كيف تلعب روسيا ببراعة في اليمن مستخدمة سياسة “بايدن”؟.. معهد دراسات أسترالي يجيب
يمن مونيتور/ ترجمة خاصة:
قال المعهد الاستراتيجي الأسترالي، إن روسيا تلعب ببراعة مع اللاعبين المحللين والدوليين في اليمن. معتبراً أن النتيجة الحتمية لسياسة الولايات المتحدة الجديدة تجاه اليمن ستؤدي لأن تكون لـ”موسكو” اليد العليا في البلاد.
وأشار المعهد في تحليل كتبه “عوفيد لوبيل” الباحث في المعهد إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي من عمقت التدخل الروسي في اليمن، إلى جانب العلاقة القوية بين طهران وموسكو. محذراً من أن استمرار السياسة الأمريكية تجاه اليمن قد يؤدي إلى استبعاد “الرياض والحكومة الشرعية” من أي عملية سياسية في اليمن وستبقى فقط “أبوظبي، وموسكو، وطهران” وحلفاء العواصم الثلاث المحليين في اليمن في مرحلة اليمن القادمة.
وقال الكاتب إنه منذ فبراير / شباط، أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بوضوح مقاربتها للحرب في اليمن، ويمكن تلخيص هذا النهج في إعطاء الأولوية لبعثات مكافحة الإرهاب الضيقة والمساعدات الإنسانية مع متابعة الدبلوماسية متعددة الأطراف بقيادة الأمم المتحدة لتحقيق وقف إطلاق النار والتسوية السياسية لأنه “لا يوجد حل عسكري”.
مطابق للمقاربات التي اتخذتها الإدارتان الأمريكيتان الأخيرتان تجاه سوريا، حيث رسخت روسيا نفسها بقوة كصانع ملوك
وأضاف المعهد: إذا كان دليل القواعد هذا يبدو مألوفًا، فذلك لأنه مطابق للمقاربات التي اتخذتها الإدارتان الأمريكيتان الأخيرتان تجاه سوريا، حيث رسخت روسيا نفسها بقوة كصانع ملوك بالشراكة مع حلفاء الولايات المتحدة وخصومها – وهي نتيجة سهلتها للأسف الولايات المتحدة نفسها.
وأكد “أن النتيجة الحتمية لسياسة إدارة بايدن بشأن اليمن، مع هدفها الشامل المتمثل في إنهاء التدخل السعودي، ستشهد مرة أخرى أن تتولى روسيا دور الحكم الأعلى، كما فعلت في العديد من النزاعات والأزمات في جميع أنحاء المنطقة”.
مفاتيح نجاح روسيا
وقال المعهد الاستراتيجي الأسترالي: إن أحد مفاتيح نجاح روسيا في هذا الصدد هو قدرتها على الحفاظ على الاتصال الودي مع كل طرف فاعل حكومي وغير حكومي متورط في نزاع معين، مع الاحتفاظ بهالة من الحياد العملي والموثوقية، وهي ظاهرة وثقها الباحث صموئيل راماني في مايو/آيار 2019 في اليمن.
وتابع التحليل -الذي نقله للعربية “يمن مونيتور-: كان أول شيء فعله الحوثيون بعد انقلابهم عام 2015 هو التواصل مع موسكو. وكرروا دعوتهم للتدخل الدبلوماسي الروسي في عام 2018. وكعنصر أساسي في “ محور المقاومة ” الإيراني، يجب أن يُنظر إلى تواصل الحوثيين على أنه ينبع من التحالف الروسي الإيراني الأوسع الذي كان مرئيًا من فنزويلا إلى أفغانستان. حيث تعملان (موسكو وطهران) يدا بيد لتقويض نفوذ الولايات المتحدة عالميا مع دعم الأنظمة المتحالفة. ساهم هذا التحالف أيضًا في أن تصبح روسيا لاعبًا رئيسيًا في السياسة اللبنانية.
بالإضافة إلى ذلك أقامت روسيا أيضًا شراكة استراتيجية مع أحد خصوم إيران المفترضين، الإمارات العربية المتحدة، وعملت بشكل مطرد على تعميق علاقاتها مع المملكة العربية السعودية أيضًا. كلا البلدين، مثل إيران، كانا يرغبان أيضًا في جر روسيا إلى اليمن. حتى الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح (الذي كان متحالفاً مع الحوثيين حتى مقتله 2014-2017) مدّ يده إلى روسيا، وعرض حقوق إنشاء قواعد عسكرية في البلاد.
ويشير المعهد الأسترالي إلى أنه “بحلول عام 2016، أثبتت روسيا نفسها كوسيط رئيسي بين “صالح” والسعودية، بما في ذلك العمل كوسيط لحكومة عبدربه منصور هادي اليمنية المدعومة من الرياض. عندما بدأ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وهو حركة انفصالية يمنية، في محاربة “حكومة هادي” في حرب ضروس قسمت التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، حاولت روسيا مرة أخرى زرع نفسها بين الاثنين.
