رمضان في “تعز”.. بين ناري الحرب والأسعار (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ مختار شداد
تشهد الأسواق في اليمن حركة كبيرة مع اقتراب شهر رمضان المبارك، لكنَّ الأسواق في مدينة تعز تبدو على غير العادة هذا العام، فالمواد الغذائية والاستهلاكية ارتفعت بشكل كبير مؤخرًا، يأتي هذا الارتفاع مترافقًا مع تدني سعر صرف العملة المحلية مقابل النقد الأجنبي، وفي مدينة تعز وضع آخر يضاعف الأسعار دونا عن بقية المحافظات، وهو الحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي ويرغم التجار بحثا عن طرق لتوصيل البضائع..
ويأتي شهر رمضان هذا العام وتعز مازالت ترزح تحت الحصار الذي يدخل عامه السابع على التوالي، يقول مواطنون أن رمضان ما هو إلا امتداد لمعاناة السكان في المدينة طيلة العام.
نحارب الاحتكار لا تسعير السلع
يعاني المواطنون في تعز من الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد، وتفاقمت معاناتهم مع اقتراب شهر رمضان هذا العام، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة كبيرة في الآونة الأخيرة، فإلى جوار تدهور العملة يدفع المواطنون هناك مبالغ أخرى على المواد بسبب الحصار، إذ يقول التجار أن الحصار الذي يفرضه الحوثيون، يجعلهم يبحثون عن طرق بديلة بعيدة جداً، علاوة على الاتاوات التي يدفعونها للنقاط المسلحة.
“عدنان الحكيمي” نائب مدير مكتب الصناعة والتجارة بتعز ، قال لـ”يمن مونيتور” إن ارتفاع سعر صرف “العملة الصعبة” سبب أزمة كبيرة في البلاد على كافة المستويات، مضيفًا: ” هناك أسباب كثيرة لارتفاع الأسعار منها تدهور العملة المحلية والحرب المستمرة بالإضافة إلى صعوبة النقل في الطرقات الوعرة إلى مدينة تعز” وأوضح أن دور المكتب يقتصر على مراقبة المغالاة والاحتكار والغش وليس على التسعير، وعلى المواطنين الإبلاغ عن حالات الاحتكار والغش حسب قوله.
ويحتل شهر رمضان مرتبة خاصة عند اليمنين، تختلف أساليب وطرق استقباله من محافظة إلى أخرى، في مدينة تعز تكاد تكون المظاهر الاحتفالية لقدوم رمضان منعدمة هذا العام، فالحرب والحصار وتفشي وباء كورونا في موجته الثانية، كل تلك الأسباب ألقت بظلالها على المواطنين .
يؤكد “محمد أحمد أنه لا يستطيع مواجهة هذه الأزمة الحالية وتوفير احتياجات رمضان” ارتفاع الأسعار شكل عبء كبير علينا” هذا الأمر يجعل الكثير من الآباء يتخلون عن بعض من المتطلبات الرمضانية لهذا العام كما يقول “محمد”.
حرب العملة
الصحفي المختص بالشؤون الاقتصادية “وفيق صالح” يقول في تصريحات خاصة لـ”يمن مونيتور” إن استمرار تدهور الريال الوطني في ظل عدم قيام الحكومة بأي إصلاحات اقتصادية يعمل على ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل طردي بحكم أن البلاد تستورد 90% من احتياجاتها الغذائية، هذا الأمر يفاقم من الحياة المعيشية للمواطنين.
ويؤكد التاجر “عبد الواسع المقطري” أن حركة السوق في مدينة تعز هذا العام أقل بكثير من الأعوام السابقة وذلك نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتأخر صرف المرتبات بالإضافة إلى ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية، ويضيف قائلًا: “ارتفاع سعر صرف الدولار يجعلنا نضطر أن نشتري المواد الغذائية بالسعر الجديد وبالتالي لا يمكن أن نبيعها بسعرها القديم”.
ويضيف فارق، أن العملة بين مناطق سيطرة الشرعية ومناطق سيطرة جماعة الحوثي تجعل التجار والموردين وأصحاب محلات الصرافة يستغلون هذا الأمر لصالحهم ويتلاعبون بالأسعار في ظل غياب الرقابة من قِبل الجهات المعنية.
تراجع نسبي ومخاطر كبيرة
وتشهد العملات الأجنبية تراجعًا طفيف هذه الأيام مقابل العملة المحلية بهذا الشأن، ويقول الصحفي “وفيق صالح” أن التراجع “النسبي” الذي شهدته أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني لن يؤثر على ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال الوقت الراهن.
وأضاف:” هذا التراجع في أسعار العملات غير موثوق به من قبل التجار، بالإضافة إلى أنه لن يدوم طويلاً في ظل عدم وجود إصلاحات حكومية ومعالجات حقيقة على الأرض تضمن تحقيق الاستقرار في سوق الصرف بشكل مستدام”.
وعن تداعيات استمرار ارتفاع الأسعار حذر ” وفيق صالح” من المخاطر الناتجة عن ذلك مشيرًا إلى أن ارتفاع الأسعار يساهم في توسيع دائرة الكارثة الإنسانية في البلاد وتزايد أعداد السكان الذين هم بحاجة إلى مساعدات عاجلة وتصاعد في معدلات الفقر والبطالة، و”هذا يشكل مخاطر حقيقية على الجميع” على حد تعبيره.
وسط هذه الأجواء يستقبل المواطنون في تعز شهر رمضان هذا العام فالحرب والحصار والأسعار المرتفعة التي تنهش جيوبهم الخاوية لم تمنحهم النفسية المناسبة لاستقبال هلال الشهر الفضيل.