الارهاب بالمفهوم الذي صار متداولا تتعدد خلفياته، فليست الخلفية الدينية هي الوحدة تُكَونه، ولكنه – في مجتمعنا – يرجع إلى سببين رئيسين، أحدهما اجتماعي سياسي، والآخر فكري ثقافي، والأول يرجع إلى تأثير المحيط والبيئة، والثاني يرجع إلى بنيتها الذَّاتية. الارهاب بالمفهوم الذي صار متداولا تتعدد خلفياته، فليست الخلفية الدينية هي الوحدة تُكَونه، ولكنه – في مجتمعنا – يرجع إلى سببين رئيسين، أحدهما اجتماعي سياسي، والآخر فكري ثقافي، والأول يرجع إلى تأثير المحيط والبيئة، والثاني يرجع إلى بنيتها الذَّاتية.
أما الجانب السياسي فيتمثل في:
1 – أن من يعارضون الاستبداد السياسي للفرد، شرَّعوه في نفس الوقت للحزب والجماعة، بمبرر الحق السياسي في تنفيذ برامجها.
تتعامل التيارات السياسية مع المجتمع كحقل تجريبي تتدرب فيه على فن السياسة وفقاً لبرامجَ بعضها مرتجل والآخر مقلَّد، والثالث مُحنَّط.
وقد عوَّدتنا الحزبية على إنتاج فكر سياسي حرفي وأنانية تُوطد لأنصارها، وتسعى لاضعاف وتهميش من لا يقبل التغريد في سربها، وعلى هذا الأساس يتوجهون نحو تكريس تقاسم إدارة شأن البلاد، وتوزيع خيراتها على أسس حزبية ومناطقية ومذهبية، مما يشعل فتيل التنافس «بالحق والباطل»، وتنطلق كل جماعة في إعداد نفسها وفرض وجودها ولو بقوة السلاح، لتكون حاضرة بقوة لتحصل على نصيبها من وطن صيره الساسة من أبنائه: كعكة يتسابق الجميع على قضمها.
2 – تلويث أجواء الحياة بألوان من التضليل الإعلامي، والخداع السياسي، وجر المكونات القبلية إلى وحل الاستنفار العشائري، وإغراق الجماعات الدينة في التحريض المذهبي، والتهييج الطائفي، وهذا مما يجعل الجميع يولون اهتماما بالأذرع المسلحة للدفع تارة والقمع أخرى.
3 – التردد في الإقدام على مصالحة جادة تحرق ملفات الماضي، وتحرر الحاضر من تبعاتها، ليتفرغ الجميع لما يتطلبه المستقبل.
4 – لا يزال حب السيطرة والتسلط مستشرٍ بيننا بشكل مخيف، فالكل يريد أن يحكم، وليس فينا من هو مستعد لأن يكون مجرد مواطن؛ وإن توفرت له أسباب العيش الكريم.
5 – القصور في منظومة القوانين والتشريعات التي تنظم سير الحياة وتحمي حقوق الإنسان في الوجود والتفكير والحصول على أسباب العيش، وإن وجد شيء من التشريعات كان مجرد حبر على ورق، لا يحل مشكلة ولا يحفظ حقاً، ولا يطمئن خائفاً.
أما المؤثرات الفكرية فإن البحوث المتخصصة في دراسة ظاهرة العنف المنظَّم تُجمع على أنها تعاني من مشكلة فكرية إن كانت خلفيتها دينية، أو مشكلة ثقافية إن كانت خلفيتها اجتماعية، أو مشكلة في وضوح الرؤية إن كانت خلفيتها سياسية، ومن مظاهر ذلك:
1 – أن بعض الجماعات الدينية تعتقد أنه لابد من حمل الحاضر إلى الماضي، لنعيشه – قسراً – هناك؛ مقتنعين بأن الماضي كان أصلح من الحاضر، وبالتالي يتعين على الجميع العودة إلى تفاصيله وتطبيقها، إذ “لا يصلح آخر الأمة إلا بما صلح به أولها”.
2 – لا يزال بعض من قذفت بهم الظروف إلى واجهة الزعامة، وتهيأت لهم أسباب القيادة يعيشون دون سن الإيمان بحق الآخر في الوجود والعيش الكريم، لأنهم غارقون في وحل نظرية حتمية هلاك الجماعات والفرق المخالفة لهم، إلا من منحوه بطاقة عضوية في مذهبهم، وقبلوا انتماءه إلى جماعتهم.
3 – وجود خلل في مناهج البحث ومراجعة الذات والجدية في الكشف عن حقيقة ما يسترسل معه كلٌ منا من مسلمات، وينتج ذلك الخلل – في تصوري – نتيجة الجهل بضوابط البحث العلمي والتملص من إلزامية القواعد والمبادئ الجامعة، مما يسلب البحث قوته ويحرفه عن مساره، بل ويحوله إلى منصة لإطلاق المواقف المتشنجة التي تؤجج الخلاف وتثبيت العصبيات.