“ايش ذا.. ولا في مسلسل لفت انتباهي، كلها عبارة عن أحاديث متكررة بدون أي أحداث مشوقة ولافتة”، هكذا يبدو لسان حال العديد من المتابعين للدراما اليمنية في رمضان.
هناك انتقادات كبيرة للدراما المحلية في رمضان الحالي، من قبل قطاع واسع من الجمهور الذي يشير إلى ضعف حاد في الإنتاج الدرامي هذا العام شكلا ومضمونا.
لكن من ناحية منطقية يفترض أن يتم هذا النقد بطريقة مهنية وعقلانية بعيدا عن العواطف والتقليد الأعمى للآراء دون فحص وتفكير مسبق.
نستطيع القول إن مجمل الأعمال الدرامية هذا العام لا ترقى أبدا إلى طموحات الجمهور اليمني المتعطش إلى مشاهدة دراما محلية محل جاذبية وذوق وتأثير، ومحل فخر أيضا.
معظم الأعمال الدرامية اليمنية هذا الموسم تفتقر حقيقة للنص الفعال والمؤثر والجذاب، إضافة إلى افتقار في الحبكة الدرامية والأحداث الجذابة التي تشد الجمهور وتكسبه في صفها وتجعله يتابع باهتمام وتشوق لمشاهدة المشاهد المقبلة.
أيضا حتى في مسألة أماكن التصوير هناك قصور كبير وواضح، مثلا ثمة مسلسل يتم تمثيل معظم مشاهده في سفينة، وآخر تدور أحداثه في مقهى، فيما تركزت مشاهد كثيرة في أحد المسلسلات على متن حافلة، وإضافة إلى ذلك هناك مسلسل يتحدث عن منطقة معينة وفكرته الرئيسية هذه المنطقة، في الوقت الذي يتم تمثيل كافة المشاهد في مواقع كلها خارج هذه المنطقة التي هي محور وهدف وفكرة المسلسل.
هناك قصور في إتقان التمثيل من قبل الكثير من المؤدين الذين ربما يقومون بالتمثيل وفكرهم مشتت، كونهم يمثلون في أكثر من مسلسل ولديهم هم المشاركة في العمل الدرامي بأكثر من قناة، بسبب أن عملهم دائما “موسمي” ما يجعلهم يحرصون على استغلال الموسم في عمل مكثف بأكثر من مسلسل، وبالتالي تكون النتيجة قصور في الأداء وتراجع في جودة التمثيل، ما ينعكس سلبا على مدى تقبل الجمهور.
الكثير من الممثلين أيضا يشكون من قلة الأجر الفني الذي يمنح لهم من المنتجين، وهذا الأمر ينعكس سلبا على مدى اهتمام الممثل بإتقان الدور والوفاء الوظيفي لصاحب العمل؛ وهذا ينطبق أيضا على كاتب النص ومعد السيناريو؛ فالاهتمام المادي والمعنوي من العناصر الرئيسة التي تسهم في نجاح أي عمل.
هناك ملاحظة أيضا أن ثمة ممثلين معروفين يمثلون بصوت غير صوتهم الحقيقي، يغيرون صوتهم بطريقة غير منطقية ولا عقلانية.. فحسب نص وموقف المسلسل نجد أنه لا داعي حقيقي لاعوجاج الصوت، الذي قد يعتبره البعض “مجرد سذاجة”.
من المهم التأكيد هنا أن معظم الأعمال الدرامية يتم إنتاجها بشكل زمني متسارع دون تخطيط حقيقي وتركيز منطقي، ما يجعل المولود الدرامي يخلق بطريقة شبه مشوهة. هنا يكون الهدف الرئيسي هو الإنتاج وليس ” جودة الإنتاج” وهذه هي الكارثة التي نشهدها.
لا ندري لم هذا التسارع العشوائي، لكن معروف أن الكثير منا نحن اليمنيين متسرعين في كافة حياتنا دون مبرر حقيقي وكأنها ” عادات وتقاليد” وهذا شيء مؤسف وغير منطقي!
مسألة تركيز الفكرة في العمل الدرامي تعد بمثابة “معضلة” يمنية عصية على الحل.. هناك تشتت واضح في كل أفكار المسلسلات؛ وهذا قصور حقيقي في ركن أساسي من أركان العمل الدرامي يؤثر بشكل سلبي على إتقان العمل وكسب الجمهور.
اليمن تمر في أوضاع شاملة هي الأسوأ عالميا ما يجعل هذا الوضع العام ينعكس بشكل سلبي على كافة الصعد؛ بما في ذلك الصعيد الدرامي.
ومن المهم القول إن استمرار الإنتاج الدرامي في هذه المرحلة الصعبة يعد أمرا عظيما؛ لكن يفترض يكون هناك إدارة حقيقية وتخطيط مسبق وعدم التسرع في كتابة النص والتمثيل؛ إضافة إلى ضرورة إكرام الطاقم الدرامي ما قد ينعكس إيجابا على مستوى جودة الإنتاج.
ومن المهم ذكر أننا ما زلنا في بداية حلقات رمضان، فربما قد يحصل تطور حقيقي في الحلقات المقبلة، وكل شيء وارد. مع أمنياتي لجميع طاقم العمل الدرامي التوفيق والنجاح كونهم يعملون في ظروف بالغة الصعوبة.