رمضان ومأساة المختطفين
يأتي شهر رمضان المبارك ويكتمل معه العام السابع الذي يعيش فيه المختطفون في السجون تحت التعذيب وبين الظلم والحرمان، يواصلون صومهم عن الأكل من يوم لآخر ويفطرون على التعذيب الجسدي الذي لا يرحم، وعلى وجع الفراق.
استقبل الناس رمضان هذا العام بكثير من الخوف والهلع جراء ارتفاع الأسعار إلى الحد الذي لم يكن ليخطر على بال وكذلك انتشار الأمراض والأوبئة القاتلة وتفشي الموجة الثانية من كوفيد 19.
لكن المختطفين وأسرهم مازالوا يستقبلون رمضان بالوجع ذاته الذي يكابدونه للعام السابع على التوالي، فلم يعد أمر الغلاء والأوبئة المنتشرة مقلقًا لهم فهم الذين يمتلكون من الهم ما يكفي ومن الأوجاع ما ينسيهم الواقع ومن فيه كما تقول إحدى أمهات المختطفين.
تقول إن لا هم لا سوى ابنها فكلما جد جديد في الواقع يسقط همها كله كيف يكون ابنها إثر ذلك، والآن وقد أقبل الشهر الكريم وهي ما تزال في انتظاره في كل لحظه وحين، وتقول عندما تقضي نهارها بالصوم تتذكر ابنها كم يطول صومه ياترى؟، وكم يتحمل من الجوع والعطش والتعذيب؟، فهي كلما قدمت سفرة الإفطار يأخذها الشرود طويلًا تعيش حالة من القلق والتوتر ومن الخوف الكبير، تتضارب الأسئلة في رأسها، ترى أين يكون ابني الآن؟، هل سمع صوت الأذان؟ هل سيفطر مثلنا أم أن صومه سيستمر لأيام طوال؟، وما الذي سيقدم له يا ترى؟ هل سيقدم له طبق من الأكل أم ساعات من التعذيب والضرب المبرح، ثم ما تبرح الأم أن تغادر سفرة الإفطار لترمي بجسدها الهالك_ الذي أهلكه البكاء فلم يعد فيه معلم للراحة_ ترمي به في إحدى زوايا البيت وتزداد بالبكاء المرير الذي أصبح من عاداتها اليومية، تدعو على من كان سببًا في غياب ابنها عنها طوال هذي السنين وتدعو الله أن يعيده لها سالمًا معافى إلى بين أحضانها قبل أن يأتيها الموت الحتمي الذي اقترب موعده وأوشك أن يأتي.
فالمختطفون في سجون الحوثيين يعيشون مأساة إنسانية كبيرة جراء افتقادهم لأبسط مقومات الحياة، وافتقارهم لأبسط الحقوق، حيث لا قيم ولا ضمير لدى مليشيا تريد حكم اليمن بالحديد والنار، في أسوأ وضع إنساني وحقوق بالعالم.
العديد من المختطفين تعرضوا للتعذيب في سجون الحوثيين، منهم من فقد حياته ومنهم من ينتظر مصيرا مأساويا بسبب الظلم والقمع الكبيرين.
يعيش العالم شهر رمضان المبارك، فيما آلاف يعانون في السجون، ويتجرعون الويلات، دون سبب سوى أنهم يريدون الحرية ولا يركعون لمليشيا الخراب والدمار والعنصرية.
إلى الذين الذين يعيشون خلف الزنازين ينتظرون الفرج من الله حتى يروا النور ويعيشوا كبقية الناس، إلى الذين لم يقترفوا ذنبـًا يستحق كل هذا العذاب وهذا الغياب الذي يعيشونه، دمتم لأهلكم نورًا وأعادكم الله كي تقر أعينهم ولا يحزنوا بعد ذلك أبدًا.