أرقام فلكية ومخاوف من قتل “المتعة”… لماذا يثير دوري السوبر الأوروبي الضجة والغضب؟!..
(يمن مونيتور)
على مدار 24 ساعة، تصاعدت وتيرة الحديث عن بطولة أوروبية جديدة أعلنت عنها أندية الصفوة في القارة العجوز بشكل مفاجئ، يبدو أنها لو انطلقت فعليا فستكون مدمرة لدوري أبطال أوروبا، أهم بطولة أوروبية على مستوى الأندية حاليا.
وخلال يومي الأحد والاثنين تكشفت حقائق مثيرة عن سر تمسك الأندية الأوروبية الكبرى بإقامة هذا الدوري الذي أعلن 12 ناديا عن تأسيسه الليلة الماضية، وأبرزها حصول الأندية على أكثر من 3 أضعاف عائداتها بدوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
فما هو دوري السوبر الأوروبي؟
مشروع بطولة أعلن عنه 12 ناديا أوروبيا، سينطلق قريبا مع انضمام 8 أندية أخرى ووصول “المؤسسين” إلى 20 ناديا.
ما الأندية المنخرطة في المشروع حتى الآن؟
الـ12 ناديا التي أعلنت انطلاق البطولة هي 6 من إنجلترا (مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وتشلسي وأرسنال وتوتنهام هوتسبير وليفربول)، و3 أندية إيطالية (يوفنتوس وميلان وإنتر ميلان)، و3 أندية إسبانية (ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد).
ومن المنتظر أن تنضم 8 أندية أخرى غير معروفة بعد، من بينها 3 ستعلن اللحاق بركب البطولة مباشرة، بينما تتأهل 5 أندية أخرى بناء على نتائجها في الموسم السابق.
ما نظام البطولة؟
البطولة المقترحة ستتألف من مجموعتين، بكل منهما 10 فرق، تخوض مبارياتها في منتصف الأسبوع إلى جانب مباريات دورياتها المحلية.
تبدأ البطولة من أغسطس/آ[، وتخوض فرق كل مجموعة مباريات ذهاب وإياب، على أن تتأهل من كل مجموعة أول 3 فرق إلى دور الثمانية، ثم يخوض أصحاب المركزين الرابع والخامس بطولة مصغرة لإكمال الدور ربع النهائي.
أما باقي الأدوار فستقام بنظام خروج المهزوم حتى يقام النهائي في مايو/آيار.
وحسب منظمي البطولة الجديدة، فإن نسخة منها للنساء ستنطلق بعد بدء بطولة الرجال.
وقال رئيس نادي ريال مدريد رئيس دوري السوبر أيضا فلورنتينو بيريز: “سنساعد كرة القدم على كل المستويات وسنصل بها إلى مكانتها الصحيحة في العالم. كرة القدم هي الرياضة العالمية الوحيدة في العالم التي تضم أكثر من 4 مليارات مشجع ومسؤوليتنا كأندية كبيرة هي الاستجابة لرغباتهم”.
ومن المنتظر أن تصل مداخيل البطولة من حقوق البث التلفزيوني إلى 4 مليارات دولار سنويا، ستحصل منها الأندية المؤسسة على النصيب الأكبر.
مليارات
وذكرت صحيفة “ماركا” (MARCA) الإسبانية أن ما ستحصل عليه الأندية المشاركة في دوري السوبر الأوروبي الانفصالي يبلغ 3.5 مليارات يورو في البداية، حيث يتولى بنك “جي بي مورغان” الأميركي الدعم المالي للمشروع.
وسيحصل الفريق البطل على نحو 400 مليون يورو، وهو مبلغ ضخم يبلغ أكثر من 3 أضعاف الـ 120 مليون يورو التي يمنحها اليويفا للفائز بدوري أبطال أوروبا كل عام.
وقد حصل برشلونة، الذي بلغ نصف النهائي عام 2019، على جوائز بقيمة 117 مليون يورو.
وأضافت الصحيفة المقربة من نادي ريال مدريد -الذي يقود رئيسه فلورنتينيو بيريز البطولة الجديدة- أنه بالنسبة لبقية 1.95 مليار يورو في دوري السوبر الأوروبي، فسيتم تسليم 488 مليونا (25%) كدفعات أولية و585 مليونا بناءً على النتائج.
وستذهب 30% أخرى من المدفوعات على أساس ما حققه النادي على مدى السنوات العشر الماضية. وهذا يترك 292 مليون يورو (15%) ستنفق في أبواب الصرف الإضافية.
وأشارت “ماركا” إلى أن تركيبة البطولة الجديدة تجعلها فرصة مربحة للعديد من شبكات البث التلفزيوني، وهو ما سيضاعف أيضا أموال البث التلفزيوني لتصل قيمتها إلى 10 مليارات يورو، مقارنة بـ 4 ملايين حققها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عام 2020 من البث التلفزيوني لكل مسابقاته.
غضب بقية الأندية والوصول إلى السياسيين
على الفور خرجت الإدانات من الاتحادات المحلية في أوروبا، والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، فضلا عن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
وقال الفيفا مساء الأحد: “أي مسابقة كرة قدم، سواء كانت وطنية أو إقليمية أو عالمية، يجب أن تعكس دائما المبادئ الأساسية للتضامن والشمولية والنزاهة وإعادة التوزيع المالي العادل”.
