رمضان والسلام يا وطن
أحمد ناصر حميدان
ها نحن نستقبل سادس رمضان والبلد في حرب، والحرب لم تتوقف بعد ,بل لازالت مستمرة بمبرراتها العقيمة , ولازالت فكرة اجتثاث الآخر تعيش في عقلية قوى العنف والحرب , والازال السلام مجرد شعار للترويج والمناكفة السياسية .
المتابع لقنوات قوى الصراع في اليمن شماله وجنوبه، يفقد الأمل في مصداقية تلك القوى للسلام، وخطابها الغير مطمئن للأخر، بل لازال الخطاب يصر على مبررات الحرب , يشحن ويحرض لاستمرار الحرب , و وهم الاجتثاث .
لازال الحوثي يصر على انه يقاتل مرتزقة وارهابيين , ودواعش وتكفيرين , وغير مستعد ان يعترف انهم يمنيين , ولازال الانتقالي يصر على ان يحذو حذوه , ويقدم نفس الخطاب , في رفض واضح للاعتراف بالوجه الآخر المختلف , والشريك المفترض , الشركاء الذين اجتمعوا في الحوار الوطني , وتوصلوا لمخرجات يتغنى بـ أفضليتها وروعتها الجميع , كادت ان تفضي لدولة شراكة تستوعب الجميع , وترسيخ دولة تحترم حق الجميع , تحترم الرأي والمواطنة , وتعزيز العدالة والحرية , وتسوي الملعب السياسي ليكن ضامن لتحقيق إرادة الناس , في أجواء ديمقراطية نزيهة , وصندوق انتخاب نظيف , يٌفرز ليقدم إرادة حقيقة للناس , ومعايير عادلة لضبط العلاقات والوصول للسلطة ,على الجميع دون استثناء القبول بتلك الارادة .
كثر الحديث عن السلام .. والناس تتلقف تلك الأحاديث بشغف الخروج من معاناة لم تعد تطاق , لتجاوز مرحلة انفلات أخلاقي وقيمي وامني وسياسي غير مسبوق , غابت فيه فكرة الدولة الضامنة للمواطنة والحقوق من سلوكيات وثقافة القوى السياسية على الأرض , تلك القوى التي مزقت البلد لمربعات جغرافيا تتسلط عليها دون أن تقدم مثال طيب يمكن القبول به , مما انتاب الناس خيبة أمل .
لم يستطيع الحوثي ان يقدم للناس دولة محترمة , ولم يستطيع الانتقالي ان يكون في مستوى تطلعات من يمثلهم , ولم تكن الشرعية في مستوى المسئولية الوطنية والإنسانية , وبينهما سقط المشروع الوطني والإنساني .
وبسبب ذلك تحول البلد لساحة صراع إقليمي , وتحول جميعهم لادوات , افقد اليمن شماله وجنوبه السيادة والإرادة , وصار مرتع للعصابات والمرتزقة , بتموين إقليمي ودولي , يزيد من حجم الشروخ والتصدعات الاجتماعية والسياسية , و تكبر كرة التراكمات , بحقن الشباب بمزيد من الخصومة الفاجرة , والكراهية المقيتة , والنعرات المناطقية والطائفية ,التي لا يمكن ان تقيم دولة محترمة , تحترم إرادة الجميع ,
لا يمكن الحديث عن السلام , دون تغيير واضح في ثقافة وخطاب القوى السياسية الفاعلة على الأرض , خطاب سلام يقدم ضمانات للأخر وللناس , تغيير نابع عن اعتراف واضح ان العنف خطيئة , وأنه غير مجدي كوسيلة للحسم , اعتراف بحق الاخر بالشراكة , الشراكة المبنية على الندية , المنضبطة بدولة المواطنة , والدستور والقوانين المتفق عليها ,والضابطة لإيقاع الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية , دون ذلك فالسلام مجرد وشعار المناكفة والتربص لفرص الانقضاض على الآخر , في مؤامرات خبيثة مدعومة إقليميا ودوليا , لانهاك البلد وقواه الحية .
القوى الحية , اليوم تعيد ترتيب صفوفها , تلك القوى التي ترفض التدخل الخارجي السافر , الذي يحط من سيادة البلد وإرادته على الأرض , وترتيب صفوف القوى الوطنية على ربوع الجغرافيا اليمنية , لتعيد البلد لمسار مخرجات الحوار الوطني , والدولة الاتحادية , والجميع دون استثناء فيها شركاء , وتجريم الاتهامات والتخوين خارج إطار الدستور والقوانين .
نحن في اول أيام رمضان , والناس تعيش أوضاع سيئة , جوع ومجاعة , قهر ومهانة , لا خدمات ولا رواتب , ولا سبل للحياة والكرامة , بينما ثلة من اللصوص والعصابات , تعيش رغد الحياة , و تعبث بمقدرات البلد , ونهب المال العام والخاص , وتنتهك الحق العام والخاص , في انهيار غير مسبوق لحياة الناس ومستقبلهم , رمضان شهر التوبة والغفران , وفيه السماء مفتوحه للدعوات , وكم يد مظلوم ومقهور ومنتهك سترتفع تدعوا الله الإنصاف , فهل تتعظوا يا أولي الألباب .