة التي تواجه المفاوضات بين الجانب السعودي الحوثي، والحوثي مع الحكومة الشرعية”.
وأضاف أن هناك جهود تبذل من قِبل دول الإقليم وخاصة الكويت والرياض، بالإضافة إلى الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية، لإنهاء الحرب.
وتابع: واضح أن هناك رغبة كبيرة في إنهاء ملف اليمن بشكل عاجل، وهو الوعد الانتخابي الذي أطلقه “بايدن”.
وأضاف الجهوري أن الحوثيين “طلبوا ضمانات في حالة انخراط الجماعة في العملية السياسية القادمة، وكيف يكون وضعهم خلال المرحلة القادمة”.
وأشار إلى أنه كان “هناك اتفاق أن يكون المجتمع الدولي أن يكونوا جزء من العملية السلمية، وجزء من عملية المفاوضات التي تنتهي بتشكيل حكومة وحدة وطنية بين الشمال والجنوب، من جميع الأطراف وتستطيع قيادة اليمن لفترة مؤقتة حتى إجراء انتخابات”.
معركة مأرب
ويوم الأربعاء الماضي التقى “جواد ظريف” بالمتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام في مسقط، حيث أكد له موقف طهران المؤيد لوقف إطلاق النار والعودة لطاولة المفاوضات لإنهاء الحرب المدمرة في اليمن.
وسبق وأن أعلنت طهران تأييدها لوقف إطلاق النار في اليمن.
وقال “ياسين التميمي” المحلل السياسي اليمني إن ذلك يعني “أن الأزمة والحرب في اليمن تبلغان مرحلة حاسمة، ليس تأسيساً على إرادة الأطراف اليمنية التي تخوض الحرب على الأرض، بل على إمكانية نجاح الإدارة الأمريكية في حمل السعودية، وهي أهم مؤثر إقليمي في هذه الحرب على القبول بإعادة تكييف مبادرتها لوقف إطلاق النار”.
وأضاف: بحيث تلبي أولويات مليشيا الحوثي وتحقق جزءا من تطلعات إيران لإبقاء نفوذها الإقليمي حياً ومؤثراً في منطقتنا، دون تنازلات جوهرية من جانب طهران وحلفائها.
ويبدو أن الترحيب الإيراني والدولي الداعم لمبادرات وقف إطلاق النار، لن يأتي ثماره، في ظل تمسك الحوثيين بالتصعيد العسكري في محافظة مأرب.
ويوم الأحد، دعا “ليندركينج” والسفير الأمريكي لدى اليمن، كريستوفر هنزل إلى إنهاء هجوم الحوثيين على مأرب.
وطالبا-حسب تغريدة ل”مكتب شؤون الشرق الأدني” التابع للخارجية الأمريكية-: الحاجة إلى التوافق في الآراء لإنهاء هجوم الحوثيين على مأرب ووقف إطلاق نار شامل على مستوى البلاد”.
وأضافا: أن الدول الأعضاء الخمس (P5) الدائمة في مجلس الأمن مصممة على حل النزاع وترحب بالعمل الجماعي.
واستأنف الحوثيون مطلع فبراير/شباط تحرّكهم للسيطرة مدينة مأرب، الواقعة على بعد 120 كلم شرق العاصمة صنعاء، حيث يعيش قرابة مليوني نازح. لكنهم فشلوا في تحقيق أي تقدم كبير نحو المدينة الغنية بالنفط حيث يتلقون مقاومة كبيرة من الحكومة اليمنية والمقاومة الشعبية.
وتصاعدت الحرب في اليمن منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم محافظات البلاد ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، المعترف بها دوليا، على الفرار من العاصمة صنعاء. وفي مارس/أذار2015 تشكل التحالف بقيادة السعودية لدعم الحكومة الشرعية ومنذ ذلك الوقت ينفذ غارات جوية ضد الحوثيين في أكثر من جبهة.
ويشن التحالف غارات جوية بشكل مستمر على مناطق سيطرة الحوثيين، ويطلق الحوثيون في المقابل صواريخ على المملكة العربية السعودية.
وقتل عشرات الآلاف نتيجة الحرب وتشير تقديرات غربية إلى سقوط أكثر من233 ألف يمني خلال السنوات الست. كما تسبب القتال الدائر في البلاد بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب الأمم المتحدة، إذ يحتاج نحو 24 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.