وتابع: “علاوة على ذلك، يجب على الهيئات الإدارية لكرة القدم أن تستخدم جميع الوسائل القانونية والرياضية والدبلوماسية لضمان استمرار ذلك”.
وقال الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إن هذه الخطوة ستكون “ضارة بالكرة الإنجليزية والأوروبية على جميع المستويات”، وأنها “ستهاجم مبادئ المنافسة المفتوحة والجدارة الرياضية التي تعتبر أساسية للرياضة التنافسية”.
وأضاف: “لن نمنح الإذن لأي مسابقة من شأنها الإضرار بكرة القدم الإنجليزية، وسنتخذ أي إجراء قانوني و/أو تنظيمي ضروري لحماية المصالح الأوسع للعبة”.
وقال اليويفا: “سننظر في جميع الإجراءات المتاحة لنا على جميع المستويات، القضائية والرياضية على حد سواء، من أجل منع حدوث ذلك. كرة القدم تقوم على المنافسات المفتوحة والجدارة الرياضية، ولا يمكن أن تكون بأي طريقة أخرى”.
وتابع الاتحاد الأوروبي: “كما أعلن سابقا من قبل الفيفا والاتحادات الستة، سيتم منع الأندية المعنية من اللعب في أي مسابقة أخرى على المستوى المحلي أو الأوروبي أو العالمي، وقد يُحرم لاعبوها من فرصة تمثيل منتخباتهم الوطنية”.
وأضاف: “نشكر الأندية في الدول الأخرى، خاصة الأندية الفرنسية والألمانية، التي رفضت الانضمام إلى هذا. وندعو جميع عشاق كرة القدم والمشجعين والسياسيين للانضمام إلينا في القتال ضد مثل هذا المشروع إذا كان لهم ذلك. هذه المصلحة الذاتية المستمرة لعدد قليل من الناس مستمرة منذ وقت طويل. هذا يكفي”.
وصلت الانتقادات إلى أروقة السياسة الأوروبية، حيث قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن الدوري الجديد “سيضرب قلب اللعبة المحلية، وسيثير قلق الجماهير في جميع أنحاء البلاد”، لكن لماذا؟
يرى المنتقدون أن الدوري الجديد “منتزَع بالقوة” من جانب الأندية الكبرى، وأن البطولة “منافسة مغلقة”، و”وسيلة لهذه الأندية لضمان المزيد من الأموال لأنفسها”.
كما يشعر المشجعون بالضيق، لأن المنافسة ستفقد إثارة الصعود والهبوط التي شوهدت في بطولات كرة القدم الأخرى، وبالتالي ستفقد اللعبة الإثارة.
ومع وجود عدد قليل فقط من المواقع المتاحة كل عام للفرق خارج المجموعة الرئيسية، يُخشى أن تنعدم المنافسة، مما يترك مجموعة حصرية ونخبة لا يمكن المساس بها في القمة.
وقال زعيم حزب العمال البريطاني السير كير ستارمر المعروف بمساندة أرسنال: “هذا الاقتراح يخاطر بإغلاق الباب في وجه المشجعين إلى الأبد، ويحولهم إلى مجرد متفرجين ومستهلكين”.
كما قال السير إد ديفي، زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار البريطاني: “هذا جشع. يمزق قلب اللعبة الإنجليزية، ويترك الأندية في جميع أنحاء البلاد تعاني بعد عام سيئ”.
وهاجم النجم البرتغالي المعتزل لويس فيغو البطولة الجديدة، وقال عبر حسابه في تويتر “هذه الخطوة الجشعة ستؤدي إلى كارثة على مستوى قاعدة كرة القدم الجماهيرية ككل. الفكرة جاءت فقط لخدمة أصحاب المصلحة الذاتية الذين توقفوا عن الاهتمام بمشجعيهم منذ فترة طويلة، وتشكل تجاهلا للجدارة الرياضية”، واصفا الوضع “بالمأساوي”.
من ناحيته، علق النجم الألماني مسعود أوزيل عبر تغريدة قال فيها “متعة المباريات الكبيرة أنها تحدث مرة أو مرتين في السنة، وليس كل أسبوع، من الصعب حقا فهم ما يجري”.
من جانبه، اقترح النجم الإنجليزي السابق غاري لينكر أن تقاطع الجماهير هذه البطولة الجديدة، من أجل إفشال خطط الأندية التي بادرت بها.
وانضم برونو فرنانديز لاعب مانشستر يونايتد وجواو كانسيلو لاعب مانشستر سيتي إلى زميلهما بمنتخب البرتغال دانييل بودينسي مهاجم ولفرهامبتون في انتقاد الفكرة عبر حساباتهم بموقع إنستغرام. وكتب فرنانديز “الأحلام لا يمكن أن تشترى”.
وقال أندير هيريرا لاعب باريس سان جيرمان إن المشروع سيقتل أحلام الجماهير، وكتب عبر حسابه في تويتر “اذا أقيم دوري السوبر ستنتهي الأحلام وتتبدد طموحات جماهير الأندية الصغيرة في الفوز والمنافسة في أفضل المسابقات. أؤمن بتطوير دوري الأبطال وليس سرقة الأثرياء لفكرة ابتكرها الناس في أجمل رياضة بالكوكب”.
(الجزيرة نت -سكاي نيوز-كورة)