الإمارات عمقت التدخل الروسي في اليمن
وأكد أن الإمارات هي التي عمقت نوعياً التدخل الروسي في اليمن، على الرغم من انسحابها من البلاد من الناحية الفنية.
وقال المعهد الاستراتيجي الأسترالي إنه في أواخر أغسطس/آب 2019، بدأت أبوظبي في تيسير الاجتماعات بين المجلس الانتقالي الجنوبي ومبعوث بوتين الخاص للشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف. وفي نفس الفترة، التقى الروس بالحوثيين وحتى “نجل صالح”، مع استمرار الاتصال بممثلي هادي.
وأشار المعهد إلى أن “أحد أغنى وأقوى اللاعبين في اليمن، أحمد العيسي، ذهب إلى روسيا العام الماضي لإجراء محادثات مع بوغدانوف ومسؤولين آخرين حول توسيع دعم موسكو لفصيله، التحالف الوطني الجنوبي. وأشاد بمواقف روسيا ووضعها إلى جانب مواقف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة”.
ستُترك روسيا، بصفتها شريكًا وثيقًا لكل من الإمارات وإيران ووكلائهما، في وضع أقوى بكثير للتوسط في تقسيم اليمن
عاد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مؤخرًا من جولة إقليمية إلى الإمارات والسعودية وقطر لتعزيز دور روسيا كمدير للصراع في الشرق الأوسط.
روسيا والإمارات وإيران فقط في اليمن
مع استمرار الحوثيين في هجومهم على مأرب، آخر معقل للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، يطالب المجلس الانتقالي الجنوبي بإجراء استفتاء على الاستقلال. رئيس المجلس عيدروس الزُبيدي ذكر مؤخراً أن انتصار الحوثيين قد يؤدي إلى وضع يكون المجلس الانتقالي مسيطراً على الجنوب فيما يسيطر الحوثيون على الشمال. وقال -الزُبيدي- إنه في هذه الحالة، سيكون من المنطقي إجراء محادثات مباشرة بين الأطراف المسيطرة.
ويشير التحليل إلى أن من الواضح أن “اتفاقية السلام بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية في طريقها للانهيار، لذا فإن الأشهر القليلة المقبلة قد تشهد اختفاء هادي، وبالتالي المملكة العربية السعودية، كقوة ذات صلة في اليمن، مما يجعل نهج الولايات المتحدة بأكمله تجاه الصراع موضع نقاش.
في الوقت ذاته “ستُترك روسيا، بصفتها شريكًا وثيقًا لكل من الإمارات وإيران ووكلائهما، في وضع أقوى بكثير للتوسط في تقسيم اليمن”.
وقال المعهد الاستراتيجي الأسترالي: بالمقارنة مع السعودية، التي يُقال إنها تجري محادثاتها رفيعة المستوى مع إيران بشأن اليمن، فإن الإمارات أقل عداءً لإيران حيث أنها ثاني أكبر شريك تجاري لإيران ومركز لخرق العقوبات الإيرانية، الأمر الذي سيجعل مناورات روسيا الدبلوماسية أبسط بكثير. ستكون النتيجة المرجحة وضعًا مشابهًا للكيان الكردي في شمال سوريا وتعايشه المضطرب مع نظام بشار الأسد.
قد يتم إخراج السعودية من الصراع على أي حال من قبل الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي
صلات إيران بالمجلس الانتقالي
ويشير التحليل إلى أن “ما يزيد من سهولة مهمة روسيا هو صلات إيران طويلة الأمد مع سلف المجلس الانتقالي الجنوبي، الحراك الجنوبي، بما في ذلك زعيمه علي سالم البيض، الذي يعيش في بيروت التي يسيطر عليها حزب الله والذي اتهمه سفير الولايات المتحدة السابق في اليمن جيرالد فيرشتاين بتلقي دعم مالي من إيران. كما تحتفظ إيران بعلاقات مع نشطاء الحراك المقيمين في اليمن، بما في ذلك بعض الذين استضافتهم في طهران.
وتابع: أخيرًا، من المحتمل أن يكون لإيران نفوذ على علي ناصر محمد، الذي يقيم حاليًا في دمشق المتحالفة مع إيران، وهو، مثل “البيض”، زعيم سابق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة.
وقال المعهد الاستراتيجي الأسترالي إن “عداء أمريكا الخطابي تجاه السعودية ورفضها الدعم العسكري للعمليات السعودية جردها من أي نفوذ قد يكون لديها في المفاوضات – وقد يتم إخراج السعودية من الصراع على أي حال من قبل الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي”.
واختتم بالقول: من ناحية أخرى، فإن روسيا، بعد أن أقامت علاقات ودية على قدم المساواة مع جميع الأطراف بما في ذلك السعودية، مع عدم الضغط على أي من هذه الأطراف لتحقيق نتيجة محددة، فإنها في وضع جيد لتقشير حلفاء الولايات المتحدة واحدًا تلو الآخر واستقطاب العملية الدبلوماسية بأكملها مرة أخرى”.
المصدر الرئيس